اللواء عمر سليمان .. توفي لظرف صحي أم أغتيل ؟!!

ـ خاص وحصري لـ أخبار البلد - رائده الشلالفه

برحيل صاحب الصندوق الأسود الرئيس السابق لجهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، وبما يملكه من ملفات ضد اسلاميي مصر ، وبعد نحو اسبوع واحد فقط على استدعائه من الامارات من قبل المجلس العسكري في اعقاب قرار الرئيس المصري الجديد محمد مرسي باعادة البرلمان المنحل، يأتي خبر وفاة سليمان من الولايات المتحدة كالصاعقة ليقلب اوراق المعادلة السياسة جملة وتفصيلا ..

فـ قبل أن يوارى الثرى، الذي سيضمه بعد ساعات، تضاربت الأنباء التي تداولتها محافل الاعلام العالمي والعربي والمصري على وجه الخصوص حول وفاة رئيس جهاز المحابرات السابق اللواء عمر سليمان، وذلك حيال ما قد أعلن عن وفاته يوم أمس الخميس من انه يتلقى العلاج في الولايات المتحدة في مستشفى كلفلاند في ولاية أوهايو الامريكية،حيث كشفت الفحوص الطبية وفق ما اعلنته السفارة المصرية في واشنطن في بيان لها أنها أُخطرت صباح الخميس، من قبل ذوي نائب الرئيس المصري السابق، عمر سليمان، بأنه قد وافته المنية صباحا، والذي كان يُعالج فيه، وأن سبب الوفاة كان مرضاً وراثياً في الدم، تم اكتشافه خلال الأيام الماضية، أثناء الفحوصات التي كان يجريها بالمستشفى. 

المفارقة انه قد سبق ذلك ما تم تسريبه إلى الصحافة المصرية الأسبوع الماضي حيث تواردت أنباء عن استدعاء المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء عمر سليمان من دولة الإمارات، التي سافر إليها مؤخرًا، مضيفة ذات التسريبات عن عودته للقاهرة خلال ساعات آنذاك، رابطة تلك التسريبات استدعاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة للواء عمر سليمان مدير المخابرات السابق من الإمارات العربية وذلك بعد قرار الرئيس محمد مرسى بإعادة البرلمان المنحل".

وكانت التسريبات المشار إليها قد أكدت أن "عملية استدعاء المشير طنطاوى لسليمان تمت بصورة غير معلنة وتم الترتيب بشأنها أن تكون بعيدة عن وسائل الإعلام الأمر الذي اعتبره البعض حال صحتها مخطط من قبل العسكر للانقلاب على الرئيس بعد قراره الأخير"،.

وكان اللواء عمر سليمان الذي تولى منصب نائب الرئيس المخلوع لفترة قصيرة، قد غادر بداية الشهر الماضي إلي دولة الامارات العربية - أبو ظبي، ثم لحقت به أسرته ، في حين رأى مراقبون أن السفر الغامض إلى دولة الإمارات ربما كان بهدف تقديم خبراته الأمنية في التعامل مع التيارات الأمنية للأجهزة الأمينة في تلك الدولة الخليجية التي شنت السلطات فيها حملة اعتقالات مؤخرًا ضد إصلاحيين، مقربين من جماعة الإخوان.وعمر سليمان هو أحد رموز السلطة في عهد مبارك ممن سجلت بحقه الخصومات "الشنيعة" مع الإسلاميين في مصر، وهو أحد الذين يدركون خبايا الدولة المصرية نظرا للموقع الحساس الذي كان يشغله.

وبالنظر لما يُعرف به اللواء الراحل عمر سليمان من أنه كان بمثابة "الصندوق الأسود" للرئيس المخلوع مبارك وكاتم اسراره الخطير، وعينه واذنه بل وعقله في كل ما يتعلق بالأمن القومي والملفات الحساسة في السياسة الخارجية، يرحل فجأة وقبل ان يفتح خزينة اسراره، ، فإن قرار استدعائه من قبل المجلس العسكري كان يحمل في طياته الكثير من الخبايا والخفايا التي إن تم استخدامها كأوراق أخيرة رابحة من شأنها قلب أوراق المعادلة بين الشارع المصري ممثلا بثورة الخامس والعشرين من يناير وسلامة إفرازاتها، وبين إسلاميي السلطة المصرية ممثلة بالرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة، مع ما قد يتكشف من خبايا اللواء ما يقلب الطاولة برمتها ويكشف المسكوت عنه، والذي لن يكون بأي حال من الأحوال لجانب الثورة أو الرئيس !!
وهو الأمر ذاته الذي سيكون وراءه مخطط لإسقاط الرئيس المصري الجديد محمد مرسي.

ويظل السؤال قائما إزاء صاحب الصندوق الأسود اللواء سليمان بـ هل توفي جراء وضعه الصحي أم تم إغتياله بطريفة ما، سيّما إذا ما التفتنا للفارق الزمني بين عملية استدعائه من الامارات بطلب من المجلس العسكري، وبين توقيت إعلان وفاته !!

يشار إلى أن آخر تصريحات اللواء الراحل قالت بامتلاكه الكثير من الملفات بحكم عمله، أبرزها "فجوات" تتعلق بالحراك السياسي لإسلاميي مصر، وذلك ما يوضحه الاقتباس التالي من تلك التصريحات التي كان قد أدلى بها لوسائل الاعلام :

" أنا طبعا كنت رئيسا لجهاز المخابرات ولدى ملفات كثيرة بحكم عملى.. بجانب قراءات تاريخية لما كان بين الإخوان والمخابرات فى السابق.. ونحن فى البداية والنهاية جهاز معلومات.. لا شأن لنا بتنفيذ الأمن فى الداخل.. كل مهمتنا جمع المعلومات وتقديمها لأجهزة أخرى لتتصرف فيها، وقد مرت العلاقة بين المخابرات والإخوان بثلاث مراحل.. تبدأ الأولى عام 1964.. حين قرر جمال عبد الناصر رفع الأحكام العرفية.. والإفراج عن الإخوان.. ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية.. وينضموا إلى المجتمع.. لنستفيد من خبراتهم وقدراتهم ومشاريعهم فى نهضة البلاد.

لكن.. صلاح نصر.. رجل الجهاز القوى فى ذلك الوقت كان متوجسا منهم.. فتنظيمهم الذى بدأ عام 1928 لن يقدم لمصر، فى رأيه، إلا المزيد من التحريض والاغتيالات والمعارضة ودفع الشباب للصراع مع المجتمع.. فكان صلاح نصر يتابع ما تفعله الجماعة بكل تنظيماتها المعلنة والخفية.

ولم تمر سوى فترة وجيزة على خروج الإخوان إلى الحياة من جديد إلا ووجد صلاح نصر أن الجماعة خلقت تنظيمات سرية مرة أخرى.. وبدأت تتآمر لتغيير النظام بالعنف طبقا لخططهم.. ومنها اغتيال جمال عبد الناصر.. وتنفيذ تفجيرات.. ونسف محطات الكهرباء والمياه والخدمات العامة.. باختصار خلق فوضى.. تمهيدا للقفز على السلطة.

عندما قدم صلاح نصر هذه المعلومات إلى جمال عبد الناصر والوثائق والتسجيلات المؤيدة لها طلب من الأجهزة الأمنية (الداخلية والمباحث الجنائية العسكرية) التدخل لإحباط المؤامرة.. وقبض على كل عناصرها.. وصودرت الأسلحة والذخائر والقنابل.. وتولت هذه الأجهزة التحقيقات.. ولم يكن لجهاز المخابرات صلة بالقضية سوى تقديم المعلومات.. فالمخابرات ليس جهاز تنفيذ عمل فى الداخل.. ومن يدعى أن المخابرات جهاز يقبض ويضرب ويعذب كاذب.. لا يعلم بالضبط حقيقة وحدود مهنتنا".

وبذات الصدد، وفي ذات التصريحات، فند اللواء الراحل إدعاءات الاسلاميين بالتنكيل بهم من قبل جهاز المخابرات، بل وكشف الراحل المزيد مما من شأنه يكشف تورط الالساميين بالكثير من المطبات السياسية بقوله :


" الأكاذيب التاريخية لا حصر لها.. ومنها أن الإخوان يدعون أنهم تعذبوا فى الجهاز.. وهم لا يقولون الحقيقة لأنهم يعلمون أن المخابرات ليست الجهة التى تحقق أو تعذب".

وعن علاقته بالإخوان يقول :
" توليت منصب مدير المخابرات فى 4 مارس 1991.وكانت فترة صعبة.. ففيها خرج من عباءة التيار الدينى عدد كبير من التنظيمات المتأسلمة.. مثل الجهاد.. والجماعة الإسلامية.. والتكفير والهجرة.. وجند الله.. وجند محمد.. وغيرها.. وتسببت هذه التنظيمات المسلحة والعنيفة فى مواجهات إرهابية ضد شخصيات ومنشآت بجانب الشرطة، وكل ما فعلنا هو أننا رحنا نتابع هذه التنظيمات ونقدم عنها ما نتوصل إليه من معلومات.. وجدنا أن الإخوان فى ذلك الوقت لا علاقة لهم بالعمليات الإرهابية.. كما أنهم لم ينضموا إلى هذه التنظيمات.

وكلفت من الرئيس بوضع خطة للقضاء على ظاهرة التنظيمات الإرهابية التى انتشرت فى مصر.. وكان هناك اجتماع حضره العديد من القيادات الأمنية المختلفة.. واقترحت المواجهة.. قلت: لابد من المواجهة.. وكما تعلم أن جهاز المخابرات ليست له قوة تنفيذية.. وهو يترك مهمة التنفيذ للأجهزة الأخرى.. لكن.. الأجهزة الأخرى كانت تخشى المواجهة.. وشرح المسئولون عنها وجهات نظرهم.. وطالبوا بمهلة زمنية كى يستعدوا للمواجهة.. لكنى نصحت الرئيس بأن الوقت مناسب.. ولا يجوز التأخير.. فالتأخير سوف يضاعف من صعوبة المواجهة.. وقد لا ننجح فى القضاء على هذه التنظيمات.

وبدأت المواجهة معه.. الجهاد أولا، وهو ما جعل عناصرها تشعر بالخطر فخرجت قياداتها ومعظم عناصرها إلى السعودية وأفغانستان وباكستان واليمن.. انتشروا هناك.. وظلت الجماعة الإسلامية تقاوم.. وأحدثت كثيرا من الخسائر حتى وقعت مجزرة الأقصر التى تغير معها موقف الرأى العام المصرى.. وكان الناس فى مصر هم اكبر معين لأجهزة الأمن فى كشف مخازن أسلحة الإرهابيين وتحديد عناصرهم وقياداتهم حتى انهار تنظيم الجماعة الإسلامية ونجحنا فى القضاء على ظاهرة الإرهاب فى مصر.

أما الإخوان المسلمون فلم يشاركوا فى العمليات الإرهابية.. وكان السبب هو اتصالاتنا بهم.. وحرصنا على إبعادهم عنها.. ونجحت خطتنا.. فلم يشاركوا بتمويل أو تسليح أو مساندة إعلامية.. فقد وجدوا أن الاتصالات معهم تحافظ عليهم.. نعم لقد حافظنا عليهم.

وظل جهاز المخابرات على اتصال بهم على فترات مختلفة حتى نرشد تعاملهم مع الدولة.. كنا كمخابرات عامة نحرص على أن يشارك الإخوان فى الحياة السياسية والمجتمعية.. وهو أمر وجدناه لصالح مصر.. دولة ومواطنا.. لكن فى الوقت نفسه لم نكن لنقبل أن نصبغ الدولة المصرية بالصبغة الدينية التى كانوا يريدونها.. فهم لم يتخلوا أبدا عن فكرة القفز على السلطة.. وفى كل مرة يقبض فيها على بعض عناصرهم كانت التحقيقات معهم تكشف عن إصرارهم على أن ينتهوا إلى الوصول للحكم.. إنها فكرة لم تتبدل.. ولم تتغير.