السفير الأمريكي في عمان يثير حيرة السلطات ويضلل الرأي العام

اخبار البلد 
مارس السفير الأمريكي في الأردن ستيوارت جونز كل ألاعيب التضليل السياسي وهو يحاول خداع حراك الشارع والقوى السياسية والحكومة بنفس الوقت عندما يفاجيء الرأي العام بسهرة رمضانية شبابية يتحدث فيها عن قناعته بأن الخطوات الإصلاحية التي إتخذها النظام حتى الأن مرضية وواعدة .
جونز المكروه جدا في اوساط الحكم والقرار بسبب ملاحظاته النقدية الجريئة والخالية من الحصافة الدبلوماسية أحيانا إعتبر وجود هيئة مستقلة لإجراء الإنتخابات خطوة ممتازة تحافظ على النزاهة وتحدث بنفس لغة وزراء الداخلية الأردنيين عندما أشار لبرنامج إصلاحي عبر مراحل وخطوات وفقا لشهادات الحضور.
اللعبة الأكثر تضليلا في حديث السفير الأمريكي برزت مع النسبة التي إختارها لكي تمثل الإخوان المسلمين وحضورهم في المجتمع فقد قال أنها {35%} .
قبل يومين فقط من سهرة السفير الرمضانية جلس رئيس الوزراء فايز الطراونة في سهرة مماثلة وتحدث عن تمثيل الحركة الإسلامية ل {10% } فقط من الشارع الأردني .
توحي نسبة السفير جونز ضمنيا بأن حق الإسلاميين يتمثل في تشريع قانوني يضمن لهم 35 % من مقاعد البرلمان , الأمر الذي ينطوي على مجازفة كبيرة جدا ولا يمكنه أن يكون حقيقيا برأي السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي الذي ينادي بقانون منصف يعطي الإسلاميين حقهم العادل من حصتهم في المجتمع ليس أكثر ولا أقل.
المفارقة في تعليقات هذا الدبلوماسي أنها لا تعكس خبرة واقعية في المشهد الداخلي الأردني وتنطوي على تناقض فحتى الشيخ زكي بني إرشيد الرجل الأقوى في التنظيم الأخواني لا يتبنى الرقم 35 % بل يتحدث عن 20 % يريدها على شكل شراكة في القرار السياسي بعيدا عن التبعية.
والتناقض صارخ في مداخلة السفير الأمريكي فالرجل يسوق عمليا خطة الإصلاح بنفس المقاس الذي تسعى إليه السلطة حاليا ..الأكثر حساسية أن السفير الأمريكي وهو يضاعف من نسبة الإسلاميين قصدا أو بدون قصد يتبنى تماما موقف القوى المحافظة ومراكز الثقل الأمنية في الدولة الأردنية تجاه المسألة الإصلاحية فحتى الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات لا تقول علنا أو سرا أنها ستضمن نزاهة العملية الإنتخابية ورئيسها عبد الإله الخطيب الذي يعرف الأمريكيون جيدا أكثر حذرا من سفيرهم عندما يتعلق الأمر بوعود النزاهة .
يبدو جيدا في السياق أن السفير الأمريكي يروج للنظرية البيروقراطية والأمنية التي تقول بأن الإنتخابات ستعقد نهاية عام 2012 بمن حضر والأغرب أن الحكومة نفسها لا تلتزم بذلك فقد إستخدم الناطق الرسمي سميح المعايطة مفردة {سنسعى} وهو يتحدث عن إجراء الإنتخابات قبل نهاية العام الحالي .
لذلك إستغرب كثيرون من خلفيات ما قيل على هامش اللقاء الرمضاني الشبابي للسفير الأمريكي خصوصا وأن الإنطباع العام عنه شخصيا أنه يكثر في إتصالاته الجانبية من إتهام المؤسسة الرسمية والحكومات المتعاقبة بممارسة {الكذب الإصلاحي} فقد نقلت ثلاث شخصيات سياسية رفيعة المستوى على الأقل للقدس العربي عن السفير جونز قوله بأن الإدارة الأمريكية تعرف بأن عملية الإصلاح السياسي الجارية في عمان ليست جذرية وخادعة وليست حقيقية .
ولإن السفير جونز تحديدا إسترسل في إصدار هذه التلميحات عدة مرات أصبح {عدم رضا السفارة الأمريكية} قاعدة أساسية في الحديث عن سقف الإصلاحات في الأردن إلى أن برزت السهرة الرمضانية لتؤسس لإنطباع جديد قوامه بأن السفارة الأمريكية تبدو مستعدة لإعادة إنتاج تجربة إنتخابات عام 2007 التي {هنأ} سلفه السابق الشعب الأردني على نزاهتها في الوقت الذي إعترف فيه علنا بتزويرها من أشرفوا وأمروا بعملية التزوير آنذاك.
جونز أيضا متهم في جهاز الإدارة الأردني بأنه ضلل وزير الخارجية ناصر جوده في اللحظة الأخيرة وفي حادث مشهود فيما يخص بنتائج الإنتخابات الرئاسية المصرية ..وقتها تردد بأن وزارة الخارجية الأردنية وبناء على معلومات السفير جونز أبلغت بقية المؤسسات بأن المرشح أحمد شفيق هو الفائز في الإنتخابات فتصرفت الدولة الأردنية على هذا الأساس لأكثر من خمسة أيام قبل أن تنعكس الأمور باللحظات الأخيرة ويفوز محمد مرسي محرجا المؤسسة الأردنية.
الباحث السياسي عمر علوان يعتبر تعليقات السفير الأمريكي بهلوانيات مقصودة تحاول التلاعب بجميع الأطراف في الدولة الأردنية متسائلا :كيف يستقيم القول بأن جرعة الإصلاح المرحلية إيجابية وجيدة حتى الأن فيما يمثل الإسلاميون الشعب بنسبة 35 % ؟… بالنسبة لعلوان هذا كلام تشويشي وتضليلي بإمتياز خصوصا وان السفير جونز نفسه أكثر دبلوماسي غربي يتهم مسئولين أردنيين بالكذب والتضليل .