اخبار البلد_ أكد محافظ البنك المركزي، الدكتور زياد فريز، أن البنك المركزي ما يزال
يحتفظ بمستوى مريح وآمن يمكنه من مواجهة الضغوط القائمة وتغطية المدفوعات
الخارجية بما فيها فاتورة المستوردات، على الرغم من تأخر ورود المساعدات
الخارجية.
واشار فريز، في حوار "الاثنين" الذي ينظمه المجلس الاقتصادي
والاجتماعي اسبوعيا، تحت عنوان "دور البنك المركزي في المناخ الاقتصادي
والجهد التنموي"، حرص البنك المركزي على تحقيق هدفه المتمثل بالاستقرار
النقدي، مشيرا إلى نجاح البنك المركزي في مواجهة الضغوطات على ميزان
المدفوعات خلال العامين الماضيين مستفيدا من المستويات المرتفعة التي توفرت
لديه من الاحتياطيات الأجنبية.
وشدد فريز على أهمية المساعدات
الخارجية، وخصوصا من دول الخليج العربي، في سد جانب من الفجوة التمويلية
التي نتجت عن عجز الموازنة والخسائر المتحققة في قطاع الطاقة وتعزيز
الاحتياطيات الأجنبية التي ما تزال ضمن مستويات كافية وآمنة.
وأكد أنه
على الرغم من الإجراءات المالية التي تم اتخاذها أخيرا، إلا أن تخفيض العجز
يتطلب إتباع سياسة مالية حصيفة وملزمة على المدى المتوسط من شأنها خفض
وترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات المحلية بهدف المزيد من الاعتماد على
الذات.
وبين الدكتور فريز ان من نتائج ذلك تراجع حوالات العاملين في
الخارج والدخل السياحي والاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات الوطنية مثلما
ارتفعت فاتورة المستوردات، لاسيما تلك المتعلقة بالطاقة، ما شكل ضغطا على
مستوى الاحتياطيات الأجنبية ترافق مع عجز كبير في الموازنة العامة للحكومة
والذي ما يزال يمثل تحديا "نسعى لتخطيه" الأمر الذي أفضى إلى تراجع معدلات
النمو الاقتصادي ليصل متوسطها إلى 2.5 % في الفترة 2011-2010 وارتفاع
معدلات البطالة إلى13.5 %.
وشدد فريز على أن عجز الموازنة هو العامل
والسبب المشترك في مختلف الأزمات التي مر بها الاقتصاد التي هي نتاج للتوسع
في الإنفاق الحكومي الذي يؤثر سلباً على مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى
مستويات السيولة وأسعار الفائدة في السوق المصرفي.
وأكد فريز أهمية
التوافق الوطني في التعامل مع القضايا الاقتصادية وإيجاد سياسات نقدية
ومالية واقتصادية متوازنة تحقق اهداف الاقتصاد الوطني.
وأضاف فريز إن السياسة النقدية لا تعمل في فراغ بل هي جزء يعمل بانسجام مع السياسة المالية والاقتصادية في أي بلد.
وقال "المطلوب اتباع سياسات لتنشيط الاقتصاد الوطني ومؤازرة السياسة النقدية في تحقيق اهدافها".
وأكد
قدرة الاقتصاد الأردني على تجاوز المرحلة الاقتصادية الراهنة إذا ما تم
اتخاذ السياسات المناسبة وفي المواقيت المناسبة بالتعاون والتنسيق بين جميع
الجهات المعنية باتخاذ القرار.
وبين أن المرحلة الحالية ليست أكثر
صعوبة وتعقيدا من مراحل أخرى كان قد تعرض الأردن خلالها لصعوبات مالية
واقتصادية أكثر حدة واستطاع الاقتصاد الوطني التغلب عليها والعودة إلى
مساراته التوازنية وتحقيق نتائج اقتصادية مناسبة.
وفيما يخص المرحلة
التي يمر بها الاقتصاد الأردني حاليا لفت محافظ البنك المركزي إلى ان
الاقتصاد الوطني تأثر بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية منذ عام 2008،
وما تبعها من صدمات خارجية تمثلت بارتفاع أسعار النفط والغذاء عالميا وحالة
عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في دول المنطقة وتكرار انقطاع الغاز
المصري اللازم لتوليد الكهرباء، الأمر الذي انعكس على تراجع التدفقات
الخارجية الواردة إلى المملكة.
وأشار فريز إلى أن استقرار الجهاز
المصرفي وسلامته وتعزيز دوره في توفير التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية
المختلفة، على رأس أولويات البنك المركزي، وان السياسات الرقابية والسياسات
الحصيفة للبنوك المرخصة نجحت في المحافظة على جهاز مصرفي سليم ومتين يتمتع
بمستوى جيد من الملاءة والربحية.
وتطرق إلى قيام البنك المركزي بتحديث
الإطار التشغيلي للسياسة النقدية لديه أخيرا، من خلال استحداث أدوات نقدية
جديدة تمثلت باتفاقية إعادة الشراء للتأثير على حجم التمويل في سوق إقراض
ما بين البنوك والحد من تذبذب أسعار الفائدة فيه، واستحداث أداة جديدة أخرى
تعرف بعمليات السوق المفتوحة الدائمة والتي يقوم البنك المركزي من خلالها
بشراء وبيع السندات والأوراق المالية في السوق الثانوية، بهدف التحكم
بمستوى السيولة في السوق المصرفي، والتأثير على كلفة تمويل الأنشطة
الاقتصادية المختلفة.
وقال محافظ البنك المركزي إن عددا من المؤشرات
الاقتصادية خلال الفترة المنقضية من هذا العام أظهرت ايجابية؛ فمعدلات
التضخم بقيت ضمن مستويات مناسبة 3.9 % لنهاية حزيران (يونيو) والدخل
السياحي للمملكة ارتفع بمعدلات ملحوظة حوالي 19 % لنفس الفترة، وبدأت
حوالات الاردنيين العاملين في منذ شهر آذار (مارس) الماضي بالتحسن، وارتفع
الإنتاج الصناعي والمساحات المرخصة للبناء بنسب كبيرة، وانخفض معدل البطالة
إلى 11.5 % خلال النصف الأول من العام الحالي، مثلما حقق الناتج المحلي
الإجمالي معدل نمو بلغ 3 % في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بـ 2.3 %
للفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد ان البنك المركزي سيستمر باتباع
نظام ربط سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي كون هذه السياسة تعد الدعامة
الأساسية للاستقرار النقدي في المملكة وما زالت تخدم اقتصادنا الوطني،
إضافة إلى استمرار سعر الصرف الحقيقي الحالي عند مستوى ملائم ومقارب
لمستواه التوازني المتوائم مع أساسيات الاقتصاد الكلي الأمر الذي يدعم
النمو الاقتصادي وتنافسية صادراتنا الوطنية.
كما أكد أن البنك المركزي
سيستمر باستهداف زيادة جاذبية الدينار وتعزيز متانة واستقرار جهازنا
المصرفي وضمان توافر السيولة اللازمة لدفع النشاط الاقتصادي.
وردا على اسئلة الحضور قال المحافظ ان الدعم الحكومي يمثل 80 % من مجموع عجز الموازنة العامة للدولة.
وبين ان التسهيلات الائتمانية نمت بنسبة 7 %، لكن الجزء الأكبر منها ذهب للحكومة بينما نمت ودائع القطاع الخاص فقط بحوالي 2 %.
وقال
إن "المركزي" قام بإجراءات غير تقليدية منها دعم إقراض الشركات الصناعية
بواقع 2 % أقل من معدل الفائدة على سعر إعادة الخصم للبنوك، لكن التجاوب من
البنوك ما زال ضعيفا، الى جانب تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون
مع اوبك.
وبين ان الوضع الصحي اقتصاديا ان تصحح السوق نفسها، منوها الى
ان كثيرا من الشركات المدرجة في السوق المالية أسعارها السوقية اقل كثيرا
من قيمتها الحقيقية، ما يعني ان السوق تعد جاذبة للاستثمار في هذه
المستويات.
بدوره، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور جواد
العناني أهمية الحوارات التي يطلقها المجلس في تهيئة المناخ والبيئة فكريا
وسياسيا واقتصاديا، ولملمة الأفكار لمواجهة التحديات، والتشاور للسير في
عملية التنمية وخلق التوازن الاقتصادي والاجتماعي.
وقال ان هناك تداخلا
كبيرا في الادوار بين مؤسسات الدولة، وهو ما يحتاج الى بناء مؤسسي يفضي الى
التوافق على السياسات والاستراتيجية مع ضرورة وجود رؤية واضحة للوصول الى
برنامج إصلاح شامل.
وشدد اعضاء المجلس على ضرورة وجود برنامج إصلاح اقتصادي وطني شامل يكون عابرا للحكومات يبنى بالتعاون مع مختلف الشركاء في المجتمع.
واستمع للحوار اعضاء المجلس وعدد من الخبراء الاقتصاديين والوزراء السابقين.