تلك الصرخة كان أطلقها المحلل العسكري الإسرائيلي لصحيفة هآرتس العبرية يوسي ملمان في ذروة الحرب العدوانية على لبنان 2006، وفي ذروة القصف التدميري الشامل المرعب للضاحية الجنوبية - التي محيت عن وجه الأرض - في محاولات مستميتة لاصطياد نصر الله او أي قائد من قادة حزب الله، غير ان الثالوث الاستخباري الصهيوني- الموساد والشاباك وامان- الاستخبارات العسكرية - مني بالفشل الذريع..
وفي ضوء كل المعطيات التي تؤكد ذلك الفشل الاستخباري الاسرائيلي، تسربت معلومات تفيد بأن المخابرات الإسرائيلية بدأت عمليا مهمة لجمع المعلومات عن قيادات حزب الله بهدف تصفيتهم، واستنادا لمصدر إعلامي إسرائيلي، فإن خطة لتجميع المعلومات الدقيقة قد انطلقت الى حيز التنفيذ، بجهد مشترك لجميع الأجهزة المخابراتية الإسرائيلية معا، وأن لدى هذه الأجهزة مصلحة عليا للنجاح فيها بعد مسلسل الإخفاقات الذي وقعت فيه وعرضها لانتقادات شديدة لاذعة منذ بدء الحرب.
واليوم:
ست سنوات على الحرب العدوانية الاسرائيلية على لبنان التي بدأت في الثاني عشر من تموز واستمرت ثلاثة وثلاثين يوما.
ست سنوات على الهزيمة الإسرائيلية الحارقة التي لم تأت في حساباتهم الاستراتيجية أبدا..
ست سنوات وما تزال تلك الدولة مرتبكة مذهولة لا تصدق ولا تستوعب ما جرى هناك في الميدان على أرض المقاومة اللبنانية..!
ست سنوات والمؤشرات الاسرائيلية حول النوايا العدوانية الجديدة تتراكم، فالتصريحات والتقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن حرب مدمرة في الأفق تطل علينا كل ساعة.
فلم يعد سرا أن المؤسسة العسكرية الأمنية السياسية الإسرائيلية تجمع منذ ذلك الوقت، على أن"إسرائيل"لا يمكنها أن تتعايش مع حزب الله مدججا بالعقيدة والإرادة والقيادة الفذة والاستراتيجية والتدريب والتنظيم الفولاذي العصي على الاختراق، كما لا يمكنها أن تتعايش على نحو حصري مع ذلك المخزون الصاروخي الهائل بحوزة حزب الله الذي يطال كافة المدن والاهداف الاسرائيلية على امتداد مساحة فلسطين.
ولم يعد خافيا ان تلك الدولة تبيت نوايا حربية عدوانية على لبنان وحزب الله، وأن المسألة باتت بالنسبة لهم مسألة وقت وتوقيت...هم يعلنون ذلك صراحة، ويربطونه بذريعة الاسلحة الكيماوية التي تهرب بزعمهم من سورية الى حزب الله.. وحزب الله يدرك ذلك.
أما التوقيت بالنسبة لهم فهو رهن باستكمال أكبر كم من المعلومات الاستخبارية حول خريطة منظومة الصواريخ لدى حزب الله، بل إن مصادر غربية واسعة الاطلاع تقول إنه "لم يعد مبالغاً الحديث عن خشية إسرائيل على وجودها بسبب نوعية الأسلحة التي بيد حزب الله"، متنبأة بـ" ان اسرائيل ستبدأ الحرب في اللحظة التي يتاح لها اكتشاف مخبأ الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، مهما كانت الساعة او الظروف أو أي شيء آخر... فعندها تقوم اسرائيل بالانقضاض على مجموعة من الاهداف دفعة واحدة، وعندها تكون ساعة الصفر في المواجهة المفتوحة، التي تعتقد اسرائيل انه من خلال اكتشاف مكان وجود نصرالله تصبح قادرة على حسم نصف المعركة".
لكن، حسابات الحقل لا تأتي حتى الآن على قدر حسابات البيدر لديهم، فإسرائيل تُقر اليوم بعد ست سنوات كاملة من البحث الاستخباري بأن جميع محاولاتها لتصفية نصر الله باءت بالفشل، وكشفت مواقع رسمية إسرائيلية عن محاولات عدة لاسرائيل لاغتيال نصر الله خلال العدوان على لبنان في صيف العام 2006، وبعد الحرب، وزعم موقع (Israel Defense المتخصص في الشؤون الامنية 10 / 07 / 2012 انه بعد اختفاء نصر الله، بذلت الاستخبارات الاسرائيلية جهودا جبارة ورصدت ميزانيات هائلة، خصوصا في مجال الاستخبارات، من اجل العثور عليه، مؤكدة على انه في احد ايام الحرب، قام سلاح الجو الاسرائيلي بقصف حي كان قيد الإنشاء بعشرات الاطنان من القذائف والصواريخ، لحصوله على معلومة غير مؤكدة، بان نصر الله يختبئ فيه، ولكن جميع المحاولات الاسرائيلية لاغتياله باءت بالفشل.
هم فشلوا وذلوا..وبقي نصر الله وقادة حزب الله.
وما زال نصر الله، موضع بحث لدى كبار صنّاع القرار في الدولة الصهيونية، وفي مراكز الأبحاث الصهيونية، التي تُحاول سبر أغوار هذه الظاهرة التي ما زالت تقض مضاجعهم، قيادةً وشعبا، فقد كان نصر الله وما زال من وجهة نظرهم نصف الاعلام، ونصف الحرب النفسية، بالكلمات والعبارات التي حرص على انتقائها خلال إطلالاته الإعلامية..ونصف المعركة على الارض.