عن الحلاق



قبل أيام ذهبت الى الحلاق لقص شعري ، أجلسني على الكرسي ، وبدا كالعادة ، يمسك بشعري وينكشه ، ويزيح رأسي يمنة ويسرة ، والى اعلى والى أسفل ، ثم يعود فينكش الشعر بأصابعه من جديد .

في لحظة استسلام صرخ الرجل ، واخبرني نفس الجملة التي أسمعها منذ سنين ، "شعرك مشيب يا استاز" ، لم يكتفي بها وحسب ، بل زاد عليها ان اعلمني بان الشيب زايد عن المرة الماضية .

كل مرة يسمعني نفس العبارة ، وكل مرة يحبطني اكثر ، ويغلق علي دربا كنت انوي أن أقصده معذبا لقلوب العذارى في شبوبيتي وحيويتي ، كل مرة يجعلني أشعر بأني في الستين مع اني لم اتجاوز بعد الثلاثين بالكثير .

المشكلة اني في كل مرة اسمع فيها هذه العبارة اعزم النية على تغيير الحلاق في المرة القادمة واقول في نفسي " هذا وجهي اذا بحلق عندك مرة ثانية" لكني اعود اليه بلا طوع فلديه ما يشفع له .

فطريقة حديثه ونظراته وتقاسيم الوجه واحساس الحروف والكلمات كلها تدل على خوف وحزن على شبابي الذي أرهقه الشيب.

يكفي أنه يحلق لي وهو خايف علي ومستاء على حيوية غزاها الشيب .

يبقى العتب على اللذين هم معتادين على الحلاقة لنا عالناشف ، مع انهم هم أساس الشيب لا في شعرنا وحسب بل حتى في قلوبنا .



المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com