الصفوف

الصفوف الاولى التي كانت في حكم الدول العربية التي طاف عليها الربيع العربي منذ نيف وسنة حالهم لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا بل انهم تحولوا الى وسائل تندر وتهكم من قبل العامة سواء في دولهم اوفي المحيط العربي او في اي مكان يهتم بما يجري في هذا الجزء من العالم.

خذوا مثلا رئيس وزراء ليبيا السابق البغدادي المحمودي الذي وصل الى مطار بلده في حالة يرثى لها وتجوز عليه «الصدقة» وهو كث اللحية متهدل الشوارب قليل الحيلة كثير تجوال النظر في الاماكن التي كانت يوما تهتز من وطأة تواجده في المكان وكان الشباب الذين احاطوا به في ذلك المنظر الحزين يتمنون منه نظرة قاسية أكانت ام حانية بل انهم كانوا رهن اشارته في ان يفعلوا ما يريد وينهوا من يريد وان يتواصلوا مع كل حركة ياتي بها حتى لو اراد ان يحك كتفه او راسه لقاموا بهذا العمل نيابة عنه وهم له شاكرون ان سمح لهم ان يقوموا بذلك.

وهناك السنوسي مدير مخابرات القذافي ويده التي كانت تبطش في كل اتجاه عربيا وافريقيا ودوليا وليبيا وبين القبائل ورجال الدين من مسلمين ومسيحيين وثوريين او دعاة الثورة ولكنه الان لا يجد من يتذكر اسمه وهو بلا قيمة على الاطلاق.

ولا ننسى سيف الاسلام القذافي الذي كان يقول «طز» في المحكمة الدولية والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي و»طز في كل شيء يتحرك على هذه البسيطة «ولكنه الان كالخرقة البالية لا احد يسأل عنه ولم تعد امواله تنفعه ولا وجاهته ولا جاهه وهو الان بحاجة الى من يقول له «مرحبا» ويتمنى لو يرى يوما او لحظة مما فات وانها الايام التي تدور بالناس كما يشاء الله لا كما يشاؤون.

ورجالات الصف الاول في مصر اين هم فهناك رؤساء وزارات تواروا عن الانظار ويتمنون لوانهم ما كانوا بل يتمنون لوان المناصب لم تأتيهم او لم يركضوا اليها فقد «باسوا» الاقدام وقدموا كل شيء للوصول الى المناصب ولكن عندما دارت الدائرة اصبح الجميع يتهربون من كل شيء ويريدون ان يقفزوا بل انهم قفزوا من السفينة تماما ولم يعودوا يرغبون في الحياة وها هو عمر سليمان مدير المخابرات السابق الذي في لحظة واحدة اصبح نائبا لرئيس الجمهورية ولحظة واحدة كان جثة هامدة لا تلوي على شيء فهل من متعظ.

ولنذهب الى الصف الاول في سوريا التي فقدت اقوى رجالها في ضربة اختراقية واحدة وفي مكان لم يكن بالامكان ان يتسلل اليه الذباب الازرق ولا يعرف احد بما يجري في داخل المكان الا انها القدرات الخارقة التي تتحول فجأة من لا شيء الى كل شيء وبلا ادنى تردد بين لحظة واخرى.

فمن كان يصدق ان تكون نهاية اصف شوكت هكذا او وزير الداخلية او وزير الدفاع اوغيرهم ممن طلعت عليهم الشمس ولم تغرب فهل نحن نتطلع الى غد تتساوى فيه الرؤوس والنفوس ولا تقاس الامور الا بما تقدم وبما تملك من امكانيات لا الى كم بطشت وقتلت وداست ويتمت وقهرت وتآمرت ودمرت وخربت؛ لان الشديد ليس بالقوة انما الشديد الذي يملك نفسه عندما توهمه انه يستطيع ان يفعل وان يخرق الجبال طولا.

وفي يوم واحد تموت انفس كثيرة من ذات الوزن الكبير والقوي جدا في البلاد العربية والاسلامية فكان حريا بكل صاحب قرار يركض وراء منصبه وهو يعيث قتلا في الناس ان يتدارك ويدرك ان لكل بداية نهاية وان الناس ليسوا قطعانا من الاغنام تستطيع ان تقودها اينما شئت وكيف شئت فقد شبت الشعوب عن الطوق ولم تعد ترضى بالذل بل هي تطلب الكرامة.