الإخوان.. بين المقاطعة والرفض

في قاموس العمل السياسي ان المشاركة في الانتخابات خطوة ايجابية، والمقاطعة اجراء سلبي يؤدي الى الانكفاء آجلاً، ومهما تكن المبررات.

ويقول الحكيم الصيني ماوتسي تونغ في الكتاب الاحمر ان من اسباب تحقيق اهداف الحزب تضييق الخيارات امام خصمك لتجعله يُفضل ما يحقق مصلحتك انت لا مصلحته هو، وذلك من خلال تحديد الافضليات المتاحة له, وتوضيح اولوياتها بما يتناسب مع الارادة الحزبية لك انت.

ويبدو ان قرار جبهة العمل الاسلامي بمقاطعة الانتخابات البرلمانية في الاردن يصب في مصلحة اعدائها وليس في مصلحة اعضائها.

لم تعد حركة الاخوان المسلمين دعوية تربوية وعظية فقط، فقد تطورت قدراتها السياسية لتغدو مُكوِّناً رئيسيا في المخاض الحزبي السياسي على الساحة الاردنية.

وقد تجسد العداء للحركة الاسلامية في عام 1997 عندما 
احتفل اعداؤها من العلمانيين بقرارها مقاطعة الانتخابات انذاك كي ينفردوا بالساحة السياسية ويفرضوا تحقيق اجنداتهم الحزبية.

ولو تواجد تحت قبة البرلمان عدد من شباب الاسلاميين لما رأينا الاداء الغريب لمجلس (111) وطريقة تصويته.

فقانون الانتخابات لعام 2012 افضل الف مرة من قانون الانتخابات عام 1956 عندما قرر الاخوان المشاركة وفازوا باربعة مقاعد، وابلوا من تحت القبة بلاء حسنا، تجلى عندما اجبروا الحكومة على اطلاق سراح الشيخ امين زيد الكيلاني والمرحوم محمد عبد الرحمن خليفة بعد سجنهما بسبب قيادتهما حراكات الاحتجاج على فساد الحكومة وتبنيها حفلات الاوكرانيات للرقص على الجليد في المدرج الروماني في عمان.

ولم يكن قانون الانتخابات عام 1989 مُنَزَّلاً من السماء عندما شارك الاخوان في العملية السياسية وفازوا ب22 مقعدا برلمانيا, ورئاسة المجلس لثلاث دورات مما اكسب الحركة الاسلامية انتصارات اعلامية وسياسية على صعيد عالمي ومحلي.
وعندما حصلت الحركة على 17 مقعدا في انتخابات البرلمان لعام 2003 لم تكن نصوص القانون واحكامه بعيدة عن الوضع الحالي، وقد فتحت القبة البرلمانية لهم افاقا جديدة من العمل المثمر على صعيد عربي وعلى صعيد محلى.

ولم يكن قانون الصوت الواحد كُفْراً ورِجسا عندما شارك حزب جبهة العمل الاسلامي في عدة انتخابات سابقة وفاز بعدة مقاعد بالرغم من التزوير الذي اعترف به ثلاثة رؤساء حكومات سابقين.

فمن المعروف ان الامام الشهيد حسن البنا قد ركَّز على مبدأ التدرج في تحقيق أهداف الدعوة، وفي الوصول الى غايات الاصلاح. والاصلاح من خارج منظومة الدولة ومؤسساتها اصعب كثيراً، بينما يتحقق الاصلاح السياسي، جزئيا إن لم يكن كليا، من خلال العمل البرلماني حيث يمكن ان تتحقق للكتلة الاسلامية ( اذا ما شاركت بالانتخابات ) قوة تصويتية تزيد عن عشرين نائبا، وستستقطب عشرات آخرين ممن تتشابه مناهلهم الفكرية مع النهج الاخواني، وهكذا سيكون لهم الوزن الاقوى.

والخلاصة ان مبدأ التدرج في تحقيق اجندة الاصلاح امرٌ مارسه الامام الشهيد حسن البنا، وحريٌ باخوان اليوم ان يرتضوا بما قبل به السلف في الانتخابات التكميلية عام 1984 وتحت ظل قانون انتخابات اقل ديمقراطية من قانون 2012.