د. رحيّل غرايبة يكتب :الإفطار على مائدة جميل هلسة

اخبار البلد_ مبادرة الأستاذ "جميل هلسة" المسيحي ديانةً، والعروبي القومي توجهاً وانتماءً، والإسلامي ثقافة وحضارة، في المواظبة على عمل إفطار رمضاني سنوياً، يلتقي على مائدته رجالات الحركة الإسلامية والشخصيات الوطنية الأردنية من كل الاتجاهات السياسية والفكرية، ورجالات الدين المسيحي، والشخصيات النقابية، يعد ذلك مبادرة وطنية ناجحة بامتياز، فقد كان له قدم السبق بإيجاد هذا اللون من الدعوات الهادفة والبناءة التي تحمل دلالات إيجابية عميقة، ومظاهر رائعة في تجسيد الوحدة الوطنية الأردنية التي يجب أن نسعى جميعاً لحفظها وصونها ورعايتها.
اختيار الأستاذ "أبو عمر" لشهر رمضان تحديداً ليكون مناسبة فاعلة ومؤثرة نحو إيجاد هذه التظاهرة الوحدويّة الرائعة، اختيار موفق وذكي وناجح، يصلح أن يكون نموذجاً عملياً في تعزيز أواصر الوحدة بين مكونات المجتمع الأردني الذي كان دائماً عصيّاً على محاولات التفتيت والشرذمة وإثارة النزعات التفريقية.
شتان بين من يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى ترسيخ معاني التقارب، وتعزيز أواصر اللقاء المشترك بين أفراد المجتمع الذين يجمعهم قارب هذا الوطن وسفينة هذا المجتمع، ويجمعهم حبهم لوطنهم، والتفاني من أجل حمايته والذب عنه، وبين من يسعى إلى التفريق والتقسيم وإثارة النعرات التفريقية والانتماءات الجهوية الضيقة من خلال دق الأسافين بين مكونات المجتمع، ومن خلال الاستمرار في توزيع الاتهامات الباطلة، وإتقان فن الشتائم والقدح والتشويه، واللعب على منطق إثارة كوامن الخلاف بين القوى السياسية والاتجاهات الفكرية.
إفطار "جميل هلسة" أصبح معلماً أردنياً بارزاً، وحدثاً رمضانياً مشهوداً على المستوى المحلي، يعبر عن أصالة هذا الشعب وطيب معدنه، ويعطي صورة مشرفة لهذا المجتمع المناكف، ويحفزنا جميعاً ويزرع فينا الأمل بإمكانية النجاح في هذا المضمار إذا توافرت الإرادة الصادقة والنوايا المخلصة، والتفكير السليم بطريقة علمية منهجية صحيحة، ويعبر عن الاستجابة الجمعيّة للمبادرات الخيّرة التي تسهم في معالجة الاختلالات والتصدعات التي يحدثها العابثون وقصار النظر في الجدار الاجتماعي الأردني.
نحن بحاجة إلى مزيد من المبادرات الإيجابية الأخرى في هذا المسار المهم والخطير في حياتنا جميعاً، نحن بحاجة ماسة إلى إعادة التماسك للبناء المجتمعي وبحاجة ماسة إلى اليقظة والانتباه تجاه أولئك الذين يلعبون على حبل المتناقضات ويجدون أنفسهم في مساحات الفرقة والاختلاف، ويقتلهم الخوف من الوحدة الشعبية المتماسكة، والتوافق العاطفي والفكري والسياسي على الثوابت الكبرى للوطن، وعلى مقومات المصلحة العليا للمجتمع بكل مكوناته وأطيافه.