ملفات على مكتب عطوفة مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات ( الحلقة الثالثة )

اخبار البلد
الكشف عن سر الانقلاب الأقليمي في الدائرة ومطالب الحراك
قد يتساءل الكثيرون عن سرا لانقلاب الأقليمي الحاصل في دائرة عريقة مثل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات , تلك الدائرة التي يزيد عمرها عن ثمانين عام , بقيمها الأصيلة وثقافتها المعروفة لدى الجميع , وبوصفها مدرسة قد تخرج منها أهم القادة التاريخيين من الرعيل الأول , ومنهم على سبيل المثال لا الحصر دولة المرحوم الشهيد وصفي التل , ودولة احمد أللوزي وعبقرية التخطيط معالي الدكتور عبد الله النسور , فلقد كان من القيم السائدة في تلك الأيام الانتماء الوطني الشديد , وتغليب المصلحة العامة عن المصالح الشخصية , والإيمان بالدور الإنساني الذي تلعبه الدائرة في إعادة توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء , والعمل بروح الأسرة الواحدة , رغما عن أن العائد المتحقق من الوظيفة في ذلك الوقت لم يكن بذاك التميز ؟؟ , فلم تجد القيم السلبية في ذلك العصر الذهبي محلا لها في قاموس أولئك الرجال , ومن هنا نتساءل عن سبب تبدل وانتشار القيم السلبية مثل: الحسد والغيرة واغتيال الشخصيات وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة وتفشي الفساد والواسطة والمحسوبية , وبتقديري فقد يعزى السبب لتغير منظومة القيم المجتمعية , ففي تلك الفترة لم يكن يحصل على المؤهل إلا من يستحقه وكذلك الحال بالنسبة لشغل المواقع الإدارية , فقد حمل الرعيل الأول أخلاقيات الفرسان , ولم يتمنى أحدا منهم لأي منافس إلا الخير للتميز عليه بقدرته الذاتية, وهذا يذكرنا بملحمة طروادة عندما تعثر هيكتور بحجر وسقط منه سيفه , "فقال له هيركوليز خذ سيفك وقاتلني فلا أريد لحجر أن يسلبني نصري "ولو كان الأخير احد الأعراب بزمننا الحالي لتمنى له الموت بكافة الطرائق قبل أن يلاقيه, لا بل لدبر له مكيدة ؟؟؟؟ فعندما تصبح المدارس والجامعات والوظائف بيتا لأبي سفيان يختلط عندها الحابل بالنابل ويصبح حملة الشهادات جميعهم متساوين لهم ما عليهم من حقوق وواجبات بغض النظر عن طريقة حصولهم على الشهادة ؟؟؟ والمطلع على الوضع في الدائرة فيما يختص بالتعيينات ما قبل الخمسة عشرة سنة الأخيرة : يرى أن الدائرة قد دأبت إلى تعيين واختيار الموظفين حسب حاجتها , وكان يتم تدريبهم على يد من سبقهم من موظفين, مما يكسبهم القيم المؤسسية الموجودة , في حين أننا نرى بان الدائرة قد استقبلت أعداد كبيرة من الموظفين تزيد عن حاجتها بسبب تصفية مؤسسات أو دوائر من الهيكل التنظيمي للدولة , ولم تستطع الدائرة أن تصهرهم ضمن قيمها المؤسسية, بل أصبحوا مجتمعات داخل مجتمع , وجلبوا معهم قيما مختلفة وثقافات مؤسسية متنوعة كان معظمها سلبيا للأسف , وتم استكمال هذه الظاهرة بالسماح للموظفين من الدوائر الأخرى الانتقال إلى الدائرة بدرجاتهم العالية بحكم الواسطة والمحسوبية , مما أدى إلى بروز الشلل والجماعات وخلق تنظيمات غير رسمية , كل ذلك قد لوث ثقافة الدائرة وافقدها الكثير من قيمها الجوهرية , فباتت الحقوق ضائعة وغدت المادة والمكافئة تقف خلف دوافع اغلب الموظفين في الدائرة على العمل , وعملت على قتل الطموح والأمن الوظيفي, وهذه العوامل قد ساهمت إلى حد كبير في إيجاد حراك شعبي داخل صفوف الموظفين بالدائرة للمطالبة بالحقوق الضائعة وإنصاف الكفاءات المهشمة ,وبتقديري فان تلك التحديات قد صنعت أزمة ثقة كبيرة بين الموظفين والمكلفين والإدارة العامة , مما شكل احد الأسباب المفصلية التي ساهمت في الإطاحة بالمدير السابق, الذي استغل التنوع الموجود بإحداث صراع بين الجماعات داخل الدائرة حتى يصبح هو المسيطر الوحيد ؟؟؟ , ولم يتم استغلال هذا التنوع لخلق منافسة تعمل لمصلحة الدائرة , وبالعودة إلى أخلاق الفرسان ومطالب الحراك الموجود حاليا نجد أن القليل منها مصيب والكثير منها خاطئ , فلدى مطالبتنا بحاكمية مؤسسية وروح تشاركية لرسم سياسات وأهداف الدائرة وتعديل بعض الأنظمة والتعليمات التي تكون فيها الأسس غير سليمة أو قد تم تفصيلها لأشخاص دون غيرهم ؟؟؟ تكون مطالبنا سليمة وصحيحة وتعبر عن انتماؤنا الوطني , أما عندما ينقلب هذا الحراك إلى مطالب مادية بحتة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الوطن الحبيب فلكم الحكم على تلك المطالب ؟؟؟ فالفرسان لا يمارسون سياسة لوي اليد , والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا انقلبت كل مطالب الحراك إلى مطالب مادية ؟؟؟ متناسيين بان هناك آلاف من الموظفين ممن يتمنون الانتقال إلى الدائرة مستخدمين كافة وسائل الضغط المتاحة, ناهيك عن عشرات آلاف من لم يحالفهم الحظ بالتعيين ويمتلكون مؤهلات علمية وكفاءات لا يستهان بها ؟؟؟
ومن هنا فانه يقع على عاتق الإدارة الجديدة العمل على تفكيك تلك الشلل وإنصاف المتضررين في العهد الماضي وإعطاء كل ذي حق حقه ..والعمل بروح الفريق التشاركية بكل شفافية ومكاشفة ومصارحة ومسائلة, والاستفادة من الأحجار المهملة المهشمة بما يضيف أقصى قيمة مضافة للدائرة والوطن , مع قناعتي بان التغيير المطلوب لا يأتي أكله بشكل فوري, بل يحتاج إلى إتاحة الفرص للصف الثاني والثالث لخلق قيادات فاعلة تشعر بحاجات الموظفين بسبب قربها منهم وليس كبعض الإدارات الحالية التي تجلس على برجها العالي منذ عدة سنوات وقد انفصلت عن واقعها ,وأخيرا أحب أن أبين لعطوفتكم بان بعض الموظفين قد أصابهم الصدى من قلة الحركة , وأصبحوا كالمخزون الراكد في علم المحاسبة ومن حقهم تغيير مواقعهم لتجديد نشاطهم , وحفظ الله الأردن شعبا وملكا والله ولي التوفيق .والى اللقاء في الحلقة الرابعة ....