حراكات بلدنا في موسوعة «غينيس»!

"رمضان” الذي اقتربت رؤية "هلاله” سيأتي مختلفاً هذه المرة، فدرجات الحرارة ستبلغ "أوجها” وجيوب الناس التي أفقرها الغلاء سيزداد أنينها، ومزاج الشارع الذي اضطرب بعد نحو عامين من الصراخ والتحذير سيضطرب أكثر.

كان يمكن ان يتزامن "التغيير” مع شهر "التغيير”، فقانون الانتخاب لم يحل "لغز” الانتظار، وجبهة "المقاطعة” التي كانت مرتبطة "بالاخوان المسلمين” عادة قد اتسعت، وموعد الانتخابات التي كان يمكن أن يكون في نهاية العام، ربما تأجل الى موعد غير معروف.

من المفارقات أن قانون "الانتخاب” الذي مرّ على ثلاث حكومات في العامين الماضيين بدأ "باقتراح” ثلاثة أصوات في عهد حكومة البخيت ثم أصبح الاقتراح "صوتين” في حكومة "الخصاونة” لينتهي به المطاف "صوتاً” واحداً بمباركة الحكومة الحالية ومجلس الأمة.. كل الحوارات التي جرت برعاية المركز الوطني لحقوق الانسان في المحافظات الاردنية كلها، تمت باشراف "لجنة الحوار الوطني” التي عهد اليها باخراج قانوني الانتخاب والاحزاب، ثم بالحاح اللجنة القانونية في البرلمان.. كلها لم يؤخذ بها.

من المفارقات أيضاً ان أصوات المطالبين "بالاصلاح” ذهبت أدراج الرياح، فبينما كان يفترض أن تفضي الى "تغيير” حقيقي في معادلات السياسة القائمة، والى محاسبة الفاسدين واسترجاع الاموال المسروقة، والى تصحيح المناخات العامة واعادة "العافية” الى القرار السياسي، لم تفلح "للأسف” لا في تحقيق أي شيء من ذلك، ولا في اصدار قانون "انتخاب” مقنع، حتى هذا القانون الذي يشكل "رمزياً” ارادة الاصلاح فشلنا في اخراجه، ولن تفاجأ أبداً اذا ما اجريت الانتخابات بمن حضر، فالذين أعلنوا مقاطعتهم سيظلون يصرخون في الشارع ولن يسمعهم أحد!

الناس الذين دفعوا فاتورة "الغلاء”، وصبروا على الفقر، وضيق ذات اليد، وأوشكوا ان "يتصالحوا” مع الفاسدين كانوا يستحقون ان يكافأوا "باصلاحات” سياسية جادة أو بقانون انتخاب عصري يطمئنهم على أصواتهم وعلى "النيابة” القادمة بعد أن خذلهم نوابهم.

نذهب الى الصيام عن الطعام والشراب والآثام، بعدما تعذرت رؤية هلال "العيد” الذي انتظرناه طويلاً، لكن الصيام عن الاصلاح سيكون مختلفاً تماماً، الحراكات لن تسكت ولن تعود من الشارع، الاشتباكات والمطالبات لن تهدأ، فلمصلحة مَنْ يمضي عامان - وهذه سابقة لبلدنا تسجل في موسوعة غينيس- دون أن يأتي عيد "الاصلاح” ودون ان يخرج الناس لفض صيامهم والاحتفاء بهذا اليوم الذي انتظروه من عقود؟.

لا أدري ولكنني لا أشعر باليأس أبداً.