لا فضل لأية إجراءات حكومية أو لتحذيرات أو لمناشدات في إستقرار الأسعار وإن كانت على إرتفاع , في أول أيام الشهر المبارك , فقد صادف أن السلع متوفرة وأن الطلب معتدل , لكن ذلك لا يعني عدم تشديد الرقابة على الأسعار والتأكد من التزام التجار بهوامش ربح معقولة وهي مهمة غرف التجارة .
أنباء ارتفاع أسعار السلع تدفع الناس الى التهافت عليها بدلا من الارتداد عنها في مثال سييء على النمط الاستهلاكي المشوه , ففي ذهن المستهلك قاعدة مغلوطة هي أن ارتفاع الأسعار يعني فقدان السلع ويعني كذلك أن ارتفاعها مستمر بينما التهافت للأسباب سالفة الذكر هو ما يرفع الطلب ويرفع الأسعار .
هناك قاعدة تقول أن أسعار السلع تميل للاستقرار ما دام الطلب يسير بوتيرة طبيعية والعكس هو الصحيح , وصحيح أن أسعار بعض السلع ترتفع في المواسم لتوقعات زيادة الطلب عليها لكن أن تكون جنونية فهذا يعني أن خللا ما وراء ذلك ! .
ترتفع الأسعار بالعادة لزيادة الطلب أو لتراجع الإنتاج لعدم القدرة على الاستيراد , ولكل عنصر مما ذكر أسباب منها مثلا حركة المواسم كما في اللحوم والسلع الغذائية حاليا , وهناك أسباب أخرى مثل الكوارث الطبيعية أو الصقيع في حالة الخضار, أو لإغلاق باب الاستيراد بقرار حكومي أو شح السلع وارتفاعها في بلدان المنشأ كما في حالة الحليب .
الأوضاع تبدو طبيعية الا من استثناءات محدودة , في بعض أسعار الخضار لإختلاف الموسم ’ فثمة خضار هذا ليس موسمها وإستيرادها لتوفيرها مكلف ما يفسر إرتفاع أسعارها , لكن البدائل حاضرة , والبدائل الأهم هي تلك التي تتمثل في العروض الكبيرة التي تنفذها المولات الكبرى في تنافس واضح .
هناك حاجة بإستمرار لتفقد المسؤولين والمراقبين للأسواق لتأكيد الوجود المادي والمعنوي للحكومة كمراقب جاهز للتدخل بغرض الترهيب منعا للاستغلال , لكن الحفاظ على توازنات السوق وضبط الأسعار يحتاج إلى شيوع ثقافة أخلاق السوق في أوساط التجار والمستهلكين بأن لا يكون التاجر جشعا ولا يكون المستهلك متهافتا .