اخبار البلد_ انضمام شخصية مستقلة من طراز ووزن الدكتور مروان
المعشر الرمز المخضرم للعهد الجديد في الاردن الى حافلة المعترضين على ما
يجري في البلاد، وتحديدا الطريقة التي اقر فيها قانون الانتخاب الجديد،
يجعل قاعدة الصوت الواحد سيئة السمعة والصيت عنوانا عريضا بعد الان لتشتت
وانقسام طبقة كاملة من النخبة السياسية الحاكمة.
المعشر وفي مقاله
السياسي المنشور في صحيفة 'الغد' الاحد انضم الى شخصيات اخرى بارزة بدا
الخوف على النظام يحركها فعلا باتجاه توجيه رسائل وملاحظات ناقدة للنظام
على امل احداث فارق.
قبل نشر مقاله الذي اثار ضجة واسعة بصراحته، تردد
ان المعشر وهو وزير سابق للبلاط رفض قبول منصب رفيع عرضه عليه القصر
الملكي.. لاحقا قدم المعشر نصيحة مباشرة لاصحاب القرار قال فيها: لا
تستطيعون الاستمرار في لعبة الاصلاح كما كنتم تفعلون خلال السنوات العشر
الماضية.
عند الاستيضاح ابلغ المعشر مسؤولا بارزا بأن سمعة المملكة
الاصلاحية بالخارج سيئة وان الشارع لم يعد يصدق الدولة او يشعر بجديته،
ملاحظا ان ازمة مصداقية المؤسسة الاردنية تتفاعل داخل البلاد وخارجها.
لكن
المعشر لم يعد وحيدا في مضمار الانسحاب التام من المشهد الداخلي كما
يترتب، فقد صرح قبله رئيس الوزراء احمد عبيدات بانه ينبغي انقاذ النظام من
نفسه، منتقدا عدة مرات وبشدة تصرفات طبقة كاملة من المسؤولين التنفيذيين.
وقبل
عبيدات اعلنت ليلى شرف الوجه النسائي الابرز في مؤسسة النظام الاستقالة من
مناصبها واعتزالها العمل السياسي والوظائف، عندما قالت لـ'القدس العربي'
انها لا تريد البقاء في دائرة 'دولة الفساد' التي تتشكل من طبقة مغامرين
وتقود البلاد الى سلسلة ازمات.
لاحقا بدا رئيس الوزراء المستقيل مؤخرا
عون الخصاونة يتحرك في المشهد العام وينتقد بشدة قانون الصوت الواحد
والدولة الامنية، وبدا واضحا ان رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري لا يرضى عما
يحصل، حيث كشف المعشر ان الاخير غادر البلاد حتى لا يشارك في حفلة توقيع
قانون الانتخاب بجلسة واحدة.
ومن الواضح ان الثلاثي عبيدات وخصاونة
والمعشر ركزوا في خطابهم النقدي على لفت نظر الحكم، لان الادارة الامنية
للاصلاح لا تجوز ولا تعالج المشكلات، خصوصا بعد تزايد مظاهر الانفلات
الامني والتعدي على هيبة الدولة فقد قطع مواطنون طرقا دولية جنوب وشرق
المملكة خلال اليومين الماضيين احتجاجا على عدم وصول المياه لقراهم.
ولا
زالت البلاد تعيش اجواء الصدمة التي نتجت عن 'تخريب' كامل محتويات مفاعل
نووي للاغراض البحثية شمال البلاد، في عملية 'اهلية' غامضة بعد حرق مقر
جامعة مؤتة جنوب البلاد من قبل ملثمين مسلحين ومجهولين في اطار نزاعات
عشائرية منفلتة تواجه الاجهزة الامنية صعوبات في السيطرة عليها.
هنا
يكشف مصدر امني لوكالة غربية امس الاحد معلومات طازجة فقد تمكن 140 شخصا
مجهولا من تحطيم كامل محتويات الغرفة المركزية للمفاعل النووي، الذي تموله
مؤسسات كورية، وفي السياق علمت 'القدس العربي' ان الجانب الكوري وردا على
هذا الحادث الغريب سحب استثماره المخصص لهذا الغرض.
وسط هذه المظاهر من
الفوضى لا يمكن اجراء انتخابات فعلا.. هذا ما يتوقعه وزراء بارزون في
نقاشات مجلس الوزراء العاصفة، فيما تركت الحركة الاسلامية جميع اركان
الدولة في حالة تخبط بعد اعلانها مقاطعة الانتخابات المقبلة، مما دفع وسائل
اعلام عريقة من بينها 'اندبندنت' البريطانية للتحدث عن ثورة شعبية تتشكل
في الاردن.
بالتوازي بدأت مظاهر الفوضى النخبوية الداخلية تدفع سفراء
بعض الدول الغربية للتدخل، فعلى هامش حفل خاص ببلادها دعت السفيرة الفرنسية
في عمان لورين بروزيه النظام السياسي الاردني التعامل مع تطلعات شعبه نحو
الاصلاح الحقيقي .
بروزيه قالت ان الاصلاحات الاردنية شأن داخلي لا
تتدخل به بلادها، لكنها اعقبت هذا الرأي بعبارة واضحة لا تقبل اللبس يفهم
منها ان النظام لا يحقق تطلعات شعبه في الاصلاحات الحقيقية.
ويؤكد
مسؤولون وناشطون لـ'القدس العربي' ان سفراء المانيا وبريطانيا والولايات
المتحدة يطرحون في لقاءاتهم الجانبية ملاحظات نقدية على اداء الحكومة
الاردنية، وهو وضع بدأ يثير الانتباه بعد تمسك السلطة الغريب بقانون الصوت
الواحد الانتخابي، الذي يقال ان السعودية هي التي تقف وراء اعتماده كوصفة
يتيمة مقبولة من جانبها.
قانون الصوت الواحد بدأ يثير قلق نخبة الحكم
والدولة الاردنية ويخلط الاوراق ويؤسس لحالات 'ابتعاد' لبعض رموز الحكم عن
مؤسسة النظام قدر الامكان بحيث تتقلص دائرة الخيارات مستقبلا امام السلطة.