رسالة الى صاحب التاج / بقلم المحامي فيصل البطاينة

مولاي لطفاً ورب الخلق يحفظكم        ذخرا نعوذ به من شر ما خلقا

يا صاحب التاج
البطانة تباعد بين الأردنيين ومقرهم يوماً بعد يوم, بعد أن استفردت بالديوان العامر وبعد أن أفرغ من رجال السياسة والمستشارين لتقتصر البطانة على رئيس ديوان لا خبره له بأمور الديوان الذي اعتبرها روتينية يقوم بها سكرتيره أو مدير مكتبه. وليذكرنا ببعض الذين تعاقبوا على هذه الوظيفة دون أن يكون لهم بها أية علاقة. وعلى مدير مكتب وظيفته يجب أن لا تتعدى وظيفة سكرتير خاص حسب خبرته الحديثة.

بالإضافة إلى رئيس تشريفات له واجباته التي لا يمارسها ويمارس وظائف رئيس الديوان.

الأردنيون منذ عهد الملك المؤسس والباني طيب الله ثراهما اعتادوا على تسمية الديوان الملكي بالمقر لأنه مقر للأردنيين جميعاً, أما في هذه الأيام فقد أصبح المقر مستقر لمن يريدهم ثلاثة موظفين بعد أن كان يعج برجال السياسة والمستشارين الذين عشقوا المقر وعشقهم منذ أيام الملك الباني وقد أصبحوا في هذه الأيام متفرغون للجاهات العشائرية التي يغلب عليها طلب يد بنت فلان لابن فلان وأصبح من اختصاصهم أن يحفظوا عن ظاهر قلب آيات من القرآن الكريم تحظ على الزواج والمصاهرة أو أحاديث نبوية تنتهي بها معشر الشباب من أراد منكم الباءة فليتزوج هذه الجاهات التي أصبحت الوظيفة الرئيسية لرجال السياسة بعد أن استغنى عن خدماتهم بدون أن يحل مكانهم أُناس لهم من قريب أو من بعيد معرفة بأمور السياسة وبخبرات المستشارين.
الأردنيون يستذكرون صباح مساء رجال الحرس القديم, أمثال المرحومين توفيق أبو الهدى, وسمير الرفاعي, وإبراهيم هاشم, وسعيد المفتي, وفوزي الملقي, وهزاع المجالي, وبهجت التلهوني, ووصفي التل, وأحمد طوقان, وعبد المنعم الرفاعي, وعبد الوهاب المجالي, وعبد الرحمن خليفة, وفلاح المدادحه, وذوقان الهنداوي, وخليل السالم الذين قضوا نحبهم وما بدلوا تبديلاً.
مثلما يستذكر الأردنيون طويلي العمر أحمد اللوزي, وزيد الرفاعي, وصلاح أبو زيد, وعبد الرؤوف الروابدة, وفيصل الفايز, ومعروف البخيت, وينال حكمت, ونذير رشيد, وطارق علاء الدين, ومصطفى القيسي. وغيرهم من الرجال الذين ما عرف عنهم إلا الانتماء للوطن والولاء لقيادته.

أولئك الرجال الذين احترموا أنفسهم حين غادروا مواقعهم ولم يعملوا بتجارة أو باقتصاد لأنهم احترفوا السياسة في مدرسة الحسين هم وغيرهم من الرجال الذين شكلوا ويشكلوا الرقم الصعب في السياسة الأردنية خاصة في أيام المغفور له الملك الحسين الذي بموته شمل اليتم كل الأردنيين بلا استثناء مثلما شمل الفلسطيين الذين يذكروا بالعرفان يوم انتقل الحسين إلى وايت بلانتيشن من سريرة بالمستشفى ليقف مدافعاً عن حقوقهم وحقوقنا وهو يعاني من سكرات الموت.
جميع من ذكرت من الرجال يا صاحب التاج ساروا خلف الحسين العظيم مثلما ساروا خلفكم وأنتم خير خلف لخير سلف. أولئك الرجال النشامى نسيوا طرق المقر ودهاليزه بعد أن شغلها مكانهم كمستشارين ورؤساء ديوان شباب تنقصهم الخبرة والمعرفة في أمور الأردنيين وإن كان بعضهم يصلح ضابطاً في وحدة عسكرية أو سكرتير لمهندس ناجح في مشروع اقتصادي أو ملحق دبلوماسياً في وزارة الخارجية.

عودنا الحسين العظيم على أن لا نخشى في الحق لومة لائم وأن لا نسكت على ضيم لأن الأردنيين بلا استثناء هم الأنقياء الاتقياء المؤمنون بقيادتكم آل البيت الأطهار كنعمة خصنا المولى عز وجل بها.
الأردنيون يا مولاي وفي كل الظروف كانوا هم من جعلوا من الأردن واحة أمن واستقرار ولم يسجل في تاريخهم ذات يوم أن اعتدوا على مركز شرطة أو دفاع مدني أو جامعة, ولم يسمحوا لمندس بين صفوفهم كما يحدث في هذه الأيام, ويبدو أن ضيق القناة بينهم وبين قيادتهم التي ضيقتها رجالات الحاشية في هذه الأيام, تلك الحاشية التي افتقرت للمستشارين ورجال الخبرة بأمور الأردنيين وبسياسة الأوطان والتي جعلت الفلاح يستذكر المثل القائل " تبدلت غزلانها بقرودها ".

وخلاصة القول جميعنا نطالب بأولويتنا في قربنا من مقرنا لأن مليكنا يعيش في قلوبنا مهما حاول المزايدون العبث في ولائنا.
جميعنا نطالب أن تعود للمقر بهجته بالأوفياء الأكفاء من المستشارين ورجال السياسة الملتفين حول العرش الهاشمية على الدوام.

حمى الله الأردن والأردنيين وإن غداً لناظره قريب...