خواطر رمضانية


أخلصنا ... خلّصوا علينا
صدقنا ... وكذّبوا علينا
أنا من مواليد منتصف القرن الماضي عندما اندمجت الضفّة الغربيّة للنهر المقدّس مع شقيقتها الضفّة الشرقيّة تحت مظلّة المملكة الاردنيّة الهاشميّة والقيادة الهاشميّة التي لم نعرف قيادة غيرها وعلى مرّ السنين عملنا واخلصنا من اجل الوطن والقيادة وهذا واجب وليس تمنُّنا وصدقنا في انتمائنا وهذا نابع من تربيتنا وليس تصنُّعا .
وقد عشنا اياما من راحة البال بالرغم من إنشغال البلد بالقضيّة الفلسطينيّة وقد كانت ترد مساعدات ماليّة وعينيّة عربيّة ودوليّة مباشرة ومن خلال وكالة الغوث ولجان وجمعيات خيريّة مختلفة وقد كنّا نرى تلك المساعدات تُصرف على الناس مباشرة وقد يكون هناك بعض الفساد لكنّه ليس محسوسا واتذكر بعد حرب 67 وزّعوا علينا علب سردين وبسكويت وغيره في المدارس واماكن توزيع المؤن .
وكانت الحكومات من رجالات لهم وزنهم وهيبتهم بل هم اعلاما في مجتمعهم ومعظمهم معروفون لدى الكثير من الناس وتشعر من احاديثهم بانهم رجال مسؤولون واصحاب قرار وليس كوزراء اليوم إلاّ من رحم ربّي تشعر انهم موظّفون صغارا امرهم ليس بيديهم يخشون من إعطاء اي قرار او تصريح قبل الرجوع الى رئيس الحكومة او المخابرات اي انهم كالعجين يتشكّل على اي شكل ولايستطيعون اصدار قرار او تحمّل مسؤولية اي قرار تصدره الحكومة ويمكن ان يتبهدل لأي خطأ او قرارغير صائب حتّى وإن لم يكن صادرا من وزارته او بأسمها ومن ذلك امثلة كثيرة مثل الشاورما مع المايونيز الفاسد وتسرب امتحانات التوجيهي والإعتداءات على اصحاب الإحتياجات الخاصة والمسارع النووي وغيرها الكثير .
والناس نفس الناس والولاّدات من الاردنيّات لم يتغيّرن بحنانهن وحليبهن فما الذي بدا وتغيّر بالتأكيد هي الثقافات والتغيير نحو الاسوأ نعم انحدرت القيم والمبادئ وطفا على عقول الكثير من الرجال او اشباه الرجدال مفاهيم جديدة مثل .. شو يعني؟؟ ...عادي... لبعدين ... ان شاء الله بمعنى كلا ... وغيرها من كلمات التواكل ولكن الأدهى هي تلك المكاسب السيئة التي استحوذناها من الحياة الماديّة التي نعيشها وابتعادنا عن الدين والعقيدة والمبادئ وتركنا المحبّة والتسامح والسلام والايثار والنخوة وحلّت مكانها صفات كانت في مفاهيمنا عيب وحرام مثل الكذب والإستسلام والنفاق والخديعة والغدر والنميمة وتشجيع الظلم ومخالفة القوانين والحض على الشرْ والمماطلة والربا وتوّجت كل تلك الصفات بالفساد الذي اشتمل على كل الممارسات والصفات السابقة الذكر واكثر .
وهكذا كان اصبح المخلصون هم الاقلّة وهم الذين يُصفون بالضعف والهبل احيانا حتى اوشك الفاسدون بقوّتهم التخليص علينا و التخلّص منّا وبالقدر الذي كنا معهم صادقين الولاء والانتماء فقد كذبوا علينا وكانت الكذبة الكبرى انهم هم الوطنيون والمنتمون والعاملون بشرف من اجل الوطن والمواطن وانطلت علينا الكذبة وانجررنا ورائهم بل ومعهم احيانا كثيرة .
حتّى جاء الربيع ونوّرت كل اكاذيب معظم القادة ومهما كان الربيع مرّا وقاسيا في بعض الاحيان إلاّ انّه فتّح العيون والبصائر واذاب الخوف وعقدة اللسان وانعش الضمائر عند الكثير من الناس وفد نكون بتنا لا نخشى على اطفالنا من استمرار انهيار المجتمع بعد ان زالت الغشاوة عن عينيه وزال الخوف من صدره .
وكانت احدى خطوات الربيع ان زادت عدد الدول العربية التي ابتدأت شهر رمضان المبارك بنفس اليوم وسيأتي اليوم الذي يتوحد العرب المسلمون بتواريخ صومهم واعيادهم ويكون الجهاد سبيلا لتحقيق اهدافهم الجهاد المسالم الحق يقوم على المحبّة والسلام وردْ الحقوق لاصحابها وكل عام والعرب والمسلمون بالف خير .
قال تعالى: (شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )صدق الله العظيم
21/7/2012