المشاركة في الانتخابات.. أمانة ومسؤولية وطنية

من حقنا كاردنيين ان نفاخر الدنيا بإننا عبرنا الامواج المتلاطمة وتجاوزنا الخلاف والاختلاف من اجل الوطن والمواطن، رغم تداعيات ثورات الربيع العربي التي تعيشها معظم دول الجوار ونحن في الاردن وبسبب قرب القيادة السياسية من نبض الشارع واحساسها بمعاناة وتطلعات المواطن، بدأت لدينا عملية الاصلاح الشامل منذ اكثر من عام وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية ولا يتسع المجال لذكرها هنا ولكنني سأحاول في هذا المقال الحديث عن النخب والحراكات والاحزاب التي لا ترغب او لا تنوي المشاركة في الانتخابات القادمة، واقول لهم لماذا المقاطعة ولماذا لا نراجع انفسنا ونسأل انفسنا من هو الخاسر..؟

اقول ان القانون الجديد وتعديلاته الاخيرة قد مرت في مراحل متعددة وهو يمثل نقلة اصلاحية نوعية ويحقق قدرا كبيرا من العدالة في تمثيل مختلف اطياف المجتمع، ولا يمكن ان يكون هناك قانون يرضي الجميع او يرفضه الجميع، بالمقابل اقول للنخب السياسية ونخب المعارضة والاحزاب ونخب الحراكات الشعبية، نحن معكم ومع كل تطلعاتكم ولكن مرجعيتنا جميعا هي الديمقراطية التي تعني «ان تقبل الاقلية رأي الاغلبية وان تحترم الاغلبية راي الاقلية» وهذا ماهو مطبق في معظم دول العالم، وهذا ما تقوم الحكومة بتوجيهات ملكية سامية.

علينا ان نفرق بين القبول والاحترام والرفض والحوار، فالوطن الاردني هو لنا جميعا، والاردنيون هم من أجادوا حياكة الجسد مع جغرافيا الوطن، فالحياة الديمقراطية هي( بنى وقانون)، فالبنى التحتية موجودة والتشريعات متطورة وقانون الانتخاب الجديد حتما سيؤسس لمرحلة قادمة ولحكومات برلمانية، وهذه فرصة ودعوة لكل الكتل والاحزاب وبما فيهم جماعة الاخوان التي نعزّها ونقّدرها وهي جزء من مكونات المجتمع الاردني وندعوها للمشاركة في الانتخابات القادمة وأن تطرح ما لديها من برامج تحت قبة البرلمان من خلال الحوار والمشاركة وليس من خلال المغالبة والمناكفة خارج القبة وهذه فرصة ذهبية لمن يريد الاصلاح والتطوير..، وعلينا جميعا ان نمارس الايثار وليس الاستئثار وان نمارس الاحتواء وليس الاستقواء على الوطن.

صحيح ان الاحزاب الاردنية لا زالت حديثة وتمر في مراحل التأسيس وهي احزاب غير عابرة للمحافظات بإستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي، لذا فان المشاركة والحصول على مقاعد محدودة في البداية سيساعد على ترسيخ وتوسيع مفهوم المشاركة، وحتى لا نضيع الفرصة التي وفرها جلالة الملك بدعوته الى توسيع القائمة الوطنية، وافساح المجال لحكومات برلمانية قادمة ولمدة 4 سنوات ما لم يتم حجب الثقة عنها من البرلمان القادم.

المشاركة في الانتخابات القادمة سيفتح المجال للتعددية في مجلس النواب وفي تشكيلة الحكومات القادمة، والمشاركة أيضاّ ستخرج الوطن من هذا الوضع الراهن وستحقق ما يريده قائد الاصلاح من ان نكون جميعا شركاء في تحمل المسؤولية وشركاء في صنع القرار والتفكير والتخطيط والتنفيذ وهذه الديمقراطية التي تفرز النائب الذي نريد والناخب الذي نريد.

قوة الدولة تأتي من خلال مشاركة بالانتخابات وليس من خلال المقاطعة، لذا ندعو قوى الشد العكسي الى الحوار وتجاوز الخلافات والوصول الى البرلمان وبعد ذلك نبدأ بتطوير التشريعات والاصلاحات من تحت القبة وليس من الشارع.