إرادة التدمير

التعاطي مع الفلسفة والحكمة قرعاً بضربات المطرقة، البحث عن كل ما هو إشكالي في الوجود، التهوام في ربوع الممنوع والمقدس، التسلح ضد الإنسانية ، البحث عن المعرفة كجوع الأسد، هذه هي حكمة فيلسوف عمره الحقيقي من عُمر الأرض.

كان يتفيىء تحت ظلال شجرة وارفة حين أتاه الوحي مبشراً إياه بالإنسان الأعلى، فتحت هذا العنوان كُتب لفسلفته النصر، وتحت هذا البند ألقى بنظره إلى الكون، لكم هو مغبوطٌ حين جعل كل الوجود مستلقياً تحت قدميه..


من يعرف كيف يتنفس من الكتابات التي تملأ أناجيل ذلك النبي ، يُدرك انه هواء أعالي ، رياح جبال ، وأن الخطر ليس بيسير، خطر الإصابة ببرد التحطيم والتدنيس.


همس الشيطان ذات صبيحة بأذنه بعد أن تجفف بهواء الجريمة وسفك الدماء، فداعبه الجنون هنيهةً ، وقال له : أيا إبليس أتوسل إليك ، نظرةً أقلُ شزراً، فإن العالم مطبوعٌ بخطايا الإله، فهو " الشماعة التي نعلق عليها خطايانا"!.


ما الرابط بين نيشته ورامبو بل وأنطونين أرتو صاحب مسرح القسوة، وآين راند، فيلسوفة الأنانية المدمرة، ربما يكون سراب ذاك الوهم، غلواء المسيحية، ألم يكن مسيحيو القرون الوسطى والحديثة أكثر تجذيفاً من إسلاميو اليوم.


فمن المسيحية – والمسيحية وحدها- ورثوا الولع بإنتهاك المحرمات ، ألم تكن المسيحية والإسلام كذلك ورثت الوثنية وجميع الرذائل ، الرغبة والشبق – كما يقول رامبو – ما أروعه من شبق ، إذا كان من إمرأة موشومة بالحكمة والفانتازيا الهيستيرية، لهذا لم يتزوج نيتشه ورامبو وأنطونين أرتو، لأن المشي في سرداب الحقيقة أنار لهم السراج ، تُرى ما العلاقة بين لحظة الإستمناء والشهوة القصوة ، وبين فعل الكتابة عند نيتشه ورامبو وأرتو؟


ربما كان هو الشرك محصلة لتلك الألحان الهجينة على الموحدين، لما كان جان بول سارتر والفيلسوفة سيمون دو بفوار، على علاقة قوية دون أي زواج، رغم انهم يقطنون نفس الشقة لمدة ثلاثين عاماً،أيحتاج التوحيد إلى وثيقة أو ورقة مخروقة ليثبت الإنسان أنه سائر في نفس طريق القطعان، هنالك طرداً إزدايد الحدس مع الجنس والمرأة، لهذا لم يتزوجوا، يكفي أن تكون لحظة الشبق في فعل الكتابة نفسه، ويكون الإنجاب طبيعياً لا قيصرياً!


المبدع الحقيقي يستطيع الكتابة بكل ما يُخل بالأداب، لكنه عاجز عن الكتابة بما يكرس الأخلاق السائدة، ربما نستطيع الكتابة تحت عنوان "اخلاق المبدعين" طرداً مع أخلاق الإنحطاط والرعاع والهمجية!


لقد ركزت المسيحية والإسلام على مفارقة الواقع والجسد معاً، فالحياة قميئة غير جديرة بالحياة في تلك التعاليم، لهذا جلد الحلاج جسده لأنه غير قادر على تحمل الروح، يجب إعادة الإعتبار للحياة بما هي هبة إنسانية للإنسان والجسد ونفسه، يجب أن نصيح مع أليوت عندما خاطب الملايين الذي يعبرون تحت الجسر في تلك الليلة الثلجاء: أين هي تلك الحياة التي أضعناها في العيش؟؟؟