حطب الثورة

قد يكون قانون الانتخاب الذي استخدمت الحكومة كل إمكانياتها التعبوية الإعلامية لإقناع الشارع الأردني بأنه الأفضل والأصلح للمرحلة الحالية، وانه العنوان الأبرز للإصلاحات السياسية التي تقدمها الحكومة، استجابة لضغط القوى السياسية والتيارات الحزبية من جهة، ولرغبة الملك في تقديم إصلاحات تتوافق والأحداث التي تمر بها المنطقة من جهة أخرى، ولكي لا يتم تشويه الموقف الأردني عالميا، ولكي تبقى له حجه إعلامية يمكنه الدفاع عن نفسه بها، ولو كانت بتشويه صورة الحراكات السياسية، كما هو ملاحظ من خلال تبني بعض الصحف والمواقع الالكترونية لهذا النهج، أو من خلال الإعلام المبالغ فيه كحشد أعداد كبيره من المواطنين لإظهارهم بمظهر الراضي بقانون الانتخاب الجديد، وانه بمستوى طموحاتهم، ويلبي رغباتهم السياسية، من خلال اجتماعات رسمية للحكومة مع بعض القوى الشعبية، متمثلة ببعض المخاتير وشيوخ بعض القبائل الذين هم ضمنا من المنتفعين بشكل مباشر من الحكومة، ويعتبروا من أكثر الملتفين بعباءتها.

وبعد إعلان جبهة العمل الإسلامي، وبعض التيارات السياسية واللجان التنسيقية للحراكات الشعبية في مختلف مناطق المملكة مقاطعتها للانتخابات ترشحا واقتراعا، فان النتيجة من إجراء الانتخابات في ظل هذه المقاطعة سيؤدي إلى مزيد من السخط الشعبي الذي تقوده الجهات المقاطعة للانتخابات، والتي هي أصلا من حرك هذه الإصلاحات، فكل إصلاح تدعيه الحكومة لا يلبي رغبات هذه الجهات، فانه لا يزيد عن كونه تمثيلية، والتفاف حكومي على المطالب الشعبية، لتزيين موقفها إعلاميا بطريقة انتهى زمانها، وما عادت تقنع أحدا، إلا لمن لا يهمه شأن المطالب الإصلاحية من بعيد أو قريب، أو لمن تخدمه الفزعة الحكومية والرعاية الرسمية.

فحكومة الدكتور الطراونه بموقفها من قانون الانتخاب واعتراضها لمسيرة الإصلاح الوطني، ستدفع الناس إلى تبني مواقف أكثر تشددا في مواقفها السياسية، فقد أدت سياسات وقرارات الحكومة الاقتصادية، إلى توليد قناعة عن حكومة الطراونه، بأنها حكومة تأزيم وخلق مشاكل وتضييق على المواطن في كل نواحي حياته المعيشية، وأنها حكومة قمعية، هدفها إشغال المواطن بأساسيات معيشته، وصرفه عن التفكير بأي مطلب سياسي أو حقوقي، وهو الأمر الذي قد تكون نجحت به إلى حد ما، إلا إنها وفي نفس الوقت أدت بسياستها المتخبطة إلى إيجاد جيش من المعارضين لسياساتها الاقتصادية، والذي انظم إلى الحراكات الشعبية ضد الحكومة، والتي للأسف فان أي نقص في رضا الشارع عن أدائها، سينعكس بشكل مباشر على رصيد الملك لدى الشعب، على اعتبار أن الطراونه مكلف من الملك، الأمر الذي يتعذر معه إيجاد عذر للفشل الذي وقع به الطراونه بكسب تأييد الشارع لأي من سياساته الاقتصادية أو السياسية، والتي أصبحت تعتبر حطب يقدمه الطراونه لزيادة إشعال الثورة والتي لا تزال في حدود السيطرة، ما لم يأتي دولته بمزيد من الحطب.