عادت حليمة لعادتها القديمة، واستوطن رجال الدولة الطائرات مجددا ،بعد أن أستوقفهم رعب الربيع العربي مؤقتا ،واستؤنفت الرحلات المشوبة بشبهة اللعب وممارسة اللهو .
قد رأيناك وأنت تدفن راسك بالتراب .... من هناك نقل ألينا الانترنت ،رغم احتياطات الإخفاء والاختباء ،أوضاع وأخبار مخزية ومطأطئة للرأس تدور على كل لسان ، أصابتنا بالذهول ، وكان وقعها على نفوس الأردنيين كصدمة من يضبط أمه بوضع بائس.
بارود الربيع على وشك الانفجار ،والأردن بدأ يحترق ،ودمر حطام العيش انتمائنا ،والشعب يختنق ،بالأمس احترقتجامعة مؤتة ،وأكاديمية الشرطة في عمان ،وقبل ذلك أشعل اليائسون شوارع اربد والطفيلة ومعان ،وانقطعت موارد الرزق ،وانقطعت المياه عن اغلب مناطق المملكة ،ولا زلنا من عواصم الغرب نتحدث بوقاحة عن إصلاح وتغيير تافه وعن تعديلات طلائية طفيفةلا تسمن ولا يغني من جوع.
ما أن تهبط طائرة مسئولنا حتى تهم بالإقلاع به مرة أخرى، والتكلفة بالملايين ، وكنا نشك قليلا بغايات السفر المريب وأهدافه المعتمة ،ونشير إليه بالتلميح .الآن اتضحت الصورة ورفع الربيع العربي الغطاء عنا ،فأصبحبصرنا اليوم حديد ،واستطعنا بدعم الربيع الإشارة إليه بالتصريح ،بعد أن رأينا رأي العين الفضائح ،وما كان يدور في الخفاء بالصوت والصورة معا .
الغموض يلف إدمان الطواف الخبيث ،واللقاءات والمشاورات والمباحثات ،وحتى المؤتمرات ،ما هي إلا ذريعة لمغادرة البلاد ،وغطاء للمجون والاستجمام الرديء على حساب قوت الشعب، ولم تجلب لنا سوى المصائب، ومزيدا من الخسائر والفاقة والفقر.
مستحقات الثلاثيني الزاحف محمد - ومثله اغلب الشعب - سرقها مسئولنا الحائم ،وحرمه من ملابسه وكرسيه المتحرك .(محمد ذلك الشاب الذي يعاني من الشلل الدماغي الرباعي، وبسبب من المرض يثور إذا أعربت والدته الخمسينية عن عدم قدرتها على اصطحابه إلى مشوار قصير، بسبب افتقاده لكرسي متحرك ،وهو الذي يحتاج إلى رعاية خاصة يومية، فاقت قدرة والدته التي تعيش لوحدها معه بعد أن غادرها أبنائها وبناتها إلى بيوت الزوجية التي يعيشون فيها أياما عصيبة بسبب ضيق ذات اليد ،وتاليا عدم قدرتهم جميعا على مشاطرة والدتهم صعوبة الحياة ومشقتها .وهذا الشاب المعذب الزاحف أبدا ،يحتاج إلى ملابس بشكل دائم ،فزحفه على ركبتيه يتلف ثيابه ،وأمه لا تستطيع ابتياعها، فالوضع الاقتصادي مترد)جريدة الرأي يوم 12 تموز 2012.
(أكلنا هوا )،ودخلنا في عمق الفساد ،وتخلينا عن العفة والكرامة ،وبدأنا نشحد الملح ،ونتسول من السعودية والكويت ،وغيرها من الدول التي لا تقدم لنا المال مجانا لوجه الله، وجماعتنا بكل أسف لا زالوا يستفزون الناس بالحديث عن بطولات وهميه ،وعن انجاز لا وجود له . وفقد رجال الدولة ورموز الحكم بسبب ذلك احترامهم وهيبتهم ،وثارت ثائرة المواطنين ،وطردوهم ومنعوهم من دخول المدن والمحافظات ،وسدوا عليهم المنافذ و الطرق .
يفقد القادة المروءة إن طاروا بعد اليوم في هذا الوقت العصيب، أو خاضوا في كذبة الإصلاح ،فمعظم الشعب حاقد ،ويزحف من الجوع ،وسيحرق كل شيء إذا لم يتدخل جلالة الملك ويوقف نزيف المال والفساد وسفر المسئولين المريب