لأسباب مختلفة لم يتمكن الاردن من الانضمام الى منظومة مجلس التعاون الخليجي، التي اكتفى قادتها بطرح صيغة متقدمة للتعاون بين الجانبين تكون في مرحلتها الاولى من خلال صندوق التمويل الخليجي بكلفة خمسة مليارات دولار للسنوات الخمس المقبلة.
الدول الرئيسة التي ستساهم في الصندوق هي السعودية والكويت وقطر والامارات، بحصة تبلغ1.25 مليار دولار، تتوزع دفعاتها على فترات مختلفة من عمر الصندوق.
الحكومة بدورها تعمل على اعداد قائمة متكاملة من المشاريع الراسمالية الاستثمارية التي ترغب في تمويلها لاثرها الحيوي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للمملكة.
هنا تكمن قدرة الجهاز الرسمي في اختيار المشاريع التي تولد قيمة مضافة عالية على الاقتصاد المحلي وتساهم في تعزيز الاستثمار.
في الواقع ان المشاريع الراسمالية التي تضعها الحكومات المختلفة في موازنة الدولة والتي عادة تقترب من المليار دينار سنويا، بعيدة كل البعد عن المفهوم الحقيقي للمشروع الراسمالي، والتي عادة ما تكون في الواقع نفقات تشغيلية، لأنها لا تساهم أبدا في التشغيل، ولا تستخدم منتجات وطنية، ولا تزيد من الصادرات، ولا تجلب عملة صعبة للمملكة.
لذلك يبدأ التحدي أمام راسم السياسة الاقتصادية في اعداد موازنة ذات مضمون تنموي حقيقي، ويكون ذلك باعداد قائمة المشاريع الراسمالية الاستراتيجية، والتي يجب ان تحوّل الى الصندوق الخليجي قبل ادخالها الى الموازنة، لضمان تمويلها.
تاتي أهمية الصندوق الخليجي في ان الحكمة تمتلك مرونة كبيرة في توزيع المشاريع الراسمالية بين الموازنة والصندوق، واذا ما اعتبرنا ان حجم الانفاق السنوي في الصندوق حوالي ال1.25 مليار دولار، فان ذلك يعني ببساطة ان الحكومة ستتوفر لها آلية مباشرة في تخفيض عجز الموازنة بهذا المبلغ، وبالتالي لا يتم رصد المشاريع الراسمالية في الموازنة الا تلك المشاريع المتعاقد عليها مع المانحين والممولين، أي المشاريع التي تمتلك الموازنة فعلا مخصصات لها، لا ان تنتظر مساعدات استثنائية كما جرت العادة.
الحصول على تمويل خليجي من خلال الصندوق لمشاريع حيوية واستراتيجية يتطلع الى تنفيذها الاردن منذ سنوات سيساهم بطريقة مباشرة في احداث نقطتين مهمتين، الاولى تتعلق بجذب المستثمرين الى القطاعات التي يتم تمويلها من الصندوق، الثاني ستساهم في خفض كلف الاستثمار وتزيد العائد الاستثماري للمشاريع الممولة لانها توفر دعما بطرق غير مباشرة، مثال على ذلك السكك الحديدية والتي يحجم عنا المستثمرون لضعف المردود الاستثماري الناتج عن ارتفاع كلف التشغيل.
إعداد حزمة مشاريع الصندوق بشكل مثالي وفق أسس مدروسة وذات جدوى اقتصادية سينقل الاردن الى مرحلة نوعية جديدة اكثر استقرارا وانتاجا وتأهيلا، فالمسألة ادارة رشيدة بعيدة عن «الفهلوات الاقتصادية « كفيلة بذلك.