من حكمة الملك الحسين

قبل اسبوعين، انتقل الى رحمته تعالي القائد هاني الحسن، بعد ان ساهم في تاسيس حركة فتح، وقاد قسما من نضالها على مر عقود.

ولم يدوّن مذكراته كاملة، كما لم تـُجمع محاضراته في بريطانيا والتي تحمل دلالات استشرافية عميقة لما سيؤول اليه العمل الوطني، وكيف ستقوم الدولة المستقلة.

يقول الاستاذ ضافي الجمعاني في مذكراته عن فترة 1968-1969 ما نصه «

ان الملك الحسين قد التقى مع الاخ ياسر عرفات ومع الاخ صلاح خلف واقسما له على القران الكريم ان « فتح « لا تستهدف النظام في الاردن، بل هي حريصة عليه «.

وللسيد هاني الحسن الفضل في ترتيب تلك اللقاءات السرية المكتومة والتي اعتبرها جزءا من استراتيجية العمل الفلسطيني في الاردن الحريص على تحقيق اسباب النجاح والقوة بمواجهة العدو الاسرائيلي الرابض على بعد ساعات.

وعندما وصل الى طهران عام 1979 ابراهيم يزدي والسيد مصطفى شمران ليشغلا موقعي وزير الخارجية ووزير الدفاع، اصرا على ان يكون هاني الحسن اول سفير لفلسطين ليقدم اوراق اعتماده الى الامام الخميني وذلك باعتباره قد قدم لهما الدعم اللوجستي والاعلامي ومعسكرات التدريب والتثقيف في لبنان باعتبارهما من رموز المعارضة لحكم الشاه الذي لم يـُخف على احد دعمه لاسرائيل وتزويده طائراتها ودباباتها بالبترول بنصف الثمن العالمي.

وفي محاضرته في منتدى شومان، اجاب على سؤال احد الحضور :ان الملك الحسين كان احرص على عدم اراقة الدم الفلسطيني من بعض قادة الفصائل الفلسطينية التي نقضت الاستراتيجية العليا لتحرير فلسطين خلال تلك الفترة الحاسمة في تطور العمل المسلح والمقترن بالممارسة السياسية.

قام باحث اسرائيلي من جامعة بار ايلان في تل ابيب باجراء دراسة لنيل درجة الدكتوراة في العلوم السياسية، وموضوع الرسالة عن الاخوة خالد الحسن، من مفكري حزب التحرير الاسلامي، ومن قادة العمل الفلسطيني في مراكش, وعن بلال الحسن وعن توجهاته السياسية كما عبر عنها في مجلته « اليوم السابع « وعن هاني الحسن ورؤيته للمستقبل السياسي بعد اخفاقات اوسلو.

ويقول الكاتب مناحيم ان التربية العائلية الدينية لتلك العائلة الصفدية الفلسطينية قد شكـّلـت دينامو التغيير والتحفيز في شخصية هؤلاء الاخوة الذين استطاعوا ان يترجموا فكرهم المبدع الخلاق الى استراتيجيات مقنعة فتعاون معهما فيها جلالة الملك الحسين في عمان والملك الحسن الثاني في المغرب.

وقد عبر الكاتب الاسرائيلي عن استنتاجاته بان استنهاض الوتر الايماني في شخصية الملك الحسين رحمه الله جعله يمارس اقصى درجات الحكمة وبـُعـْد النظر الاستراتيجي عندما اقسم له ابو عمار وابو اياد اليمين المُغـلـّظ.
ولجلالة الملك الحسين الفضل في انقاذ هذا الوطن من سنابك دبابات شارون التي هيأها لاقتحام عمان آنذاك، تماما كما فعل الجيش الاسرائيلي فيما بعد عندما اقتحم لبنان وبيروت.