أثارت اشارة عابرة لفوز البعثيين والشيوعيين في الانتخابات السورية في خمسينيات القرن الماضي، توتر بعض القراء والمتابعين الذين رد بعضهم عليّ بالقول ان البعثيين بدأوا تاريخهم بالانقلابات والدبابات وان "جماعة الاخوان المسلمين" وحدها التي بدأت تاريخها السياسي نحو السلطة بالانتخابات الحرة انطلاقا من تجربة الدكتور محمد مرسي في مصر.
ابتداء لست بعثيا ولم يسبق لي ان كنت بعثيا ولا أخفي تعاطفا أيديولوجيا مع المجموعة البعثية التي حكمت سورية خلال الفترة من 1966 وحتى 1970 عندما أطاح الاسد الأب بهذه المجموعة اليسارية القومية التي كان مؤملا ان تحول سورية الى فيتنام عربية "الاشتراكية والتحرير والتوحيد" ...
ثانيا، في اول انتخابات برلمانية حرة ونزيهة شهدتها سورية بعد اطاحة الشيشكلي في خمسينيات القرن الماضي، فاز مرشحو البعث والشيوعيين على مرشحي الاخوان المسلمين في معظم الدوائر التي تنافسوا فيها ومنها حماة وحمص ومعظم دوائر دمشق ..
وبدلا من اعتراف الاخوان بهذه النتائج تشكل في اوساطهم اول تيار يدعو لانتزاع السلطة بالقوة ..
ومعلوم هنا ان جماعة الاخوان في بلدان عديدة ومنها مصر وسورية تشكل ما يعرف بالجهاز الخاص وهو جهاز أمني - عسكري حاول اغتيال جمال عبدالناصر، وظلت الجماعة تنفي ذلك الى ان اعترف احدهم بهذه المحاولة قبل سنوات.
ثالثا، ليس صحيحا ان الاخوان لم ينخرطوا في انقلابات عسكرية بل ان عددا من "الضباط الاحرار" الذين نفذوا ثورة يوليو 1952 في مصر كانوا من جماعة الاخوان، الى حد ان الاخوان نسبوا هذا الانقلاب لهم واظهروا في البداية ما يوحي بأن عبدالناصر نفسه كان مقربا منهم وكان يشرف على تدريبهم بشكل سري قبل الثورة ..
كما أعلن الاخوان تأييدهم للانقلاب الداخلي الذي قاده السادات ضد المجموعة الناصرية، والسادات الذي دعم الاخوان، هو الذي وقع اتفاقية كامب ديفيد . واضافة لدور الاخوان في انقلاب 1952 فقد لعبوا دورا كبيرا في الانقلاب العسكري الذي قاده البشير في السودان، وبوسع الذين ينتظرون تجربة الاخوان الجديدة في مصر ان يتمعنوا جيدا في تجربتهم السودانية سواء عبر التيار الحاكم او عبر التيار المنشق ممثلا بالدكتور حسن الترابي المتهم بتسليم المناضل الأممي، كارلوس للمخابرات الفرنسية ..