إعلان الشركات الكهربائية أنها ستلجأ إلى عمليات قطع مبرمج للتيار الكهربائي خلال هذا الصيف الذي بدأت فيه موجات الحر القياسية تتوالى بين فترة واخرى، يعني أن الاستطاعة التوليدية الأردنية التي يبلغ سقفها الكلي حوالي ثلاثة الآف ميجاواط لم تعد كافية لتزويد المشتركين على مدار ساعات النهار والليل، لكن من حق هؤلاء اذا ما كان الأمر قاهرا ، ولا بد من تنظيم اقتطاعات مؤقتة ، أن يعرفوا متى يحين دور مناطقهم في مثل هذا البرنامج مع تحديد الفترة الزمنية تماما والإبلاغ عنها مسبقا عبر وسائل الإعلام المختلفة، لا أن يفاجأوا بإطفاءات على حين غرة من دون ان يتخذوا احتياطاتهم لمواجهة حالات يتوقع لها ان تتكرر مرة بعد اخرى ! .
موجة الحر اللاهبة التي سادت إبان منتصف شهر تموز الحالي وتجاوزت فيها درجات الحرارة الأربعين لعدة أيام متتالية، شهدت ارتباكات شديدة في فصل التيار الكهربائي الذي عم العديد من المناطق داخل العاصمة وخارجها بعد أن وصل الحمل الكهربائي إلى اكثر من 2700 ميجاواط، إلا أن الملاحظات عليها أنها كانت من غير سابق إنذار أيا كان نوعه بالإضافة إلى أن القطع كان انتقائيا ربما ليتجنب المناطق المحظوظة شرور توقف التكييف وليلتهب غيرها بالرياح الساخنة ! .
الذي نعرفه أن دائرة الأرصاد الجوية تقوم بالإعلان عن الحالة الجوية لمدة ثلاثة أيام وتضمنها درجات الحرارة القصوى والصغرى نهارا وليلا في مختلف المناطق، وهي فترة كافية كي تعلن الشركات الكهربائية المختلفة ذات العلاقة بتوزيع التيار عبر برنامج الانقطاعات الذي تعتزم تنفيذه بالحي والساعة والفترة الزمنية المحددة وهذا أمر يفترض أن يكون مقدورا عليه من قبلها، لأنه إذا ما كانت معذورة في الأعطال المفاجئة الناتجة عن حوادث تداهمها في الشبكة الكهربائية، فإنها ملزمة باحترام المشتركين ما دامت تفعل ذلك قصدا للتخفيف عن أحمالها خلال ساعات الذروة باعلامهم على الأقل بالحرمان الكهربائي الذي سيواجهونه في قيظ مشتعل ! .
إذا ما كانت الأرقام الرسمة لمصادر الكهرباء تقدر الاستطاعة التوليدية المطلوب إضافتها إلى النظام الكهربائي الأردني لمواجهة النمو على الأحمال المقدرة بحوالي أربعة الآف ميجاواط وفقا للاستراتيجية الوطنية للطاقة للأعوام 2008م حتى 2020م، فان الأمر يتطلب العمل في اتجاهين متوازيين أولهما وقبل كل شيء اعتماد برنامج متكامل ومتوازن للسيطرة على احتمالات الانقطاع المبرمج خلال موجات الحر المعروف مسبقا للمشتركين، بالإضافة إلى زيادة القدرة التوليدية بمشاريع تتناسب مع ارتفاع حجم الطلب الذي تبلغ نسبته 7.4 سنويا ! .
يضاعف من الأزمة الكهربائية أيضا الانتشار الواسع الذي بدأ منذ سنوات قريبة لأجهزة التكييف في المنازل التي كانت محدودة في الماضي إلا أنها تزايدت على نحو قياسي، حيث اظهرت البيانات الإحصائية الأولية لدائرة ألإحصاءات العامة ان قيمة مستوردات الأردن من المكيفات المنزلية واجهزة التبريد على اختلافها خلال الربع الأول من العام الحالي ما يزيد على سبعة ملايين دينار، وهذا ما يظهر العبء الكبير الذي باتت تتعرض له الأحمال الكهربائية خلال موجات الحر التي ما زالت تتوالى ونحن على أبواب آب اللهاب مما يتطلب أن تكون الانقطاعات مبرمجة وبأسلوب حضاري إذا ما كان لا بد منها ! .