امتحان الإخوان

هناك من يدعي ، ان افضل وسيلة للحد من شعبية الاسلاميين ، هي تسليمهم السلطة ، لانهم سيفشلون بالبقاء فيها، لجملة اسباب من بينها ،عدم قدرتهم على قطع المسافة الطويلة بين الشعارات التي تطرح خارج السلطة ، وبين ممارسة السلطة الفعلية .

وهاهي الوسيلة الفضلى بنظر هؤلاء قد جاءت بجهد الاخوان انفسهم ، عندما قبلوا تحمل مسؤولية قيادة الدولة المصرية لاربع سنوات مقبلة . فالتفويض الذي منحه الشعب المصري للاخوان ، وان كان باغلبية بسيطة ، الا انه تفويض كامل بالحسبة الديمقراطية ، ويعطي كل المصريين ، الحق في الثواب اوالعقاب لحكامهم الجدد ، على ما سيقدمونه خلال الاربع سنوات ، وهي فترة امتحان كامل المواصفات .

ليس سهلا حكم مصر في هذه الظروف . والمطلعون على تفاصيل المشهد المصري ، يقولون ان الاخوان ورطوا انفسهم بهذا الحكم ، وكان عليهم ان يختاروا البقاء في المعارضة خلال السنوات الاربع القادمة على الاقل ، يقيمون فيها الاوضاع ، ويقررون بهدوء ، كيفية ادارة دولة تعمقت مشكلاتها الى حدود الاستعصاء .

سينتهي شهر العسل مع الرئيس مرسي قريبا ، كما سينتهي مفعول تجاوز ما كان للرؤساء من بروتوكولات ومراسم . في حين بدات روزنامة الايام تتناقص سريعا ، حيث بدأ الشعب والاعلام الحديث عن مئة يوم لتنفيذ الوعود الرئاسية ، لان الجميع يريد حلولا آنية لمشكلات مستوطنة منذ عقود .

ومشكلات مصر قائمة طويلة تستقبل اضافات كل يوم . وقد اعتقد المصريون انه اصبح من الممكن التغلب عليها بعد اسقاط نظام مبارك ، وسمحوا لانفسهم بتفاؤل مبالغ فيه لم يصمد طويلا ، وذلك ما اعطى احمد شفيق ملايين الاصوات .

الامتحان الاخواني سيكون صعبا ، على الرغم من انه لن يكون من خارج المنهاج المصري المقرر ، فهناك قوى منافسة تتربص بالاخوان وتضعهم تحت المجهر ، وقد تكون جاهزة لاعلان نتيجة الامتحان قبل الاوان ، وهو ما سيعيد الازمة السياسية الى المربع الاول ، ولن يكون العسكريون خارج اللعبة .

الامر المعتاد في جميع الدول ، هو تراجع شعبية الشخص او الحزب بعد وصوله الى الحكم ، لانه ليس بامكانه تنفيذ جميع وعوده . ويقول بعض المصريين ، انه اذا كانت شعبية الاخوان قد تراجعت كثيرا بعد شهور قليلة من انتخاب مجلس الشعب ، فكم ستكون نسبة هذا التراجع بعد اربع سنوات عجاف ؟ .

قبل الاخوان التحدي ، بمشروع سماه الرئيس بمشروع النهضة ، ولكن متى سيخرج هذا المشروع من دائرة الجدل والاشتباك السياسي ، واين سينتهي وما هو مصيره ؟ . قليلون الذين يتفاءلون باوضاع مصر في المدى المنظور . وبعض قرّاء المستقبل صدقت قراءتهم او كذبت ، يقولون ان هذه ستكون المرة الاولى ، وربما الاخيرة للاخوان في قيادة مصر ، وان صدقت هذه القراءة غير المستبعدة ، فان مصر ستعطي نموذجا اخر للمنطقة ، ولكن في اتجاه معاكس !.