''لا شرقية ولا غربية'' مسرحية تنتقد جدل الهوية في الاردن

اخبار البلد_ تعدى انقسام منزل جبر بيك جزئيه الشرقي والغربي بلوني فريقي الفيصلي والوحدات الازرق والاخضر، الى انقسام اسرة هذا الاردني وزوجته زريفة ذات الاصل الفلسطيني حتى بما يتعلق بلهجتيهما والاكلة المفضلة.

وتسلط مسرحية "لا شرقية ولا غربية" الكوميدية ولأول مرة الضوء على جدل الهوية في المملكة، شرق اردني واردني من اصل فلسطيني، باسلوب فني ساخر.

وتدور احداثها في بيت عائلة جبر بيك الشرق اردني المتزوج من زريفة الاردنية من اصل فلسطيني وولديهما فارس (35 عاما) وسعاد (25 عاما) العاطلان عن العمل واللذان ينحاز كل منهما الى احد والديه.

ويتجادل الزوجان، المتعصبان كل الى ناديه، فهو يعشق نادي الفيصلي الملقب ب"الزعيم" ويمثل الشرق اردنيين، فيما تشجع هي الوحدات الملقب ب"المارد الاخضر" المسمى باسم احد اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بعمان.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتجادل الاثنان حول لهجتيهما، فجبر لهجته اردنية اما زريفة فلهجتها فلسطينية فلاحية، ويختلفان كذلك حول اكلتي "المنسف" الذي يعد الطبق التقليدي في الاردن و"الملوخية" التي يفضلها الفلسطينيون.

ويقول الكاتب السياسي الساخر كامل النصيرات (40 عاما) مؤلف المسرحية، لوكالة فرانس برس "افتخر باني كسرت هذا الحاجز (الحديث عن شرق اردني واردني من اصول فلسطينية) خصوصا بعد الربيع العربي"، الذي اطاح بحاجز الخوف لدى الشعوب.

واضاف ان "تركيبة مجتمعنا منقسمة في اغلبها الى شرق اردني واردني من اصول فلسطينية، وتظهر النزاعات عندما تتقدم او تتأخر المصالح".

واكد ان "كتابة النص استغرقت ثلاثة اشهر والتدريبات ستة اشهر اخرى تم خلالها تعديل الجمل هنا وهناك بحيث لا تغضب التعليقات والكوميديا والسخرية والانتقادات الموجودة في النص اي طرف".

وبحسب النصيرات فان "عددا من المسؤولين حضروا المسرحية وكانوا يضحكون طوال الوقت ويصفقون بحرارة واعتقد ان الرسالة وصلت".

ويفاخر جبر الذي يرتدي كوفية اردنية حمراء، التي يقابلها لدى الفلسطينيين البيضاء والسوداء اقتداء بزعيمهم الراحل ياسر عرفات، بفريق النادي الفيصلي.

ويحاول اغاظة زوجته قائلا "على الاقل نحن نلعب فوق ارضنا"، فترد عليه زريفة "بس فريقنا صاحب الجمهور والكأس"، لترتفع قهقهات الجمهور.

والفريقين يلعبان بالدرجة الممتازة وهما الاكثر فوزا بكأس الاردن ودرعه لكرة القدم.

واسدل الزوجان خلافاتهما على كل جزء في المنزل حتى ستائره فنصفها باللون الاخضر الذي يرمز لزي نادي الوحدات ونصفها الاخر بالازرق الذي يرمز لزي نادي الفيصلي.

كما كتب على الجانب الايمن للحائط "المانيا الغربية العربية" و"المانيا الشرقية العربية" على الجانب الايسر، في اشارة الى شرق نهر الاردن وغربه.

وينوه نصيرات الى ان "عددا من لاعبي النادي الفيصلي هم من اصول فلسطينية حتى مؤسسه سليمان النابلسي هو ايضا فلسطيني الأصل".

لكنه يضيف ان "من النادر ان تجد شرق اردني يشجع الوحدات او العكس".

غالبا ما تجري مباريات الفيصلي والوحدات وسط اجراءات امنية مشددة وقد الغي عدد منها سابقا اثر اعمال شغب بين مشجعي الفريقين.

ويعلق جبر خلال المسرحية متهكما "في كل بلدان العالم يركض 22 لاعبا خلف الكرة الا في بلدنا، هناك ستة ملايين شخص يركضون ورائها" في اشارة الى سكان الاردن.

ولا يوجد ارقام رسمية لعدد الاردنيين من اصول فلسطينية لكن خبراء يرون انهم يشكلون جزءا كبير من سكان المملكة التي يقطنها اكثر من مليوني لاجىء فلسطيني.

ويناكف جبر زوجته المتعصبة لأصلها الفلسطيني فيرفض تناول الملوخية والخضار لان لونها اخضر فتقترح عليه البحث في الأسواق عن خضار بلون ازرق ليأكل في اشارة للون زي فريقه.

ويفقد البيت خصوصيته اثر الخلافات بين اصحابه الذين يتخاصمون على مشاكل سطحية تؤدي لتقويض جدران المنزل فتصبح ابوابه مشرعة للصوص ينتهكونه امام اعينهم دون ان يحركوا ساكنا.

وتتوالى احداث المسرحية وهي من ثلاثة فصول حتى يكتشف "جبر وزريفة" ان اللصوص سرقوا الغسالة والثلاجة والطعام والكراسي ونظفوا البيت من كل محتوياته فيما هما منشغلان في جدالهما اليومي.

ويقول جبر في ختام المسرحية "المهم ان يعلمنا هذا الدرس كيف نلتم حول بعضنا البعض، سهل علينا ان نهدم حائط مبني من الحجر والطين لكن الاجدر والاحسن ان نهدم حيطان مغروسة في قلوبنا، اعمت بصيرتنا ومحت البسمة عن شفاهنا، ومش مهم شرقية او غربية".

ويمد يده لزوجته قائلا "زريفة القلب يحبك موت واحب اولادي من جوى خلينه نحط الايد بالايد على الحلوة والمرة وان هبت علينا ريح ما تسرق منا هالوحدة" داعيا اياها الى وضع المنسف والملوخية على طاولة واحدة لانه "اشتاق للاكلتين".

وتطرقت المسرحية التي عرضت على مسرح "عمون" وسط عمان ومسرح "ارتيمس" بجرش الى الربيع العربي والفساد في المملكة التي تشهد منذ كانون ثاني/يناير 2011 احتجاجات مطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد.

وتصاعد التوتر فلسطينيا-اردنيا عام 1970 لدى محاولة مجموعات فلسطينية مسلحة اسقاط نظام الملك الراحل الحسين بن طلال.

وقتل الاف الاردنيين والفلسطينيين في صدامات "ايلول الأسود" التي اتفق الطرفان ضمنيا على طي صفحتها المؤلمة للجانبين.

وعلى مدى سنوات طويلة يرفض القادة الفلسطينيون والاردنيون تقارير خصوصا اسرائيلية تقترح الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين.

ويؤكد النصيرات "العمل ليس فيه اثارة فتنة للوحدة الوطنية بل على العكس هناك دعوة للوحدة الوطنية خوفا على الوطن".

وكان النصيرات مثل امام محكمة امن الدولة عام 1995 وحكم بالسجن عام ونصف بتهمة اطالة اللسان على الملك حسين بعد تأليفه كتيب صغير اسمه "بين يدي امير المومنين" يتكلم عن وضع المملكة واتفاقية السلام مع اسرائيل.

من جهته، اكد مخرج المسرحية زيد مصطفى لفرانس برس ان "واجب الفنان مناقشة كل المواضيع المسكوت عنها والتي تعطل عجلة التنمية والتقدم في بلده".

ورأى مصطفى ان "المشكلة تكمن في ان المثقف العربي عموما اصبح يفرض على نفسه مجموعة من الآليات الرقابية واصبح رقيبا على ذاته اكثر من الرقابيين".

اما ليث، طالب جامعي تابع المسرحية، فيرى ان "هذا درس للجميع يعلمنا الاهتمام بامور اساسية في الحياة وترك الخلافات السخيفة جانبا".

ويشير الى ان "جميعنا يحب كرة القدم وعندما يلعب لاعبو الوحدات والفيصلي معا في المنتخب الاردني كلنا يشعر بالفخر والاعتزاز"