مسؤولية الأحزاب عن عزوف المشاركة الشبابية

تعرف المشاركة السياسية اولاً بأنها تلك المجموعة من الممارسات التي يقوم بها المواطنون او بها يضغطون بغية الاشتراك في صنع وتنفيذ ومراقبة وتقييم القرار السياسي اشتراكاً خالياً من الضغط الذي تمارسة السلطة عليهم، فهل مشاركة الشباب في العمل الحزبي تأسيساً وتنظيماً وتنفيذاً حقيقية في واقع الأحزاب؟ وهل السياسات الحزبية مسؤولة عن ضعف المشاركة الشبابية؟ لننظر في جملة من الممارسات الحزبية.

فالديموقراطية نظرية على الصعيد الحزبي، والتدوير والاستنساخ جزء أصيل من مسيرة أي حزب في الأردن - الاسماء تتكرر - والقيادات مع تطعيم تقتضية الضرورة يبقى ديكوراً لا يمس إتخاذ القرار في الحزب وكل من يحاول أن يخرج عن هذا الإطار سيواجه بعدد من العقبات تؤدي بالتالي إلى التراجع، واحياناً تهيمن العلاقات الأسرية والعائلية والشخصية المصلحية على الحزب بحيث تبقى نفس المجموعات، ونحن نعلم أن الاسماء التي تسجل والنقود التي تدفع كرسوم واشتراكات تصب في مصلحة اشخاص محددين في الحزب، مما يؤدي إلى احباط لدى الشباب سببه ليس عدم رغبة الشباب في المشاركة وإنما الاحزاب نفسها، ثم تأتي عملية عدم الربط بين النخب السياسية والجماهير بحيث لا يكون هناك إمتداد عمودي وافقي في واقع الحياة الاجتماعية، مرده إلى ضعف الخطاب الحزبي وإعتماده على الخطاب النظري، البيان الذي يكتب على عجل، وردة الفعل تجاه الأحداث، دونما المشاركة في صنعها أو معالجة نتائجها ابتداءً.

ويزيد الطين بلة انكشاف ممارسات سلبية لقيادات حزبية تضعف الثقة بالمثال والقدوة وملاحقة شبهات الفساد المالي والإداري والسلوك الشخصي لبعض القيادات مما يجعل الشباب يبتعدون تدريجياً عن الأحزاب، ويجدر ذلك أن الشباب ليس لديهم العدد الكافي الذي يؤثر في إتخاذ القرار وأن الشباب يتم استخدامهم عند الانتخابات لصالح قيادات الحزب دون أن يكون لهم دور في عملية الممارسة السياسية بشكل فاعل، ثم إن أي فرصة تسنح تقدم لمن حول قيادة الحزب وأمينه العام وليس لشباب الحزب، وإذا تعرض أحد الشباب لمشكلة بسبب الحزب أو لمشكلة شخصية فإن درجة الأهتمام من الحزب لا ترقى إلى مستوى طموح الشباب، ولهذا نجد الشباب ناشطين في الحركات العامة والقضايا العامة أكثر من نشاطهم في الأحزاب، لإنهم هم يقودون الحراك ويتحدثون باسم الحراك، ويضعون شعاراته، وأحياناً هناك محددات لدى الأحزاب بحكم تكوينها وأشخاصها في التعامل مع القضايا العامة والحساسة، بينما لا نجد ذلك موجوداً لدى الشباب في القضايا العامة والحراكات الشبابية، أي انهم يزرعون الشجر ويحصدون الثمر ويشار إليهم وليس إلى غيرهم، وبذلك أرى أن المشكلة موجودة لدى احزابنا أكثر مما هي موجوده لدى شبابنا، وأن المناخ العام الذي فرضه الزمن على الأحزاب والشباب هم وراء هذا العزوف للشباب عن المشاركة ليس بعدم رغبة منهم وإنما بسبب ظروف الأحزاب من جهة والظروف العامة من جهة أخرى.

وأرى أن من جملة الحلول القابلة للتطبيق أن يكون في نظام كل حزب كوتا خاصة للشباب جزء من منظومة الحوار التي يجريها الحزب مع أي جهة كانت، وأن لا يشعر الشباب أن لا يوجد خطابان واحد للتنظير الداخلي والثاني للتعامل مع الأطراف الأخرى والواقع السياسي، وأن تدفع الأحزاب بمجموعة من الشباب للانتخابات النيابية، والمشاركة السياسية، وكما أن هناك كوتا للمرأة لا مانع أن تكون هناك كوتا للشباب، وأن يكون الدور الإعلامي للشباب وجهدهم وتضحياتهم تعود إليهم ولا تسرق مكتسباتهم وجهودهم .