مرحلة الإسلاميين

تنبأت صحيفة الواشنطن بوست ان يشهد العالم العربي سيطرة للاحزاب الدينية لجيل كامل بعد انهاء اخر مخلفات العسكريتاريا القومية في العراق اولا ثم في مصر وحاليا في سورية خصوصا وان الصحيفة تنبأت بان يخلف الاخوان السوريون حكم الاسد طالت الازمة السورية ام قصرت .. اذن نحن ازاء حكم اسلامي اخواني للمنطقة لجيل كامل كما توقعت الواشنطن بوست لكن هل تتم اعادة انتاج الدكتاتوريات بلبوس اسلامي ام ان الامر في هذه الحقبة مختلف؟

حين قفز العسكر الى السلطة في مصر عام 1952 وفي العراق عام 1958

وفي سورية عام 1961 ، وكان اول ضحايا العسكر صندوق الاقتراع ولم يكن ليعلو أي صوت على معركة الوحدة والتحرر التي افضت الى كامب دافيد وغياب التنمية وتهميش الناس وفي الختام الفساد بابشع صوره.

الاسلاميون كانوا على الطرف النقيض لهذه القوى المهيمنة فقاوموا عبد الناصر في مصر وقتلوا السادات عقب كامب دافيد وحبسوا مبارك بتهم الفساد .. هذا في مصر اما في سورية فقد قاوموا الاسد الاب في مطلع الثمانينات واستمروا في معارضة ابنه وصولا الى ما نشهده اليوم من حرب اهلية فالاسلاميون بفعل جهدهم على مدى التاريخ الحديث هم المهيأون لوراثة العسكريتاريا القومية الفاسدة والمتصالحة مع اسرائيل.

اليوم الاخوان يجتاحون النخب السياسية العربية العلمانية وسلاحهم ليس الدبابة وليس الاستيلاء على الاذاعات واعلان البيان رقم واحد بل صناديق الاقتراع وهو سلاح يمدهم بالشرعية في الحكم ويضعف من منطق خصومهم باعتبار ان الفوز بصندوق الاقتراع يحتاج الى كسب معركة كسب العقول والقلوب للراي العام وهي معركة مفتوحة امام الجميع ولا يمكن غلقها بوجه أي فريق .

من سيوصل الاسلاميين الى الحكم هو الصندوق وليس أي شيء اخر لذلك من يعطي صوته للاسلاميين هو في الواقع يعطيه لتيار يرفع شعارات مناوئة للتهميش ولغياب التنمية ولاستراد اموال الفساد ولاحقاق العدالة وهي شعارات مثالية لا يمكن انجازها في ليلة وضحاها وبالتالي فان الحكم على الاسلاميين بالفشل او النجاح لن يتم بين ليلة وضحاها.

تجربة الاسلاميين في السياسة وعلى مدى النصف الثاني من القرن العشرين والعقد الاول من هذا القرن قائمة على الاعتراض والاستثمار في فشل من يتخذون القرار بيد انهم لم يقدموا للرأي العام برامجهم البديلة غيلا (مخافة الله) في انفاق المال العام وهي نكتة سياسية قد تبكي ولا تضحك اضافة الى انهم خففوا من معارضتهم للسياسات الاسرائيلية وقبلوا بمعاهداتها عندما حان وقت القطاف في حين انهم شددوا على تعظيم قيم اقتصاد السوق وهو بوابة التهميش والفساد وانتاج النخب التي تزاوج بين المال والبزنس.

الكارثة في الامر اننا سنحتاج الى جيل كامل ليتبين لنا ان من يحكم ليس الاسلام (كفكرة نبيلة) بل اناس يتخذون من الاسلام ايدولوجيا للوصول الى الحكم.