حينما تدور الرحى بين الموظف الضعيف والمتعجرف ..

ترزح المناطق النائية – وكما هي العادة بالحكومات المتعاقبة- تحت وطأة التهميش والركن على رف بالي خصص لتعليم الموظفين اساليب القفز على الحبل والتلاعب بالمواطن كيفما يشاؤون بعيدا عن اعين الرقابة التي قلما نجدها ببلادنا في مركز صنع القرار فما بالكم بمناطق تبعد مئات الكيلومترات عن العاصمة ونادرا ما يتذكر مسؤول بان له رعية يتبعونه فيها ليطمئن عليهم شخصيا.
التواصل المقطوع بين النائي من المناطق ومواطنيه من جهة وبين مراكز صنع القرار بالعاصمة لم يكن مرده ضعف المواطن القاطن بتلك الاماكن، بل يعود الى استغلال الموظف العام لطيبة المواطن وقناعة المواطن بان هذا الموظف او ذاك ومهما كبرت مقاماتهم في تلك الاماكن انما وجدوا لخدمتهم ، وانهم يصدقون دوما بوعودهم.
ذاك المواطن الذي يراجع دائرة هنا ودائرة هناك بظل سيادة مبدأ السلطة المستبدة ، يبقى رهينا لتسلط الحاكم الاداري الذي غالبا ما يحجز نفسه ضمن اطار ضيق يتلقى من خلاله تعليمات تسيير الامور اليومية لدائرته ومعظم الدوائر في المنطقة من مدراء الدوائر الذين باتوا يعتبرون انفسهم فوق القانون وانهم خلقوا ليتزنموا مراتب عليا في الوظيفة وان لا شبيه لهم اخلاقيا او ادبيا ولا حتى انسانيا.
وهنا، اخاطب الحاكم الاداري باعتباره المسؤول الاول والاخير ضمن اختصاصه في المنطقة الجغرافية عن تظلمات المواطنين لا ان يصبح معينا للتجبر والظلم الذي يمارسه يعض المسؤولين في الالوية والاقضية البعيدة عن مراكز المدن ، والتي نشأ اغلب مواطنيها على حب الوطن وتشربوا مفاهيم ان المسؤول وجد لقيادتهم وتوجيههم نحو مصلحتهم وان ما يتفوه فيه المسؤول مصدق حتى يثبت العكس،وهيهات ان يثبت العكس ما دام جل البدلاء يسيرون على ذات الخطى من التجبر والظلم والتهميش للضعفاء.
ما اثار حيفظتي اليوم لاثارة مسألة التجبر والظلم ذاك الذي نقل لي من مواطنين في لواء الكورة مستجيرين بالله وبالملك والحكومة بان يخلصوهم من التهميش وتسلط بعض المسؤولين في منطقتهم ، فيعز علي وانا بعيدا عن جزء من الوطن الذي خدم اغلب سكانه بالقوات المسلحة والاجهزة الامنية ان يصبحوا مرتعا لبعض الانفس المريضة والتي طال فسادها حتى الضعفاء من الناس والذي يرتكزون بحياتهم اصلا على مساعدات صندوق المعونة الوطنية.
فحادثة توقيف مواطن لطلبه مساعدة نقدية فورية من مديرية التنمية الاجتماعية وبامر من الحاكم الاداري فتحت الباب على مصراعية ليبدأ المسؤولين في التنمية الاجتماعية ووزارة الداخلية وغيرها من الوزارات بتقليم اظافر موظفيهم وتعليمهم مبدأ النخوة قبل تخميش وجوه المواطنين الضعفاء اصلا والذين لا يملكون حولا ولا قوة الا بالاستناد على مؤسسات الدولة في زمن سيطر فيه رأس المال على كل شيء حتى تلك المساعدات التي تأتي باسم الفقراء والمحتاجين.
حادثة سجن المواطن ونحن على ابواب النصف الثاني من شهر رمضان الفضيل كشفت بان جل المسؤولين في المناطق النائية بعيدين كل البعد عن اساس وجودهم في تلك المناطق ، بل اثبت اغلبهم بانهم لا يخدمون الا مصالحهم والا كيف يوقف مواطن لطلبة مساعدة لتوفير وجبة الافطار خصصت اصلا لمساعدته وفي الوقت ذاته يرتع مئات الاشخاص بين البيوت والشوارع والاشارات يشحذون وينصبون على المواطنين دون رقيب او حسيب.
الاساءة التي بدأها مدير التنمية الاجتماعية في لواء الكورة الاربعاء بحق المواطن واكمله الحاكم الاداري ما كان يجب ان يكون لو افهم مدير التنمية عند تعيينه بان ما يتلقاه من مبالغ شهرية يجب انفقاها على المعوزين من المواطنين لا ان يخزنها بقاصة المديرية ليعيدها الى مصدرها مع اخر الشهر ليثبت لوزيره ومسؤوليه اولا بانه يحافظ على المال العام ، وليعطي صورة تخالف الواقع ثانيا عند حرمان المعوزين من ابناء اللواء من مساعدات خصصت لهم اساسا لمساعدتهم على سد جزء من احتياجاتهم اليومية وبالتالي اثبات الفكرة الجدلية دوما حول عدم حاجة هؤلاء المواطنين ويجب تحويل تلك المبالغ لمناطق اخرى.
حادثة لواء الكورة ، وما رافقها من قبل ومن بعد من تصرفات لمدراء التنمية الاجتماعية في اللواء يجب ان تكون بداية النهاية لتسلط المسؤول في جميع المناطق النائية عن صنع القرار، لا سيما وان جميع الوزراء في العاصمة يتحدثون عن اصلاحات وخطط تنموية قصيرة وطويلة الامد فكيف يستمرون بغفلتهم عن مرؤوسيهم في تلك المناطق وتصرفاتهم البالية، خصوصا وان التحدي الذي اعلنه مدير التنمية وتكرار اساءاته لابناء اللواء اثبتت بانه لا يصلح لان يكون مسؤولا عن فقراء بات رأسمالهم في هذا الوطن كرامتهم وان اتكأوا على مضاجعهم خاوي البطون.
الحادثة بحاجة لوقفة صارمة من وزير التنمية الاجتماعية ووزير الداخلية ، ولاعادة نظر بكل تفاصيل التعيينات العشوائية في المناطق النائية والتي لا ابالغ ان وصفتها بالوظائف التدريبية التعليمية لينتقل بعدها الموظف الى مكان اكثر سلطة بين جنبات المدينة ، فالمواطن في المناطق النائية بات يتميز بالوعي ايضا كابن المدينة وان صمت على حقه هنيهة من الزمن.