سالم الفلاحات يكتب : وصفة عنان : أعطوا القاتل فرصة

اخبار البلد_ يظهر ان اختيار كوفي عنان مبعوثا دوليا وعربيا كان معبرا حقا عما يريده الغرب والشرق والعرب بسوريا المستقبل

فتاريخ عنان حافل بالسماح للقتل ورؤية الدماء والتمثيل بالجثث والاحتفاظ بالرؤوس والجماجم في متاحف التاريخ الاسود ,لتبقى صفحة سوداء في جبين الدول الكبرى وفي سجل الصمت والتخاذل وقبل ذلك في تاريخ عنان نفسه.

ولو رجعنا الى الفترة التي كان فيها عنان امينا عاما للامم المتحدة وكيف كان السلم العالمي في عهده وكيف كان حال العديد من الشعوب في العالم الثالث , لوجدنا انه حاز قصب السبق في حيازته على اكبر قدر من المذابح التي طالت العديد من الشعوب

ويظهر ان هذه المؤهلات التي حازها عنان , وابرزها الانحياز للاقوياء على حساب الضعفاء ,, وللحكام على حساب الشعوب , ولمنطق القوة على حساب قوة المنطق والحجة , ثم القدرة على الابتسام والظهور بالمظهر الجاد وبسحنة أفريقية تجعل البعض يظن انه من المكتوين بنار الظلم , لتتوقع منه نصرة المظلومين .

لعل هذه المواصفات والمؤهلات هي التي جعلته الشخص المفضل الذي يفهم المراد دوليا وعربيا وقبل ذلك صهيونيا المبعوث الدولي والعربي لانقاذ الشعب السوري , وهكذا جاء عنان بالفرج ولكن للقتلة المجرمين وليس للشعب المقتول المشرد المطارد والمهجر منذ ثلاثين عاما او تزيد حتى اليوم .

جاء عنان بمهمته التي توهم البعض في البداية انها بداية نهاية معاناة الشعب السوري لاخراج سوريا قوية متماسكة لتستطيع ترميم ما دمره النظام خلال سنة ونيف وايقاف النزيف الدموي الهائل ...

كان نصاب القتل الذي حدده النظام السوري خشية ان يثور عليه العالم من ابناء الشعب قبل وساطة عنان عشرين قتيلا وبعد استيقاظ ضمير عنان بطولاته وانسانيته قدره بمئة او مئتين او ربما ثلاثمئة ، ثم أعطى مهلا جديدة للنظام ليثخن في القتل وهتك الاعراض واخافة الناس وترويعهم لعله يرتوي من هذه الدماء الطاهرة لاكمال المأساة السورية وايصال الشعب .لحالة من اليأس والاستسلام لبطش النظام .

لانستطيع احصاء المذابح الجماعية للشعب السوري في عهد بعثة عنان وليس اخرها مذبحة تريمســــــــة وما من مذبحة الا وهي اكبر من سابقاتها حيث احصى من تبقى على الحياة منهم لبعثة عنان اكثر من مئتين وعشرين شهيدا ولا مانع من ادانة النظام احيانا عندما تفتضح بعض المذابح الكبرى عربيا ودوليا وحتى من روسيا نفسها التي اصبحت عظمى فقط في المسالة السورية ولا يستطيع احد في الارض ان يجرح شعورها .

وموقف عنان ليس اكثر سوءا من الموقف الدولي والعربي عدا عن الموقف الروسي الذي لا يحتاج الى وصف , ويتبدى للعيان ان الباعثين والمبعوث(عنان) متفقان على شيء واحد هو قتل روح التمرد على الاستبداد والقتل التي انفجرت في سوريا بعد معاناة وصمت , وهو الموقف نفسه تجاه العديد من الشعوب العربية الثائرة على الفساد والاستبداد بل والداعم للانظمة الدكتاتورية والفردية, ومدها بعناصر البقاء والحياة ما دامت المصلحة الصهيونية ببقاء الانظمة المجربة والمستألفة والمدجنة المتفاهمة سرا وعلنا معه ، كل بطريقته الخاصة لكنها متفقة جميعها في المحصلة أخيرا.

ولعل حكمة ربانية تخفى علينا جميعا ـ وهذا لايعفي المجتمع الدولي من مسؤولياته ـ لعل الشعب السوري يحرر نفسه دون تدخل دولي لصالحه وحتى تبقى ثورته نظيفة وبايد سورية فقط , صحيح ان الخسائر في الارواح والممتلكات والقيم والاعراض كبيرة وهائلة , ولكن اذا لم يكن غير الأسنّة مركبا فما غاية المضطر الا ركوبها .