ناهض حتر يكتب : الأسد باقٍ...

اخبار البلد_ تراجعت بعثة المراقبين الدوليين عن وصف ما حدث في بلدة "التريمسة" بالمجزرة ضد المدنيين، واعترفت بأن ما حدث هو قتال بين القوات النظامية والمسلحين، نجم عنه مقتل مدنيين اثنين. أما القتلى الـ37 الآخرون فهم من مقاتلي المعارضة.
آن الأوان لهذا الفيلم الأميركي ـ الخليجي ـ التركي الطويل أن يتوقف، أو آن لنا أن نصحو، ونواجه الحقيقة:
لم يعد هناك حراك شعبي ديموقراطي في سورية، وإنما تمرد مسلح مدعوم من أطراف إقليمية ودولية بالمال والسلاح والمقاتلين بهدف تقويض الدولة السورية. وأصبح من واجب الجيش العربي السوري، وطنياً ودستورياً وأخلاقياً، القضاء على العصابات المسلحة والبؤر الإرهابية، بالقوة.
لقد جرّبنا وضعا شبيها في الأردن عام 1970. وقام جيشنا، عندها، بواجبه لاستعادة الأمن وسيادة القانون في البلاد. وقد دعمناه. وسندعمه إذا تكرر، لا سمح الله، وضع مماثل في المستقبل.
المعركة في سورية عنيفة وموجعة وقد تكون طويلة، لكن مآل المعركة أصبح واضحاً منذ الآن. وقد وضع رئيس الدبلوماسية الروسية، سيرجي لافروف، النقاط على الحروف بهذا الشأن:
ـ الأسد لن يتنحى ليس لأن روسيا والصين تدعماه، وإنما لأنه يحظى بدعم القسم الأساسي من شعبه،
ـ روسيا لن تمرر قرارا دوليا تحت الفصل السابع ( أي يهدد باستخدام القوة) أو يتضمن مُهَلاً أو عقوبات،
ـ الجيش العربي السوري لا يرتكب مجازر بحق المدنيين، وإنما يقوم بالاشتباك في معارك مع متمردين مسلحين.
ومعنى هذه الخطوط الحادة واضح تماما:
ـ لن تقبل روسيا بأية تسوية سياسية في سورية خارج رئاسة الأسد،
ـ ولن تسمح بتدخل خارجي تحت الشرعية الدولية،
ـ وستدعم الجيش العربي السوري في عملياته الأمنية العسكرية ضد العصابات المسلحة حتى النهاية.
النظام السوري، إذاً، محصن تماماً. وبقي احتمال واحد. وهو أن تقوم الولايات المتحدة أو حلف النيتو أو تركيا مدعومة من هذا الحلف، بعدوان على سورية خارج الشرعية الدولية. لكن هذا الاحتمال ضعيف للغاية،
ـ بالنظر إلى العجز الذاتي لدى الأطراف المعنية، المنهكة اقتصادياً وعسكرياً،
ـ بالنظر إلى القدرات الدفاعية للجيش العربي السوري المزوَّد أنظمة تسليحية وتقنيات جديدة، مما سيجعل أي تدخل عسكري خارجي ضده صعباً ومديداً،
ـ بالنظر إلى أن إيران وحزب الله لن يتركا سورية تقاتل وحدها،
ـ وبالنظر إلى استعداد روسيا ـ والصين ـ لتقديم دعم عسكري واقتصادي ومالي بلا حدود لمعسكر المقاومة.
ينبغي النظر إلى الموقف الروسي المتشدد بشأن سورية، نظرة جدية وعميقة، والتوقف عن الأوهام الساذجة التي تتحدث عن إمكانية شراء هذا الموقف أو عن إمكانية زحزحته بالابتزاز. الروس اليوم يشتهون المواجهة لتظهير التحولات الحاصلة في ميزان القوى الدولية لصالح التعددية القطبية. وهم لا يكتفون بالكلام، بل يواجهون الغرب في مجلس الأمن دفاعاً عن سورية، ويزوّدونها السلاح الحديث، ويشغلون المنظومات الرادارية والجدران الإلكترونية على نطاق الشرق الأوسط لصالحها، ويبيعونها الأسلحة والسلع بالليرة السورية الخ وما خفي كان أعظم!
أضع هذه الحقائق بتصرّف جهتين :
ـ صنّاع القرار في الدولة الأردنية؛ فعليهم أن يدركوا ويبنوا حساباتهم على أن الدولة السورية والنظام السوري برئاسة الأسد، باقيان في المدى المنظور، فلا تقسيم ولا تنحي.
ـ الحركة الوطنية الأردنية؛ فعليها ألا تخشى حدوث تغيرات إقليمية دراماتيكية، وتعزز، بالتالي، حضورها ومقاومتها للمشروع الإخواني ومعارضتها لأي تدخل أردني في الشأن السوري، بما في ذلك ما يسمى مخيمات اللاجئين، خصوصا وأن مجموعات مسلحة مشبوهة بدأت بعمليات تقتيل موجهة ضد فلسطينيي سورية بهدف دفعهم للهجرة صوب الأردن. وذلك في سياق المشروع الأميركي القَطري ـ الإسرائيلي للوطن البديل .