كرابيج حلب


كانت تلك الحلوى الحلبية تصاحبنا في رحلات العودة الى الوطن كلما هاج الحنين الى الاهل والدار والوطن او كلما كنا في اجازة دراسية وكم كان يكون شوقنا للعودة للوطن كذلك كان حنينا للرجوع الى حلب المدينة المتعددة الاعراق والاديان ففيها المسلم والمسيحي واليهودي وكل منهم منقسم الى طوائف ولكن المحبّة تجمعهم وحسن التعامل يقرّب بينهم وراحة العيش تُثبتهم في ارضهم بالرغم مما حلّ بإقطاعييها عند اعلان الوحدة مع مصر عام 1958 حيث اعلن عبد الناصر تأميم المصالح الكبرى في المدينة لصالح الدولة وانتزعت الكثير من ملكيات اهل حلب .
ولكن كرابيج وعناقيد البارود التي تتلقاها المدينة الرائعة هذه الايام ومنذ فترة من المتحاربين فهي بين اثنين احدهما يدّعي انه سيجلب الحريّة والكرامة والعدل لمن يبقى من اهل المدينة والآخر يدّعي انه يُحافظ على المدينة من الغزاة والمارقين والذي يدفع الفاتورة هو ابو اصطيف الغلبان وعائلته ومستقبل ابنائه يدفعها من دم واجساد ابنائه واقاربهم ومستقبلهم واطفال يذهبون الى جنات الخلد بلا ذنب اقترفوه إلاّ ان قدرهم كان في اجمل المدن على الارض ولكنها اصبحت موئلا لنار جهنّم الغرب واسرائيل والمتطرفون العرب كل من زرع فتنة او قنبلة في احد جوانب المباني العتيقة التي شهدت بزوغ التاريخ على الارض قبل بناء قلعة حلب العتيقة فكانت اللغة الحلبية مزيج بين العربية والتركية وبعض الكردية والدرزية ولكن الحلبي يفهمها لانها ترعرعت معه ولذلك نرى اسماء احيائها القديمة باب الله وباب الحديد وباب النيرب حنى تصل الى باب الهوى على حدودها التركية ومع الزمن نرى احياء السبيل والحميدية والسليمانية والجابريّة وبعد ذلك الانصاري والشهباء ومحطة بغداد والشيخ طه وغيرها الكثير من الاسماء التي تعود لفترات حمدانية وعثمانية ورومانية وغيرها.اما اليوم فتلك المدينة الوادعة الجميلة واهلها اللذين يزيدون عن المليونين يواجهون الصعاب والقتل والدمار فهي بين نار جيش يصف نفسه حرّا وهذا بعيد عن الحقيقة والاوْلى ان لم يكن له ارتباطات ان يُسمّي نفسه مستقلا او وطنيّا وكما ابلغني احد القادمين من حلب ان ذلك الجيش يحتل او يُسيطر على مساحات من المدينة ومنها الطريق الى مطار حلب .
وهناك جيش السلطة الحاكمة والتي ما زالت تطرح انها في مواجهة مؤامرة تستهدف النيْل من سيادتها وحريّتها وتغيّر من ممانعتها للسلام مع اسرائيل ولكي تقّرب امريكا الحل وتؤثر على موقف الروس والصينيين تجاه المشكلة اخترعت امريكا قضية الاسلحة الكيماويّة سواء كانت موجودة حقّا ام انها تبريرات لتدخّل مباشر لحسم الصراع حين تشاء ولصالح العالم المعادي للعرب .
هل نتخيل عالما عربيا بلا العراق وسوريّا ومصر اي خال من الامويين والعبّاسيين والفاطميين ومن يبقى لا يأخذ سوى جولة قصيرة من اسرائيل او امريكا لهدم الاقصى وبناء الهيكل وتهويد دولة العصيان بعد تهجير العرب غير المرغوب بهم من مختلف اماكن تواجدهم الى مناطق آمنة تحجّم فيها احلامهم وتطول فيها فترات نومهم وغيابهم عن الوعي القومي العربي وعندها سوف تُشعل النيران تحت صاجات كرابيج حلب والعوّامة من جديد لنُحلّي به من جديد المتبقّي من ايام رمضان المبارك ونترحم فيها على شهداء الحق اللذين لم تمهلهم الاقدار ليأكلوا من كرابيج انتصارهم على الظلم واقامة دولة الحق والعدل والحريّة.
( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ( 9 ) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) صدق الله العظيم