المحامي فيصل البطاينه يكتب : ماذا بعد سقوط الأسد

ما يدور على الساحة السورية نتيجته اما هزيمة الثورة في سوريا وعودة الجيش الحر والخلايا المساندة له إلى خارج الحدود السورية سواء إلى العراق أو إلى تركيا أو إلى الأردن أو إلى لبنان بالإضافة لعودة بعض قياداتهم إلى أمكنة تواجدها في أوروبا وفي المهجر, وإما أن يسقط النظام السوري ويأتي إلى سوريا بريمر جديد قد يرتكب حماقة حل الجيش السوري على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية في العراق وانعكاسات تلك الفرضية على الأردن ستكون وخيمة خاصةبالنسبة للوضع الداخلي الأردني. 
الإسلاميون سيخرجوا من عنق زجاجة النظام الأردني الذي ترعرعوا بحمايته لهم منذ بدايات تأسيسهم وكانوا على الدوام اللعبة الطيعة في يد الدولة الأردنية خاصة بالخمسينات والستينات من القرن الماضي. وبدأوا يخرجون على القبضة الأردنية منذ نشوء حركة حماس الذراع العسكري لهم إلى أن فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية وبعدها فصلت غزة عن الضفة الغربية بمباركة أمريكية صهيونية عربية.

أما الأردنيين من أصل فلسطيني فهم على قسمين, قسم يحمل الهوية الوطنية الأردنية إلى جانب هويته النضالية الفلسطينية وهم يشكلون غالبية الأردنيين من أصل فلسطيني وقسم احتفظ بهويته النضالية واعتبر الهوية الوطنية الأردنية عبارة عن جواز سفر يبيح له التنقل حتى إذا ما استقروا في بلد آخر تنكروا لمن وقفوا معهم وقفة مهاجرين وانصار وغالبية أولئلك هم من الطبقة المسحوقة أو المترفة ويشكلوا نسبة قليلة من الطبقة التي هي بمستوى طبقة اخوانهم الأردنيين من أصل أردني وغالبيتهم الطبقة المتوسطة حيث يحملوا الهويتين الوطنية الأردنية والنضالية الفلسطينية.
أما تأثير سقوط النظام السوري على الدولة الأردنية بثوابتها وبعناصرها لا شك أنه امعان في اضعاف للدولة الأردنية بمواجهة اسرائيل التي تسعى لابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وتهجير أهلها قسرا " ترانسفير " إلى شرق النهر وتحقيق فكرة الوطن البديل بعد خروج على اتفاقيتي وادي عربة واوسلو.
تلك الفكرة التي يسعى لها الأمريكان والصهاينة كحل أمثل سريع لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني من جهة وعلى حساب الأرض الفلسطينية كاملة والحقوق المشروعة من جهة أخرى. ومن ثم تتغير تسمية القضية الفلسطينية لتصبح القضية الأردنية بمكونات المتواجدين على الأرض الأردنية ومما يساعد على تحقيق هذه النتائج هو ضعف امكانيات الأردن الاقتصادية والتي تعتمد بغالبية دخولها على المساعدات الأجنبية المشروطة ضمنيا, والمساعدات العربية التي ان لم تكن مشروطة ضمنيا أو صراحة فإنها بدل حماية حدود تلك الدول الشقيقة من الآفات الاجتماعية.
وهنا يلاحظ عدم تدخل اسرائيل بما يدور على الساحة السورية بشكل واضح وذلك لاعتمادها على تدخل امريكا وحلفائها الأوروبيين وحماية للتدخل الغربي المتحالف معهم فلو تدخلت اسرائيل بصورة و اضحة لوقف الشعب العربي بغالبيته مع النظام السوري بمواجهة العدو الصهيوني. أما بالنسبة لايران والعراق فلا شك أن هناك أمور معلقة بين الإيرانيين والأمريكان في موضوع المفاعل النووي وفي موضوع اقتسام العراق مما يجعل الأيرانيين يتريثوا في دعم السوريين حقيقة ويكتفوا بالتصريحات ويبقوا على موقف جزئي مساند حتى النهاية للنظام عن طريق حزب الله في لبنان. أما تركيا تستعد لأخذ حصتها من الكعكة العربية اقتصادياً إلى جانب ايران بعد أن أخذت من الكعكه جزء من لبنان ومن العراق تبحث عن موقع سياسي. مما يجعلنا نؤكد على أن تركيا وايران دول ساعية لمصالحها.
وخلاصة القول أن سقوط النظام السوري يعجل في تغيير الخارطة السياسية الشرق الأوسط حيث يسارع في تحقيق الرغبة الأمريكية الصهيونية بانجاز خارطة شرق أوسط جديد. كما يساعد على حل الخلافات الأيرانية الأمريكية بعد قبض الايرانيين لبقية الثمن. مثلما يساعد على تصفية القضية الفلسطينية على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى حساب كيان ووجود الدولة الأردنية مستقبلاً خاصة بعد أن تخلص الاسرائيليين من القوى العربية الأساسية التي تساقطت في السنين الماضية ابتداءً من العراق ومروراً بمصر وليبيا وتونس كل ذلك بمصاحبة تحالف الاسلاميين مع الأمريكان والأتراك بدعم من بعض الدول الخليجية. حيث تتجدد اللعبة الاستعمارية ( عندما يقوى الشعور القومي يضعفه المستعمرون بتقوية الشعور الديني وهذا جربناه معهم منذ الحروب الصليبية وحملة ابراهيم باشا على بلاد الشام ثم ظهور الأحزاب القومية كحركة القوميين العرب والبعث وغيرها ثم ظهور ودعم الثورة الإيرانية الاسلامية عندما تعاظم الدور القومي لدول المنطقة وشعوبها.
أما بالنسبة لموقف روسيا والصين فإن تجربتهم في ليبيا اسقطت جدية مواقفهم من الحسابات ووقوفهم مع سوريا يذكرنا بوقوفهم مع ليبيا عندما بدأوا يطالبوا بحصتهم من الكعكة الليبية بعد سقوط القذافي.

حمى الله الأردن والأردنيين وان غداً لناظره قريب.
بناءً على طلب الكاتب نعتذر عن قبول التعليقات