الارهابيون يحيطون بالقصر الرئاسي

بينما كان السوريون يستبعدون وصول الارهاب التكفيري الى قلب العاصمة السورية، ويتابعون المواجهات في حماه وادلب وريف حلب، فوجئ الجميع بهذا الارهاب يضرب في قلب دمشق، وجاء على لسان احد قادة هذه الجماعات في مقابلة مع الاذاعة البريطانية، ان ايام الاسد معدودة، وان (تحرير دمشق) قاب قوسين او ادنى، ودعا الاهالي الى الانخراط في الثورة، كما اعلنت وسائل اعلام اخرى ان الاسد نفسه تعرض لمحاولة اغتيال وان شقيقه ووحدات عسكرية معه قد انشقت عليه.

وقد شجعت هذه الاخبار الاطراف والعواصم المترددة او التي تلعب على الحبلين الى دعوتها الاسد للمغادرة فورا الى موسكو وتسليم السلطة لنائبه (السني) والتهبت مناطق حدودية كانت ساكنة، وبدا ان الاسد يعيش حالة حصار اخيرة ولا يقف معه الا الروس.

انها الايام الاخيرة بعد سنة ونصف السنة تقريبا من تماسك الاسد الذي ظنه البعض تماسكا طويلا، فيما لم يعد الارهاب بعيدا عن القصر الرئاسي سوى بضعة امتار.. بضعة امتار فقط بعد ان تأكد فعلا ان الجماعات الارهابية هاجمت مراكز المخابرات في الروضة وابو رمانة والجسر الابيض وهي مناطق تحيط بالقصر ومبنى وزارة الخارجية ولم يعد كل هذا محط اوهام من نسج خيال المعارضة، فقد سمعت اطلاق النار والتفجيرات باذني ورأيت المسلحين بأم عيني، وكان ذلك قبل ثلاثين عاما، اي عام 1982 فقد كنت اسكن في منطقة السبع بحرات وارى مجلس الوزراء من نافذة منزلي، كما كنت اعمل في مركز الدراسات الفلسطينية في منطقة الروضة ووزارة الخارجية.

وكلما رممت زجاج النوافذ بعد كل انفجار من حولنا، اهتزت وتطايرت من جديد، وهكذا، وكان يشاطرني هذه الحالة المناضل الكبير المرحوم عبدالرحمن النعيمي (من البحرين) حيث كان يعيش ويسكن، وحدث مرة وعندما كنت مع اخرين في زيارة له ان شاهدنا بأم اعيننا معركة بالرشاشات بين عسكريين سوريين وجماعات ارهابية من (جيش محمد) الذي كان يقود (المعارضة المسلحة) ومن المفارقات الغريبة ان (اصدقاء) من جماعة المكتب السياسي- الحزب الشيوعي (الجناح المعارض لخالد بكداش) كانوا يسمونه بالجيش الحر.

وكما انفجر الصراع الحالي في سورية بعد تداعيات العدوان على العراق واطلاق مشروع الشرق الاوسط الجديد، فقد انفجر الصراع القديم بعد كامب ديفيد ومشروع ريغان ومبادرة فاس الاولى لتصفية القضية الفلسطينية وهكذا...