الحسم الغائب في قضايا الفساد !.

ليست فقط بعض التيارات والشخوص السياسية في البلاد هي التي سعت الى ركوب موجة الفساد كمادة شعبية تحصد تأييدا في الشارع , فثمة حكومات سعت الى ذلك بدلا من عقلنة الصخب حول الملفات غثها وسمينها .

خلال أقل من شهر من عمر الحكومة السابقة أحصينا عشرات التصريحات التي تجاوزت صخب الشارع , ونقلت هذه القضايا من أروقة التحقيقات التي يفترض أن تكون سرية الى الشارع , بينما لم نشهد حتى اللحظة قضية منها منظورة أمام القضاء , وحتى لا يتعجل أحدهم الحكم فالقضايا المنظورة , سواء تلك المتعلقة بتجاوزات أمانة عمان الكبرى أو في قضية موارد وقضية مدير المخابرات الأسبق , فلم تأت من نافذة المؤسسات المدنية العاملة في مجال مكافحة الفساد.

كل ما تحقق من مكافحة الفساد حتى اللحظة مجرد أهداف سياسية وضعت الدولة ومؤسساتها في محل شك , فلا تزال الشائعات تأكل الشارع دون حسم في نتائج التحقيقات أو في أروقة المحاكم , والثمن تقديم رموز مرحلة , تسعى بعض الأصوات لتجييرها لمحاكمة نهج أو فترة زمنية حددت بعشر سنوات !!.

التصريحات الحكومية إياها لم تكن تعكس الجدية في مكافحة الفساد , بقدر ما كانت تلهب العواطف وتزيد من إثارة الصخب والحنق وكأن الغاية كانت مجرد استجابة سريعة لضغوط شعبية لإعادة إنتاج الشائعات المختلطة على شكل حقائق تدفع بها تسريبات رسمية وغير رسمية الى الشارع مجددا تارة على شكل ملفات قيد الإعداد وتارة أخرى على شكل معلومات لا يؤكدها او ينفيها احد عن توقيفات ومنع من السفر وهروب ولجوء تغرق المجتمع والناس في أجواء من الشكوك والغموض . للأسف ثمة قوى من داخل الدولة تساعد على تحقيق هذه الأهداف , وهذه القوى تذهب في إتجاهين , الأول رفع السقف في قضايا ليست ذات جوهر فبات الرجوع عن هذا السقف صعبا , فرأوا أن المصلحة تقتضي التسخين في هذه القضايا كلما لزم الأمر , بما يبقيها عالقة الى ما لا نهاية , أما الإتجاه الآخر فهم مسؤولون سابقون عادوا من منبر الدولة الى منابر المعارضة كضحايا لتعطيل الإصلاح ولقوى الفساد !.

هذه هي الصورة التي نراها اليوم , هي إلتقاء وإن كان مؤقتا لمصالح تدفع بقضايا الفساد المزعومة الى الواجهة كلما مضى قطار الإصلاح قدما , لكنها ستتشابك عند مفترق طرق عندما تحين ساعة الإصلاح المكتمل بالإنتخابات وبتكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار .