اتفاقيات استعمارية !.

الإعتقاد بأن إنضمام الأردن لمجموعة من الإتفاقيات التجارية الدولية , شكل إنفتاحا غير منضبط على أفكار وسياسات العولمة وقاد حتى الأن الى أزمات متلاحقة , لا يمكن أن يكون إعتقادا صائبا بالنظر الى ما جناه إقتصاد صغير محدود الموارد يفتقر الى الثروات من مثل هذه الإتفاقيات .

يطالب البعض اليوم بمراجعة هذه الإتفاقيات , التي بحسب إعتقاده لم تكن منصفة للإقتصاد الأردني , بل إن البعض يسمح لأفكاره لأن تذهب لما هو أبعد من ذلك , حينما يقول أن مثل هذه الإتفاقيات هي تعبير إستعماري جديد أرادت فيه الدول العظمى ابتلاع إقتصادنا على طريقة مقولة « نهب الثروات « إياها , ولا يعرف هؤلاء أن الإنضمام الى بعض هذه الإتفاقيات بلغ من جانبنا حدود الإستجداء , وأن قبولنا في بعضها تطلب مفاوضات وشروطا قاسية , بل إن بعض الدول إياها تحفظ على عضويتنا , بالنظر الى حجم الفوائد التي قد تجنيها تجمعات كبرى من إقتصاد صغير غير منتج ولا هو صناعي ولا حتى خدمي ,والفوائد هنا تساوي صفرا .

هذه الإتفاقيات التي يصفها البعض بالكارثة على الإقتصاد أتاحت لهذا الإقتصاد الدخول الى أسواق لم تكن متاحة , ولن تكون , في ظل ضعف الإنتاج وغياب الصناعات الكبيرة القادرة على المنافسة في أسواق العالم .

كان بإمكان الاقتصاد الأردني أن يحقق فوائد أكبر مما تحقق من العولمة , بينما الأضرار لا تكاد تذكر , وإن كانت أدوات الإنتاج لم تحسن الإستفادة من الفرص , فإن مثل هذه الإختلالات هي التي ستحتاج الى مراجعة وتقييم لمعرفة الإخفاق في إلتقاط الفرصة , لمعالجة الثغرات التشريعية والإجرائية , التي حالت دون تدفق ملائم للإستثمارات وهذه المعالجة يجب أن تكون الأساس لإستكمال برنامج الإصلاح الإقتصادي .

السوق الأردني بطبيعته سوق إستهلاكي صغير وضعيف , لم يشكل إغراء لإحدى شركات صناعات الغذاء والمياه التي تقدر مبيعاتها حول العالم بأكثر من 100 مليار دولار أن تنشيء مصنعا لها فيه , فالسوق غير قادر على إستيعاب المنافسة في أوسع نطاق لها , حتى أن باخرة واحدة كبيرة من السكر مثلا تكفي حاجة المملكة لأشهر .