قد امتياز مصفاة البترول للسنوات الخمسين الماضية أدى إلى ضعف كفاءتها إداريا وإنتاجيا , فلماذا التباطؤ في فتح السوق؟
مبررات تمديد إمتياز المصفاة كان لمنحها فرصة لتنفيذ عمليات التوسعة ذاتيا أو من خلال ايجاد شريك لكن أيا من الخيارين لم يتحركا خطوة واحدة .
التباطؤ في تحرير السوق دفع المصفاة الى نقل مشروع التوسعة الى أسفل سلم الأولويات وحصولها على تمديد غير محدد كان بالنسبة لها بمثابة تمديد الاحتكار وتمديد تشوهات السوق , بالإضافة الى طمأنتها إزاء مخاوف المنافسة والنتيجة تباطؤ أعمال التطوير والتوسعة .
احتكار شركة واحدة لسوق النفط طيلة العقود الماضية لم يؤد فقط الى تكريس تفرد المنتج الواحد غير القابل للتطوير بفرضه على المستهلك عدا عن التشوهات البيئية , بل انه دفع المصفاة الى ارجاء كل أعمال التطوير الضرورية والاكتفاء بواقع الحال .
تنتظر المصفاة إشارات تمكنها من طرح سندات مكفولة من الحكومة لكن الأخيرة لم تعد قادرة على ضمان أية قروض إضافية لشركات , فسقف المديونية المخترق لا يحتمل المزيد , لذلك فإن مساحة تحرك المصفاة في الإقتراض ستكون ضيقة جدا , وما من شريك يرغب في المجازفة بمال يعرف أنه سيلقيه في سوق سيكون مفتوحا للإستيراد الى جانب تأسيس أربع شركات لتسويق المشتقات النفطية وشركة لوجستية .
لن نكرر الحديث حول أوضاع السوق وما إذا كانت تحتمل دخول مصاف جديدة في سوق محدودة أو فتح باب الإستيراد لغير المصفاة وما قد ينتجه ذلك من مضاربات و عدم إستقرار سعري , فبقدر ما قد يكون تحرير السوق مفيدا , بقدر ما ينبغي وضع ظروف السوق وطبيعته بعين الإعتبار , فتحرير الأسواق مبدأ عام قد ينفع في قطاع لكنه ليس كذلك في قطاع آخر ولكل منهما ظروفه وحجمه ومعاييره وكذلك قواعده .
لكن السؤال المطروح هو , هل تستطيع مصفاة البترول تنفيذ مشروع التوسعة منفردة ليتم تحرير السوق في غضون أربع سنوات بحسب تصريحات وزير الطاقة الأخيرة ؟.. الإجابة هي النفي طبعا , والمشكلة في قلة المال , وليست في التكنولوجيا التي يمكن شراؤها من السوق كما يمكن شراء خدمات خبراء وفنيين إن لم يكن ذلك متوفرا .
ببساطة مشكلة المصفاة هي توفير التمويل لتنفيذ التوسعة , وهو ليس متوفرا , كما أن خيار الشريك الإستراتيجي بات خيارا بعيد المنال .