تشير دلائل جديدة إلى إمكانية عودة العمل مرة اخرى بنظام امتحان الكفاءة الجامعية الذي تم ايقافه قبل حوالي اربع سنوات، بعد ان اثبت انه كان معيارا ناجحا لقياس مدى استحقاق خريجي الجامعات الأردنية العامة والخاصة على السواء لدرجة البكالوريوس التي يتم منحها لهم من مختلف التخصصات، لان نسبة لا بأس بها من هؤلاء قد اخفقوا في اجتياز الاختبار الحقيقي الذي يؤهلهم للانطلاق إلى سوق العمل بعد إنهاء السنوات الدراسية الأكاديمية، مما أثار العديد من التساؤلات حول مدى المستوى الجامعي الذي ما يزال اللغط يدور حوله من كل اتجاه=!
مخرجات الجامعات الأردنية من المؤهلات الجامعية في العديد من التخصصات العلمية والأدبية هي دون المستوى في نسبة كبيرة منها، مما يجعلها محورا للانتقاد الدائم لان كل الخطط والمؤتمرات التي تم عقدها خلال السنوات الأخيرة لم تفلح في رفع سوية التعليم العالي، على الرغم من هذا التوسع الهائل في أعداد المؤسسات الأكاديمية الرسمية والخاصة الذي زاد على الثلاثين ربما يفوق ما هو موجود في أية دولة اخرى قياسا على عدد السكان، وهذا ما ادى الى ان يكون كم الخريجين الذي يزيد على الخمسين ألفا سنويا على حساب الكيف والكفاءة العلمية المتخصصة ! .
يبدو ان مجلس التعليم العالي قد بدأ يأخذ زمام المبادرة في الآونة الأخيرة من اجل تصويب ما يعتري المسيرة الجامعية الأردنية من اختلالات كثيرة على اكثر من صعيد، حيث تزايدت قراراته على نحو ملموس في اغلاق بعض الجامعات وإيقاف القبول في البعض الآخر مع تحديد أعداد المقبولين في التخصصات التي توسعت من دون أن توفر الحد الأدنى من الشروط الأكاديمية، وكذلك الحال بالنسبة إلى مراجعة معايير الاعتماد التي يفترض توفرها فيها بعد أن أدى إطلاق الحبل على الغارب من دون ضوابط إلى ما يشبه الانفلات في الدراسة الجامعية وتدخل رؤوس الأموال حتى في أدق شؤونها الأكاديمية ! .
المعروف أن امتحان الكفاءة الجامعية الذي تم تطبيقه قبل سنوات قد واجه اعتراضات شديدة من قبل معظم الجامعات الأردنية وعلى وجه الخصوص في القطاع الخاص، بعد أن كشف عيوبا خطيرة في مدى استحقاق الكثير من الخريجين للدرجات الجامعية التي حصلوا عليها من دون أن تتوفر فيهم المستويات العلمية حتى في حدودها الدنيا أحيانا، ولهذا تم الغاؤه استجابة لضغوط المنتفعين الذين يفضلون ابقاء الحال على ما هي عليه بلا أي امتحان لخريجي جامعاتهم ما دام يكشف المستور في كيفية ادارة الدراسة الجامعية على نحو يفقدها معاييرها العلمية المعتمدة في مختلف أنحاء العالم لتظل بعض الجامعات عبارة عن مؤسسات جباية وتراكم أرباح تحت عباءة الصفة الأكاديمية ! .
التوجهات التي تم الإعلان عنها من قبل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لإعادة العمل بامتحان الكفاءة الجامعية قد لا تمر بسهولة لانها ستواجه مقاومة شرسة كانت قد احبطته في الماضي وتأمل ان تواجهه بالضربة القاضية من جديد، ما دام يكشف خبايا التعليم الجامعي وتدني مستواه إلى درجات لا يجب السماح بها تحت أي ظرف، لان التعليم العالي بحاجة إلى إعادة النهوض من الانتكاسات التي تعرض لها لا إلى المزيد من التراجع، فإذا كانت الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة واثقة من نفسها فعليها أن تقبل بقياس مستوى خريجيها بلا أي اعتراضات مهما كان نوعها ! .