لا شيء يحسم حراك الشارع ويعيد هيبة القانون ويرضي الناس مثل أصدار قانون تفسير مصادر الثروات أو ما يسمى شعبيا قانون ( من أين لك هذا ؟ ) وهو المطلب الشعبي الحقيقي الوحيد تقريبا والذي يرضى عنه الفقراء والناشطون، الموظفون والعاطلون عن العمل، المسيسون وغير المسيسين، على حد سواء، وقد قرأت من بعضهم حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب باقرار هذا القانون (خاوة) أي بقوة الضغط الشعبي على حد تعبيرهم..
نحن كرجال قانون نقول لايوجد مطلب في السياسة يفرض (خاوة) وانما أستجابة لرأي الاغلبية من الناس أو لحاجة الدولة اليه لضبط شأن محلي أو لتحقيق العدالة وحماية المال العام، وكل ذلك لايجب أن يكون الا ضمن مظلة الدستور والمؤسسة التشريعية فقط لا غير.
مشروع قانون (تفسير مصادر الثروات) هو الآلية الوحيدة لضبط مشروعية الثراء الذي تنتشر حوله الشائعات والاتهامات هنا وهناك، ويفترض أن يكون مطلبا للأغنياء قبل الفقراء لأنه بمثابة صك براءة ومشروعية لكل غني رزقه الله بجهده أو بما آل اليه عن طريق حلال، ويفترض أن يكون صاحبه سعيدا بمثل هذا القانون الذي يقيه شر الحسد والبغضاء وسوء السمعة المبني على الشك الباطل.
وبطبيعة الحال فان مشروع قانون كهذا ينبغي أن يشمل كل من تقلد منصبا رسميا في الادارة الحكومية أو ترأس شركة مساهمة عامة تساهم الحكومة بجزء من رأسمالها ولا يجوز أن يشمل المستثمر الاجنبي أو رجال الاعمال والتجار الا من ثبت أنه قدم رشوة أو عمولة ظهرت في مال يحوزه موظف سابق أو حالي، وذلك خشية أن يدب القلق بين المستثمرين فيهرب الاستثمار خارج البلاد.
في هذا المشروع (المقترح) على كل من يشمله القانون أن يفسر مصادر ثروته فما ثبت أنه من مصدر مشروع فله ماله لايشاركه فيه أحد، وما يعجز عن أثبات مصدره المشروع يذهب الى خزينة الدولة دون محاكمة أو عقوبة.
أما الجهة التي تتولى تنفيذ احكام القانون فينبغي أن تكون جهة مستقلة قضائية -على سبيل المثال- أو ديوان المحاسبة أو تنشىء له هيئة مستقلة يتمتع أفرادها بحصانة كحصانة مجلس هيئة مكافحة الفساد.
لقد سئم الناس شعارات مكافحة الفساد، وسئموا الحجج الرسمية بعدم وجود أدلة قضائية على الفساد، وسئموا الحديث عن أغتيال الشخصية وأختلاط الحقيقة بالشائعات والصالح بالطالح, لذا فاننا نريد أن نتوقف نهائيا عن المطالبة باجتثاث الفساد ومحاربته, نريد فقط قانونا يلزم اثرياء المناصب الرسمية بتفسير مصادر ثرائهم، وهكذا ننتهي من أسطوانة الفساد المشروخة ونعيد الشارع المتحرك المحبط الى دائرة سيادة القانون ونعزز منظومة الشفافية والنزاهة بهدوء ودون زج الناس في السجون وارعاب كل من يتولى منصبا رسميا وتوقف عن اتخاذ القرار والمبادرة خشية اتهامه بالفساد.
وأخيرا فان حكومة تتقدم بمثل هذا المشروع ستنال ثقة الشعب وتأييده الكاسح، ومجلس أمة يسارع الى طرح مشروع هذا القانون سيعيد الهيبة والمصداقية الى المؤسسة التشريعية وينال أعضاؤه ثقة الناس وتقديرهم، , فاريحونا أراحكم الله.. قبل أن يقول بعضنا اراحنا الله منكم !!