سلطنة عمان... بوادر حراك متجدد
اخبار البلد_ تشهد سلطنة عُمان موجة جديدة من المظاهرات بعد مرور ما يزيد على العام على
انحسارها، فلربما تكون السلطنة بلد الثورة العربية التالية بسبب اشتداد
مشاعر الغضب والاستياء من الأزمة الاقتصادية والقمع الحكومي للشعب، لكنها
لا تزال تُطهى على نار هادئة، بل تغلي في بعض الحالات، وكانت السلطنة شهدت
في 2011 احتجاجات في أنحاء متفرقة من سلطنة عمان العام الماضي شارك فيها
محتجون يستلهمون انتفاضات الربيع العربي في تونس ومصر ويطالبون بوظائف
وبالقضاء على الفساد، وتحركت قوات الأمن ضد الاحتجاجات التي انتهت بعد وعود
بالإصلاح، ويرى مراقبون بأن الغضب تزايد في الشهور القليلة الماضية وهو ما
انعكس في صورة اضرابات في قطاعات النفط والتعليم والرعاية الصحية، وتعهد
السلطان قابوس الذي يحكم البلاد منذ 42 عاما وهو أطول الحكام العرب بقاء في
منصبه منذ الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي
بتوفير الاف الوظائف واعانات البطالة بعد اضطرابات العام الماضي، لكن لم
تنفذ معظم الاصلاحات التي وعد بها بعد انتهاء الاحتجاجات العام الماضي وإن
التوتر يشتد في انحاء البلاد من جديد، فيما يحاول مجلس الشورى العماني نزع
فتيل الاحتجاجات من خلال التعجيل باصلاحات قوانين العمل بعد اضرابات نظمها
عمال قطاع النفط في السلطنة للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل، وفي
ظل هذا الازمة السياسية والاقتصادية والحقوقية يبقى السؤال قائما، كيف
يمكن الحصول على ضمان الحقوق الشعبية وسط قضبان الحكم الشمولي على المجالات
كافة.
وعود الإصلاح غير كافية
في سياق متصل فعندما بدأت احتجاجات "الربيع العربي" تهدد ثم تطيح برئيسي كل من تونس ومصر وضع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في اعتباره هذا الأمر ونزع فتيل الاحتجاجات المحتملة في بلاده بوعود بتوفير وظائف وإجراء إصلاحات، ويبدو أن هذا نجح في أغلب الأحوال.. وبعد نحو عام من إضرابات واحتجاجات هنا وهناك ضد البطالة والفساد لم تمر عمان بأي شئ مماثل للاحتجاجات التي قامت في البحرين المجاورة أو تلك التي مهدت الطريق للتدخل العسكري في ليبيا، لكن موجة جديدة من الإضرابات وهذه المرة في قطاع النفط الذي يوفر 70 في المئة من إيرادات السلطنة تشير إلى أن مشاعر الاستياء ما زالت قائمة بل إنها تذكي الانتقاد المستتر للسلطان قابوس الذي أصبح الآن أقدم حاكم في العالم العربي، وقال أكاديمي عماني طلب عدم نشر اسمه خشية انتقام الحكومة منه "لم تكن الإصلاحات والإعانات والوعود كافية وكانت التوقعات أعلى بكثير، ولا تسمح عمان التي يسكنها 2.8 مليون نسمة فقط وتطل على الممر الذي يشحن منه خمس تجارة النفط العالمية بتشكيل الأحزاب السياسية أو أي شكل آخر من أشكال التمثيل السياسي وتجعل سلطة السلطان شبه مطلقة على الحكومة والقوات المسلحة، ويعتبر كثيرون السلطان قابوس الذي تولى السلطة عام 1970 فوق اي انقسامات قبلية او اقليمية، وانتقاد السلطان قابوس من المحرمات ولذلك تحملت الحكومة الجزء الاكبر من هجوم النشطاء في منتديات على الانترنت في السنوات القليلة الماضية، لكن في المظاهرات التي قامت مؤخرا ردد المحتجون هتافات تشير بشكل غير مباشر للسلطان قابوس وكتبوها على لافتات طبقا لوصف شهود عيان وأشخاص معنيين، وقال نشطاء إن إحدى اللافتات أشارت على سبيل المثال إلى أن الخيول أصبحت أكثر قيمة من الناس في إشارة إلى إرسال السلطان اكثر من مئة من الخيول العربية الأصيلة على طائرات مؤجرة إلى بريطانيا للمشاركة في احتفالات اليوبيل الماسي لتولي الملكة اليزابيث العرش، وانتقد شعار آخر السلطان لتمضيته وقتا خارج البلاد في وقت أزمة، ويقول بعض المعلقين السياسيين ان الكثير من المواطنين العمانيين يشعرون بالقلق من تطور الأحداث، وقال عماني عمل في قطاع النفط وعلى علم بالحساسيات السياسية المحيطة بالقطاع "الإضرابات ذاتها سببت انقساما، وأضاف "ثم نرى هذا (إهانة السلطان) في الشوارع.. في العاصمة.. كان أمرا صادما. الكثير من الناس لم يعجبهم ذلك. الاندفاع لتسييس الإضراب بهذه الطريقة اخاف الناس.. أيا كان رأيهم عنه في البداية، ومن بين الإصلاحات التي أجراها السلطان قابوس تعديل وزاري شمل أكثر من ثلث أعضاء الحكومة وتوفير آلاف الوظائف في القطاع العام ودفع إعانات للعاطلين الذين يقدر صندوق النقد الدولي أنهم ربع العمانيين، كما وعدت الدول الأكثر ثراء في مجلس التعاون الخليجي بتقديم 20 مليار دولار من أموال التنمية لعمان مناصفة مع البحرين ولكن تلك الاموال لم تصل حتى الآن، وقال مسؤول في لجنة مكافحة البطالة تابعة لوزارة القوى العاملة إن الحكومة وفرت 50 ألف وظيفة بين مايو ايار العام الماضي وابريل نيسان العام الجاري وإنها تخصص مليار دولار سنويا لتوفير 40 ألف وظيفة إضافية في قطاع الحكومة، لكن ما زالت تثور احتجاجات متقطعة منذ اضطرابات العام الماضي التي قتل فيها اثنان على الأقل عندما سعت قوات الأمن لإنهاء الاعتصامات في أنحاء البلاد، وفي أحدث احتجاج تظاهر ما يصل إلى 200 شاب عماني الكثير منهم حديثو التخرج في صحار حاملين لافتات تطالب بالوظائف وتحسين ظروف المعيشة وإنهاء الفساد، ووصف مسؤول الوزارة الاحتجاجات بأنها حالات معزولة، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "المحتجون الحاليون تركوا وظائفهم ويريدون العمل برواتب خيالية او كسالى أو مثيرو مشاكل فحسب، وتابع "نحن غير قلقين من الاحتجاجات لأنها حالات معزولة لمن تركوا وظائفهم والذين عليهم ان يقبلوا وظائف برواتب معقولة، وأحالت وزارة الإعلام الاستفسارات إلى وزارة القوى العاملة، ووقعت الإضرابات في قطاع النفط الحيوي في مايو ايار عندما توقف المئات من المتعاقدين مع شركات تعمل مع شركة النفط الحكومية الرئيسية عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور. وقالت شركة تنمية نفط عمان إن النزاع انتهى بصورة كبيرة بحلول الثاني من يونيو حزيران وإن أغلب المضربين عادوا للعمل، وزار ثلاثة نشطاء من بينهم محام واحد على الأقل المنشأة لمراقبة التطورات وألقي القبض عليهم وأفرج عن اثنين منهم منذ ذلك الحين، وأشعلت الاعتقالات موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما ردت عليه الحكومة بمزيد من الاعتقالات لستة مدونين على الأقل خلال الفترة من أول إلى 10 يونيو حزيران، وعندما تجمع نحو 30 شخصا امام مقر للشرطة في منطقة القرم بالعاصمة مسقط يوم 11 يونيو احتجاجا على حملة الاعتقالات ألقي القبض على 22 آخرين. ثم أفرج عن 11 منهم بكفالة إلى حين مثولهم أمام المحكمة في وقت لاحق بتهمة التجمهر بشكل غير مشروع وإعاقة المرور. بحسب رويترز.
وقال مكتب المدعي العام العماني حسين بن علي الهلالي في بيان نقلته وكالة الانباء العمانية يوم 13 يونيو إن الحكومة تتخذ إجراءات مشددة ضد الاستخدام المتزايد للغة المهينة في مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على الإضرابات من خلالها، ورفض الهلالي التعقيب على الاتهامات المحددة الموجهة للمدونين وغيرهم، وقال الكاتب العماني حمود الشكيلي الذي يطالب بالإفراج عنهم إنه يعتقد أن الاتهامات سيجري تلفيقها، وقال إنها مسألة خاصة بأجهزة الأمن ويمكن أن يختلقوا أي اتهامات يريدونها بما في ذلك التجمهر بشكل غير مشروع رغم أن هذا ليس ما حدث، وذكر الأكاديمي الذي طلب عدم نشر اسمه أن قسوة رد الفعل على الاضطرابات تشير إلى أن من يفضلون قمع المعارضة هم الذين لهم الغلبة إلى جانب الجهاز الأمني العماني الذي ينظر للوضع باعتباره تهديدا أمنيا خالصا، وتابع "بدأ المتشددون (في الحكومة) يكتسبون أرضا ويفضلون الإجراءات الأمنية بدلا من التفاهم والتهدئة. التصور بأنها مجرد مسألة أشخاص يحاولون زعزعة استقرار البلاد اعتقاد خاطئ، وقال الأكاديمي إنه يعتقد أن الانتقاد الجديد الموجه للسلطان قابوس يشير إلى درجة الانفصال بين الدولة التي أسسها والمواطنين العمانيين الان الذين تمثل لهم البطالة أهمية كبيرة تماما مثل الطرق الجيدة نسبيا والخدمات العامة، وقال الأكاديمي "الجيل الجديد لا يتذكر ما حدث في السبعينات وكيف نجح في تحويل البلاد، ومضى يقول "ما زالت أغلبية كبيرة تحبه. لكن من السخف تصور ان هذا الحب لا نهاية له.. بلغت الأمور مستوى جعلت الناس تضج من حوله."
محاكمة عمانيين
فقد مثل كتاب ومثقفون عمانيون امام محكمة ابتدائية في مسقط بتهم "اعابة الذات السلطانية" لثلاثة منهم، و"التجمهر وقطع الطريق" للاخرين وبينهم امرأتان، بحسب احد المحامين، وقال يعقوب الحارثي وهو احد محامي الدفاع ان "المحكمة عقدت جلسة غير علنية لثلاثة وجهت اليهم تهمة اعابة الذات السلطانية التي تندرج ضمن جرائم امن الدولة الداخلية" اي الاساءة الى شخص السلطان قابوس بن سعيد الحاكم منذ 42 عاما، واضاف ان "القاضي سمح لمحامي الدفاع واقارب المتهمين الثلاثة وهم حمود الراشدي وحمد الخروصي وعلي المقبالي بحضور الجلسة"، وكان الادعاء العام اعلن سابقا ان التجاوزات المنسوبة الى الثلاثة من شأنها "الاخلال بالامن الوطني والاضرار بالمصلحة العامة"، وان هؤلاء تجاوزوا "أحكام ونصوص القوانين"، ووصفهم بانهم "مجموعة من ابرز المسيئين والمحرضين"، واضاف الادعاء ان الاعتقالات التي طالت حوالي 36 شخصا كانت نتيجة "الكتابات المسيئة في المنتديات الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف النقالة المتضمنة عبارات شتم وقذف واساءة وبث الاشاعات والتحريض على الاعتصامات والاضرابات مما يتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع العماني ومبادىء حرية التعبير"، واوضح الحارثي ان الجلسة الثانية العلنية نظرت في تهمة "التجمهر وقطع الطريق" الموجهة للاخرين وبينهم امرأتان، محامية واعلامية، "وجهت الى احداهن وهي الاعلامية باسمة الراجحي ايضا تهمة اهانة موظف عام حيث وصفت رجال الشرطة بالغربان"، وتابع ان بين المتهمين "صحافي في +الزمن+ متهم بمزاولة المهنة دون ترخيص"، لكن الحارثي اكد الافراج عن عشرة من المحتجزين لم يخضعوا للمحاكمة. بحسب فرانس برس.
وعبرت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود عن قلقها لما قالت انه موجة اعتقالات تطال ناشطين مطالبين بالاصلاح، وذلك بعد اعتقال حوالى 32 ناشطا منذ بحسب المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني، وشهدت السلطنة في 2011 احتجاجات مطالبة بالاصلاحات ومكافحة الفساد، الا انها اخمدت فيما اتخذت السلطات بعض الخطوات الاصلاحية مثل توسيع صلاحية البرلمان.
حجز المثقفين
فيما احتجزت سلطنة عمان شاعرا ومدونا ضمن عشرة أشخاص اعتقلتهم في إطار ما قال مصدر إنه حملة للشرطة على المعارضة وسط استياء متزايد في السلطنة، وقال نشطاء إن من بين ستة أشخاص اعتقلوا المدون حسن الرقيشي والكاتبان حمود الراشدي ونبهان الحنشي والشاعر حمد الخروصي، وأضاف النشطاء أن أربعة آخرين اعتقلوا في حوادث مختلفة ليرتفع العدد الإجمالي للمعتقلين إلى عشرة. وكتب نشطاء محليون على صفحة الفريق العماني لحقوق الإنسان الرسمية على فيسبوك إن ثلاثة من النشطاء محتجزون لدى "القسم الخاص" بالقيادة العامة لشرطة عمان لكنهم لم يقدموا تفاصيل أخرى، وقالت صفحة المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني وهو مجموعة لنشطاء حقوق الإنسان في منطقة الخليج إن حملة الاعتقالات طالت ستة دفعة واحدة " من الكتاب والمدونين دون توجيه اتهام محدد أو مذكرة اعتقال أو قرار من المحكمة، وقالت المجموعة إن الاعتقالات "تأتي بعد أربعة أيام فقط من تهديد ووعيد الإدعاء العام العماني بأنه سوف يتخذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يقوم بالكتابات المسيئة والدعوات التحريضية التي تصدر من بعض الأشخاص بحجة حرية التعبير عن الرأي، ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين للتعليق على التقرير الذي أكدته مصادر في عمان طلبت عدم نشر اسمائها، وقال مصادر إن تحقيقا يجرى مع الستة الذين اعتقلوا للاشتباه في قيامهم "بالتحريض" لكنه رفض تقديم تفاصيل أخرى.
وقال مصدر آخر إن الاعتقالات ربما تتصل باحتجاج شهدته مؤخرا العاصمة مسقط ضمن أشياء أخرى حيث جرى تصوير نشطاء وهم يحملون صورا اعتبرت مسيئة لمسؤولين كبار، ويقول نشطاء عمانيون إنه لم يتحقق سوى القليل جدا من الإصلاحات التي وعدت السلطات بإدخالها، وقال المدون سليم الطويح الذي يعمل لدى صحيفة محلية إن الغضب يتزايد لأن الناس ترى فشل الحكومة في الوفاء بوعودها لتحسين مستويات المعيشة. بحسب رويترز.
وشهدت عمان سلسلة من الإضرابات العمالية. وذكرت وسائل إعلام عمانية إن العمال في قطاعات النفط والصحة والتعليم خرجوا في مسيرات في الأسابيع الماضية للمطالبة بتحسين أجورهم وظروفهم المعيشية.
ناشطون خليجيون
من جهة أخرى دعا المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني سلطنة عمان الى الافراج فورا عن حوالى ثلاثين ناشطا اعتقلوا لمطالبتهم باصلاحات، وقال بيان للمنتدى يحمل توقيع امينه العام انور الرشيد "لقد تابعنا بقلق بالغ الفترة الماضية وما يحصل في سلطنة عمان من هجوم شرس على نشطاء حقوق الإنسان زعماء الاضرابات التي حصلت في كافة الحقول النفطية للمطالبة بحقوقهم المشروعة التي تعمل الأجهزة المختصة مع الشركات على تجاهلها والتسويف بتحقيقها، واضاف "اننا في المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني ندين هذه الأعتقالات بشدة ونطالب الحكومة العمانية بأن تحترم أرادة شعبها وأن تعي بان التاريخ قد تغير ولم يعد تاريخ ما قبل هبوب رياح التغير رياح الربيع العربي". بحسب فرانس برس.
واعتبر البيان انه اذا كان هناك من يعتقد بأن رياح الربيع العربي قد تم السيطرة عليها و تدجينها والقضاء عليها فهو واهم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وبناء على ذلك نطالب الحكومة العمانية بأن تطلق سراح المعتقلين فورا وبدون قيد أو شرط أحتراما للمواثيق الدولية.
السلطات العمانية تفرج عن عشرة ناشطين موقوفين
الى ذلك أفرجت السلطات العمانية عن عشرة اشخاص من اكثر من 30 ناشطا بينهم حقوقيون وكاتب ومدونون اوقفوا على خلفية المشاركة في احتجاجات متجددة تشهدها السلطنة، بحسبما افاد احد محاميهم، وذكر المحامي ان الموقوفين ينفذون منذ ايام اضرابا عن الطعام، وقال المحامي يعقوب الحارثي ان "السلطات افرجت عن عشرة من المحتجزين في سجن سمائل المركزي (90 كلم غرب مسقط) ونقلوا الى مسقط قبل ان يفرج عنهم، وذلك بعد انتهاء التحقيق معهم"، واشار الحارثي الى ان السلطات كانت افرجت عن الكاتب سماء عيسى وعن شاب عمره 17 عاما، وافاد ان "المحتجزين كانوا قد بداوا اضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقالهم" حسب قوله، وكان الادعاء العام العماني اوضح في بيان ان السلطات اعتقلت "مجموعة من ابرز المسيئين والمحرضين وسيتم التحقيق معهم وتقديمهم للجهات القضائية وفق الاجراءات القانونية المعمول بها في هذا الشأن"، ويتهم الادعاء المحتجزين ببث "عبارات شتم وقذف واساءة وبث الاشاعات والتحريض على الاعتصامات والاضرابات في المنتديات الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي"، وقال الحارثي ان "ابرز الكتاب والحقوقيين والمدونين ما زالوا محتجزين ولم يتم الافراج عنهم وجار التحقيق معهم"، وبحسب الحارثي، فان "السلطات سعت الى اجراء تحقيقات مع المحتجزين دون حضور محاميهم بسبب تعطيل المؤسسات الحكومية بمناسبة الاسراء والمعراج"، وعبرت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود عن قلقها لما قالت انه موجة اعتقالات تطال ناشطين مطالبين بالاصلاح، وذلك بعد اعتقال حوالى 32 ناشطا منذ مطلع حزيران/يونيو بحسب المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني، وكانت السلطنة شهدت في 2011 احتجاجات مطالبة بالاصلاحات ومكافحة الفساد، الا انها اخمدت فيما اتخذت السلطات بعض الخطوات الاصلاحية مثل توسيع صلاحية البرلمان.
مجلس الشورى العماني
في يحن يبذل مجلس الشورى العماني جهوده للتعجيل باصلاحات قوانين العمل بعد اضرابات نظمها عمال قطاع النفط في السلطنة للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل، وأضرب نحو 400 عامل في حقول النفط المملوكة للدولة في مايو ايار للضغط من أجل تحسين الأجور والمعاشات التقاعدية. وقال مسؤولون نقابيون إن شهر يونيو حزيران شهد المزيد من الاضرابات لاسيما بين موظفي الشركات الخاصة التي تعمل في صناعة النفط، وكانت الاضرابات هي الأكبر التي تشهدها السلطنة منذ اندلعت احتجاجات العام الماضي ضد الفساد والبطالة مستلهمة انتفاضات "الربيع العربي" في تونس ومصر، وناقش مجلس الشورى الذي يضم 84 عضوا منتخبا ويقدم المشورة للحكومة بشأن التشريعات الرئيسية مقترحات بشأن اصلاح قوانين العمل ومن بينها بنود تهدف لتعزيز حقوق عمال النفط العاملين بالقطاع الخاص، وقال عضو بالمجلس طالبا عدم نشر اسمه "نحاول تعديل القوانين الخاصة بعمال النفط لتحسين ظروف عملهم. في النهاية تسهم صناعة النفط في اقتصادنا، وتشمل توصيات المجلس توسيع نطاق لوائح تمنع العمال من العمل في مواقع خارجية خلال فصل الصيف عندما تتجاوز درجة الحرارة 50 درجة مئوية. ولا تنطبق هذه اللوائح التي تسمح للعمال بالتوقف عن العمل في الفترة من 1230 إلى 1530 على العمال في قطاع النفط، كما يمارس المجلس ضغوطا لضمان أن تسرع المحاكم العمالية وتيرة اصدار الأحكام في النزاعات بين العمال وأصحاب العمل. بحسب رويترز.
ويتمتع المجلس بصلاحيات تشريعية محدودة وتحتاج توصياته إلى موافقة الحكومة قبل تنفيذها لكن محللين سياسيين قالوا إن من المرجح قبول المقترحات، وقال المعلق السياسي حارب الشكيلي "تأثير مجلس الشورى على الحكومة يتزايد إذ أن سبعة من أعضائه السابقين في مجلس الوزراء الان بعد أن منحهم (السلطان قابوس بن سعيد) مناصب وزارية قوية في خضم الاحتجاجات (في) أبريل العام الماضي، كما يجتمع أعضاء المجلس مع شركات النفط الخاصة في مسعى للحيلولة دون تنظيم اضرابات في المستقبل ولحث الشركات على تحسين ظروف العمل في عمان التي تطل على مضيق هرمز الذي يمر منه أكثر من ثلث صادرات النفط العالمية، ودعا عمال النفط الساخطين الذين يعملون بالأساس في شركات خاصة إلى مساواتهم في الأجور والمعاشات بأقرانهم في الشركات الحكومية، وفصلت شركات النفط الشهر الماضي 413 عاملا احتجوا على الأجور وظروف العمل والمعاشات لكنهم عادوا بعدها بأسبوع حينما تدخل مجلس الشورى.
وقال سالم علي الكعبي نائب رئيس المجلس في بيان إن مجلس الشورى يتوسط بين عمال النفط وأصحاب العمل. وأضاف أن هذا سيقود إلى سن قوانين واضحة لتنظيم حقوق عمال النفط وقواعد جلية للمحاكم العمالية لتحسين العلاقة بين العمال والشركات، ورفضت النقابات العمالية التعليق على خطط مجلس الشورى الخاصة بسن قوانين جديدة للعمل في صناعة النفط، ويقول ناشطون عمانيون إن الغضب تزايد في الشهور القليلة الماضية وهو ما انعكس في صورة اضرابات في قطاعات النفط والتعليم والرعاية الصحية، وتعهد السلطان قابوس الذي يحكم البلاد منذ 42 عاما وهو أطول الحكام العرب بقاء في منصبه منذ الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي بتوفير الاف الوظائف واعانات البطالة بعد اضطرابات العام الماضي.
وعود الإصلاح غير كافية
في سياق متصل فعندما بدأت احتجاجات "الربيع العربي" تهدد ثم تطيح برئيسي كل من تونس ومصر وضع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في اعتباره هذا الأمر ونزع فتيل الاحتجاجات المحتملة في بلاده بوعود بتوفير وظائف وإجراء إصلاحات، ويبدو أن هذا نجح في أغلب الأحوال.. وبعد نحو عام من إضرابات واحتجاجات هنا وهناك ضد البطالة والفساد لم تمر عمان بأي شئ مماثل للاحتجاجات التي قامت في البحرين المجاورة أو تلك التي مهدت الطريق للتدخل العسكري في ليبيا، لكن موجة جديدة من الإضرابات وهذه المرة في قطاع النفط الذي يوفر 70 في المئة من إيرادات السلطنة تشير إلى أن مشاعر الاستياء ما زالت قائمة بل إنها تذكي الانتقاد المستتر للسلطان قابوس الذي أصبح الآن أقدم حاكم في العالم العربي، وقال أكاديمي عماني طلب عدم نشر اسمه خشية انتقام الحكومة منه "لم تكن الإصلاحات والإعانات والوعود كافية وكانت التوقعات أعلى بكثير، ولا تسمح عمان التي يسكنها 2.8 مليون نسمة فقط وتطل على الممر الذي يشحن منه خمس تجارة النفط العالمية بتشكيل الأحزاب السياسية أو أي شكل آخر من أشكال التمثيل السياسي وتجعل سلطة السلطان شبه مطلقة على الحكومة والقوات المسلحة، ويعتبر كثيرون السلطان قابوس الذي تولى السلطة عام 1970 فوق اي انقسامات قبلية او اقليمية، وانتقاد السلطان قابوس من المحرمات ولذلك تحملت الحكومة الجزء الاكبر من هجوم النشطاء في منتديات على الانترنت في السنوات القليلة الماضية، لكن في المظاهرات التي قامت مؤخرا ردد المحتجون هتافات تشير بشكل غير مباشر للسلطان قابوس وكتبوها على لافتات طبقا لوصف شهود عيان وأشخاص معنيين، وقال نشطاء إن إحدى اللافتات أشارت على سبيل المثال إلى أن الخيول أصبحت أكثر قيمة من الناس في إشارة إلى إرسال السلطان اكثر من مئة من الخيول العربية الأصيلة على طائرات مؤجرة إلى بريطانيا للمشاركة في احتفالات اليوبيل الماسي لتولي الملكة اليزابيث العرش، وانتقد شعار آخر السلطان لتمضيته وقتا خارج البلاد في وقت أزمة، ويقول بعض المعلقين السياسيين ان الكثير من المواطنين العمانيين يشعرون بالقلق من تطور الأحداث، وقال عماني عمل في قطاع النفط وعلى علم بالحساسيات السياسية المحيطة بالقطاع "الإضرابات ذاتها سببت انقساما، وأضاف "ثم نرى هذا (إهانة السلطان) في الشوارع.. في العاصمة.. كان أمرا صادما. الكثير من الناس لم يعجبهم ذلك. الاندفاع لتسييس الإضراب بهذه الطريقة اخاف الناس.. أيا كان رأيهم عنه في البداية، ومن بين الإصلاحات التي أجراها السلطان قابوس تعديل وزاري شمل أكثر من ثلث أعضاء الحكومة وتوفير آلاف الوظائف في القطاع العام ودفع إعانات للعاطلين الذين يقدر صندوق النقد الدولي أنهم ربع العمانيين، كما وعدت الدول الأكثر ثراء في مجلس التعاون الخليجي بتقديم 20 مليار دولار من أموال التنمية لعمان مناصفة مع البحرين ولكن تلك الاموال لم تصل حتى الآن، وقال مسؤول في لجنة مكافحة البطالة تابعة لوزارة القوى العاملة إن الحكومة وفرت 50 ألف وظيفة بين مايو ايار العام الماضي وابريل نيسان العام الجاري وإنها تخصص مليار دولار سنويا لتوفير 40 ألف وظيفة إضافية في قطاع الحكومة، لكن ما زالت تثور احتجاجات متقطعة منذ اضطرابات العام الماضي التي قتل فيها اثنان على الأقل عندما سعت قوات الأمن لإنهاء الاعتصامات في أنحاء البلاد، وفي أحدث احتجاج تظاهر ما يصل إلى 200 شاب عماني الكثير منهم حديثو التخرج في صحار حاملين لافتات تطالب بالوظائف وتحسين ظروف المعيشة وإنهاء الفساد، ووصف مسؤول الوزارة الاحتجاجات بأنها حالات معزولة، وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "المحتجون الحاليون تركوا وظائفهم ويريدون العمل برواتب خيالية او كسالى أو مثيرو مشاكل فحسب، وتابع "نحن غير قلقين من الاحتجاجات لأنها حالات معزولة لمن تركوا وظائفهم والذين عليهم ان يقبلوا وظائف برواتب معقولة، وأحالت وزارة الإعلام الاستفسارات إلى وزارة القوى العاملة، ووقعت الإضرابات في قطاع النفط الحيوي في مايو ايار عندما توقف المئات من المتعاقدين مع شركات تعمل مع شركة النفط الحكومية الرئيسية عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور. وقالت شركة تنمية نفط عمان إن النزاع انتهى بصورة كبيرة بحلول الثاني من يونيو حزيران وإن أغلب المضربين عادوا للعمل، وزار ثلاثة نشطاء من بينهم محام واحد على الأقل المنشأة لمراقبة التطورات وألقي القبض عليهم وأفرج عن اثنين منهم منذ ذلك الحين، وأشعلت الاعتقالات موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما ردت عليه الحكومة بمزيد من الاعتقالات لستة مدونين على الأقل خلال الفترة من أول إلى 10 يونيو حزيران، وعندما تجمع نحو 30 شخصا امام مقر للشرطة في منطقة القرم بالعاصمة مسقط يوم 11 يونيو احتجاجا على حملة الاعتقالات ألقي القبض على 22 آخرين. ثم أفرج عن 11 منهم بكفالة إلى حين مثولهم أمام المحكمة في وقت لاحق بتهمة التجمهر بشكل غير مشروع وإعاقة المرور. بحسب رويترز.
وقال مكتب المدعي العام العماني حسين بن علي الهلالي في بيان نقلته وكالة الانباء العمانية يوم 13 يونيو إن الحكومة تتخذ إجراءات مشددة ضد الاستخدام المتزايد للغة المهينة في مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على الإضرابات من خلالها، ورفض الهلالي التعقيب على الاتهامات المحددة الموجهة للمدونين وغيرهم، وقال الكاتب العماني حمود الشكيلي الذي يطالب بالإفراج عنهم إنه يعتقد أن الاتهامات سيجري تلفيقها، وقال إنها مسألة خاصة بأجهزة الأمن ويمكن أن يختلقوا أي اتهامات يريدونها بما في ذلك التجمهر بشكل غير مشروع رغم أن هذا ليس ما حدث، وذكر الأكاديمي الذي طلب عدم نشر اسمه أن قسوة رد الفعل على الاضطرابات تشير إلى أن من يفضلون قمع المعارضة هم الذين لهم الغلبة إلى جانب الجهاز الأمني العماني الذي ينظر للوضع باعتباره تهديدا أمنيا خالصا، وتابع "بدأ المتشددون (في الحكومة) يكتسبون أرضا ويفضلون الإجراءات الأمنية بدلا من التفاهم والتهدئة. التصور بأنها مجرد مسألة أشخاص يحاولون زعزعة استقرار البلاد اعتقاد خاطئ، وقال الأكاديمي إنه يعتقد أن الانتقاد الجديد الموجه للسلطان قابوس يشير إلى درجة الانفصال بين الدولة التي أسسها والمواطنين العمانيين الان الذين تمثل لهم البطالة أهمية كبيرة تماما مثل الطرق الجيدة نسبيا والخدمات العامة، وقال الأكاديمي "الجيل الجديد لا يتذكر ما حدث في السبعينات وكيف نجح في تحويل البلاد، ومضى يقول "ما زالت أغلبية كبيرة تحبه. لكن من السخف تصور ان هذا الحب لا نهاية له.. بلغت الأمور مستوى جعلت الناس تضج من حوله."
محاكمة عمانيين
فقد مثل كتاب ومثقفون عمانيون امام محكمة ابتدائية في مسقط بتهم "اعابة الذات السلطانية" لثلاثة منهم، و"التجمهر وقطع الطريق" للاخرين وبينهم امرأتان، بحسب احد المحامين، وقال يعقوب الحارثي وهو احد محامي الدفاع ان "المحكمة عقدت جلسة غير علنية لثلاثة وجهت اليهم تهمة اعابة الذات السلطانية التي تندرج ضمن جرائم امن الدولة الداخلية" اي الاساءة الى شخص السلطان قابوس بن سعيد الحاكم منذ 42 عاما، واضاف ان "القاضي سمح لمحامي الدفاع واقارب المتهمين الثلاثة وهم حمود الراشدي وحمد الخروصي وعلي المقبالي بحضور الجلسة"، وكان الادعاء العام اعلن سابقا ان التجاوزات المنسوبة الى الثلاثة من شأنها "الاخلال بالامن الوطني والاضرار بالمصلحة العامة"، وان هؤلاء تجاوزوا "أحكام ونصوص القوانين"، ووصفهم بانهم "مجموعة من ابرز المسيئين والمحرضين"، واضاف الادعاء ان الاعتقالات التي طالت حوالي 36 شخصا كانت نتيجة "الكتابات المسيئة في المنتديات الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف النقالة المتضمنة عبارات شتم وقذف واساءة وبث الاشاعات والتحريض على الاعتصامات والاضرابات مما يتنافى مع قيم وأخلاق المجتمع العماني ومبادىء حرية التعبير"، واوضح الحارثي ان الجلسة الثانية العلنية نظرت في تهمة "التجمهر وقطع الطريق" الموجهة للاخرين وبينهم امرأتان، محامية واعلامية، "وجهت الى احداهن وهي الاعلامية باسمة الراجحي ايضا تهمة اهانة موظف عام حيث وصفت رجال الشرطة بالغربان"، وتابع ان بين المتهمين "صحافي في +الزمن+ متهم بمزاولة المهنة دون ترخيص"، لكن الحارثي اكد الافراج عن عشرة من المحتجزين لم يخضعوا للمحاكمة. بحسب فرانس برس.
وعبرت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود عن قلقها لما قالت انه موجة اعتقالات تطال ناشطين مطالبين بالاصلاح، وذلك بعد اعتقال حوالى 32 ناشطا منذ بحسب المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني، وشهدت السلطنة في 2011 احتجاجات مطالبة بالاصلاحات ومكافحة الفساد، الا انها اخمدت فيما اتخذت السلطات بعض الخطوات الاصلاحية مثل توسيع صلاحية البرلمان.
حجز المثقفين
فيما احتجزت سلطنة عمان شاعرا ومدونا ضمن عشرة أشخاص اعتقلتهم في إطار ما قال مصدر إنه حملة للشرطة على المعارضة وسط استياء متزايد في السلطنة، وقال نشطاء إن من بين ستة أشخاص اعتقلوا المدون حسن الرقيشي والكاتبان حمود الراشدي ونبهان الحنشي والشاعر حمد الخروصي، وأضاف النشطاء أن أربعة آخرين اعتقلوا في حوادث مختلفة ليرتفع العدد الإجمالي للمعتقلين إلى عشرة. وكتب نشطاء محليون على صفحة الفريق العماني لحقوق الإنسان الرسمية على فيسبوك إن ثلاثة من النشطاء محتجزون لدى "القسم الخاص" بالقيادة العامة لشرطة عمان لكنهم لم يقدموا تفاصيل أخرى، وقالت صفحة المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني وهو مجموعة لنشطاء حقوق الإنسان في منطقة الخليج إن حملة الاعتقالات طالت ستة دفعة واحدة " من الكتاب والمدونين دون توجيه اتهام محدد أو مذكرة اعتقال أو قرار من المحكمة، وقالت المجموعة إن الاعتقالات "تأتي بعد أربعة أيام فقط من تهديد ووعيد الإدعاء العام العماني بأنه سوف يتخذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يقوم بالكتابات المسيئة والدعوات التحريضية التي تصدر من بعض الأشخاص بحجة حرية التعبير عن الرأي، ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين للتعليق على التقرير الذي أكدته مصادر في عمان طلبت عدم نشر اسمائها، وقال مصادر إن تحقيقا يجرى مع الستة الذين اعتقلوا للاشتباه في قيامهم "بالتحريض" لكنه رفض تقديم تفاصيل أخرى.
وقال مصدر آخر إن الاعتقالات ربما تتصل باحتجاج شهدته مؤخرا العاصمة مسقط ضمن أشياء أخرى حيث جرى تصوير نشطاء وهم يحملون صورا اعتبرت مسيئة لمسؤولين كبار، ويقول نشطاء عمانيون إنه لم يتحقق سوى القليل جدا من الإصلاحات التي وعدت السلطات بإدخالها، وقال المدون سليم الطويح الذي يعمل لدى صحيفة محلية إن الغضب يتزايد لأن الناس ترى فشل الحكومة في الوفاء بوعودها لتحسين مستويات المعيشة. بحسب رويترز.
وشهدت عمان سلسلة من الإضرابات العمالية. وذكرت وسائل إعلام عمانية إن العمال في قطاعات النفط والصحة والتعليم خرجوا في مسيرات في الأسابيع الماضية للمطالبة بتحسين أجورهم وظروفهم المعيشية.
ناشطون خليجيون
من جهة أخرى دعا المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني سلطنة عمان الى الافراج فورا عن حوالى ثلاثين ناشطا اعتقلوا لمطالبتهم باصلاحات، وقال بيان للمنتدى يحمل توقيع امينه العام انور الرشيد "لقد تابعنا بقلق بالغ الفترة الماضية وما يحصل في سلطنة عمان من هجوم شرس على نشطاء حقوق الإنسان زعماء الاضرابات التي حصلت في كافة الحقول النفطية للمطالبة بحقوقهم المشروعة التي تعمل الأجهزة المختصة مع الشركات على تجاهلها والتسويف بتحقيقها، واضاف "اننا في المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني ندين هذه الأعتقالات بشدة ونطالب الحكومة العمانية بأن تحترم أرادة شعبها وأن تعي بان التاريخ قد تغير ولم يعد تاريخ ما قبل هبوب رياح التغير رياح الربيع العربي". بحسب فرانس برس.
واعتبر البيان انه اذا كان هناك من يعتقد بأن رياح الربيع العربي قد تم السيطرة عليها و تدجينها والقضاء عليها فهو واهم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وبناء على ذلك نطالب الحكومة العمانية بأن تطلق سراح المعتقلين فورا وبدون قيد أو شرط أحتراما للمواثيق الدولية.
السلطات العمانية تفرج عن عشرة ناشطين موقوفين
الى ذلك أفرجت السلطات العمانية عن عشرة اشخاص من اكثر من 30 ناشطا بينهم حقوقيون وكاتب ومدونون اوقفوا على خلفية المشاركة في احتجاجات متجددة تشهدها السلطنة، بحسبما افاد احد محاميهم، وذكر المحامي ان الموقوفين ينفذون منذ ايام اضرابا عن الطعام، وقال المحامي يعقوب الحارثي ان "السلطات افرجت عن عشرة من المحتجزين في سجن سمائل المركزي (90 كلم غرب مسقط) ونقلوا الى مسقط قبل ان يفرج عنهم، وذلك بعد انتهاء التحقيق معهم"، واشار الحارثي الى ان السلطات كانت افرجت عن الكاتب سماء عيسى وعن شاب عمره 17 عاما، وافاد ان "المحتجزين كانوا قد بداوا اضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقالهم" حسب قوله، وكان الادعاء العام العماني اوضح في بيان ان السلطات اعتقلت "مجموعة من ابرز المسيئين والمحرضين وسيتم التحقيق معهم وتقديمهم للجهات القضائية وفق الاجراءات القانونية المعمول بها في هذا الشأن"، ويتهم الادعاء المحتجزين ببث "عبارات شتم وقذف واساءة وبث الاشاعات والتحريض على الاعتصامات والاضرابات في المنتديات الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي"، وقال الحارثي ان "ابرز الكتاب والحقوقيين والمدونين ما زالوا محتجزين ولم يتم الافراج عنهم وجار التحقيق معهم"، وبحسب الحارثي، فان "السلطات سعت الى اجراء تحقيقات مع المحتجزين دون حضور محاميهم بسبب تعطيل المؤسسات الحكومية بمناسبة الاسراء والمعراج"، وعبرت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود عن قلقها لما قالت انه موجة اعتقالات تطال ناشطين مطالبين بالاصلاح، وذلك بعد اعتقال حوالى 32 ناشطا منذ مطلع حزيران/يونيو بحسب المنتدى الخليجي لمنظمات المجتمع المدني، وكانت السلطنة شهدت في 2011 احتجاجات مطالبة بالاصلاحات ومكافحة الفساد، الا انها اخمدت فيما اتخذت السلطات بعض الخطوات الاصلاحية مثل توسيع صلاحية البرلمان.
مجلس الشورى العماني
في يحن يبذل مجلس الشورى العماني جهوده للتعجيل باصلاحات قوانين العمل بعد اضرابات نظمها عمال قطاع النفط في السلطنة للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل، وأضرب نحو 400 عامل في حقول النفط المملوكة للدولة في مايو ايار للضغط من أجل تحسين الأجور والمعاشات التقاعدية. وقال مسؤولون نقابيون إن شهر يونيو حزيران شهد المزيد من الاضرابات لاسيما بين موظفي الشركات الخاصة التي تعمل في صناعة النفط، وكانت الاضرابات هي الأكبر التي تشهدها السلطنة منذ اندلعت احتجاجات العام الماضي ضد الفساد والبطالة مستلهمة انتفاضات "الربيع العربي" في تونس ومصر، وناقش مجلس الشورى الذي يضم 84 عضوا منتخبا ويقدم المشورة للحكومة بشأن التشريعات الرئيسية مقترحات بشأن اصلاح قوانين العمل ومن بينها بنود تهدف لتعزيز حقوق عمال النفط العاملين بالقطاع الخاص، وقال عضو بالمجلس طالبا عدم نشر اسمه "نحاول تعديل القوانين الخاصة بعمال النفط لتحسين ظروف عملهم. في النهاية تسهم صناعة النفط في اقتصادنا، وتشمل توصيات المجلس توسيع نطاق لوائح تمنع العمال من العمل في مواقع خارجية خلال فصل الصيف عندما تتجاوز درجة الحرارة 50 درجة مئوية. ولا تنطبق هذه اللوائح التي تسمح للعمال بالتوقف عن العمل في الفترة من 1230 إلى 1530 على العمال في قطاع النفط، كما يمارس المجلس ضغوطا لضمان أن تسرع المحاكم العمالية وتيرة اصدار الأحكام في النزاعات بين العمال وأصحاب العمل. بحسب رويترز.
ويتمتع المجلس بصلاحيات تشريعية محدودة وتحتاج توصياته إلى موافقة الحكومة قبل تنفيذها لكن محللين سياسيين قالوا إن من المرجح قبول المقترحات، وقال المعلق السياسي حارب الشكيلي "تأثير مجلس الشورى على الحكومة يتزايد إذ أن سبعة من أعضائه السابقين في مجلس الوزراء الان بعد أن منحهم (السلطان قابوس بن سعيد) مناصب وزارية قوية في خضم الاحتجاجات (في) أبريل العام الماضي، كما يجتمع أعضاء المجلس مع شركات النفط الخاصة في مسعى للحيلولة دون تنظيم اضرابات في المستقبل ولحث الشركات على تحسين ظروف العمل في عمان التي تطل على مضيق هرمز الذي يمر منه أكثر من ثلث صادرات النفط العالمية، ودعا عمال النفط الساخطين الذين يعملون بالأساس في شركات خاصة إلى مساواتهم في الأجور والمعاشات بأقرانهم في الشركات الحكومية، وفصلت شركات النفط الشهر الماضي 413 عاملا احتجوا على الأجور وظروف العمل والمعاشات لكنهم عادوا بعدها بأسبوع حينما تدخل مجلس الشورى.
وقال سالم علي الكعبي نائب رئيس المجلس في بيان إن مجلس الشورى يتوسط بين عمال النفط وأصحاب العمل. وأضاف أن هذا سيقود إلى سن قوانين واضحة لتنظيم حقوق عمال النفط وقواعد جلية للمحاكم العمالية لتحسين العلاقة بين العمال والشركات، ورفضت النقابات العمالية التعليق على خطط مجلس الشورى الخاصة بسن قوانين جديدة للعمل في صناعة النفط، ويقول ناشطون عمانيون إن الغضب تزايد في الشهور القليلة الماضية وهو ما انعكس في صورة اضرابات في قطاعات النفط والتعليم والرعاية الصحية، وتعهد السلطان قابوس الذي يحكم البلاد منذ 42 عاما وهو أطول الحكام العرب بقاء في منصبه منذ الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي بتوفير الاف الوظائف واعانات البطالة بعد اضطرابات العام الماضي.