ناهض حتر يفتح ناره على فايز الطراونة ويكتب : الطراونة ... فن الاستعداء

اخبار البلد_ يظلم المراقبون رئيس الوزراء ، فايز الطراونة، حين يروّجون عنه افتقاره إلى أية مواهب سياسية. بالعكس، إنه موهوب جدا في فن استعداء الرأي العام والقوى الحليفة والمحايدة والمتقاطعة.
حين تولى الرئاسة، تولى بنفسه تذكير الناس بأنه من جماعة وادي عربة. واعتبر أن الدفاع المكابر عن تلك المعاهدة المشؤومة، دليلٌ على شجاعته. ولم ينتبه إلى أنه يُهدي، لخصومه، مادة لهجائه.
بسبب ضعف اتصاله الثقافي والسياسي مع المجتمع الأردني، لم يلحظ الطراونة ما حدث من إجماع وطني على نبذ وادي عربة من النقاش. كلهم الآن ضدها، حتى الأذكياء ممن صنعوها. وذلك بالمناسبة موقف سياسي غير مكلف، طالما أن إلغاء المعاهدة غير مطروح في برامج المعارضة. فما الذي حمّس الطراونة لهذه المواجهة المجانية؟
حتى كبار رجال الدولة أغضبهم الطراونة في ترتيباته الحصرية لتصليح النظام الانتخابي الذي طلب الملك تعديله من أجل التوصل إلى تسوية ما مع المعارضة. فهل يُعقَل أن يردَّ الطراونة على استفسار عين بحجم رجائي المعشر حول مضمون الطلب الملكي، بالقول "إن المجالس أمانات" ؟ أكانت جلسة أصدقاء أم اجتماع ملك برئيس وزراء؟
لم يهتم الطراونة بآراء النواب والسياسيين والصحافيين. حسنا. ولكن ماذا عن ستة عشر عينا رفضوا تعديله الأصمّ على النظام الانتخابي. لقد كان هنالك اقتراح طوّره رجال الدولة في " الأعيان" بنظام انتخابي بثلاثة أصوات، للدائرة والمحافظة والوطن. وهو اقتراح ذكي لا يخلّ بالمعادلات، ويتجاوز، في الوقت نفسه، نظام الصوت الواحد، ويسمح بتسييس الانتخابات. لكن. كلا. الطراونة لا يخرج عن النص إطلاقا، ولا يلمح الحساسيات السياسية ولا يرغب في الاستشارات ولا في توسيع الاصطفاف السياسي وراء سياسات حكومته، حتى وهي تواجه الإخوان المسلمين وحلفائهم.
تابعت عدة مقابلات وتصريحات للطراونة. وهو مستعد لأن يقول ما يخطر له من دون تمحيص و حسابات لكلامه المحسوب على الحكومة والنظام والدولة. ففي مساء الأحد الماضي كان على " العربية"، في موقف النأي بالنفس عن الأزمة السورية، لكن مساء الاثنين، أعطى لنفسه الحق بإصدار حكم باسم السوريين جميعا مفاده أن "الحوار لم يعد مجديا في سورية"، وتجاوز حمد بن جاسم نفسه، وهو يطالب مجلس الأمن بالحسم في البلد الجار التوأم. فهل هي تعليمات حرفية جاءت لرئيس الوزراء فأعلنها للتوّ؟ أم كانت تلك فكرة خطرت له بالأثناء أم كان رأيا استمع إليه قبل دقائق، فكرّره، غير عارف بأنه سيفتح على الحكومة والنظام، جبهة جديدة من المعارضة؟
هل كان الطراونة، خلال السنوات الأخيرة يقرأ الصحف ؟ هل كانت له أية صلات مع القوى الاجتماعية والسياسية؟ الإجابة هي (لا) كبيرة، وإلا لكان أحدهم نصحه بتلافي ملف بسيط هو ملف عمّال المياومة.. الذي سينفجر الآن في وجه النظام .