كأننا لسنا في الأردن

هو الاحتقان بالتأكيد، وعدم وجود معالجة حقيقية لأية قضية تقع في البلاد، في ظل حكومة انتقالية تتعثر من خيالها، وتتوهم انها بسياسة التطنيش تعالج الامور.

كأننا لسنا في الاردن، وفي بلاد لا يتوقف الخطاب الرسمي من ترديد مقولة "بلاد الامن والامان"، لكنك أينما وجهت نظرك تشاهد مشاجرة هنا، وازمة هناك، واعتصامات واحتجاجات لا تنتهي، وحوارات بالاحذية والمسدسات.

اضطرت إدارة جامعة مؤتة امس الى تعليق الدوام إثر مشاجرة عنيفة وواسعة اندلعت داخل حرم الجامعة، تخللها تراشق بالحجارة واستخدام الأدوات الحادة واعتداء على الممتلكات العامة.
أعمال عنف في السلط واربد والنعيمة وحوارة والكرك...، لا تتوقف وتختلف اسبابها.
رئيس الوزراء يمنع من دخول الكرك برفقة السفيرين الاميريكي والبريطاني، وبعد أن يتوجه الى اربد يُواجه باستقبال لم يتعود عليه 
وزير الداخلية ابن السلط مهدد بعدم الاستقبال اللائق في مدينته، لا بل والتهديد بحرق صوره واشياء اخرى.

رؤساء قاعات التوجيهي يتعرضون للتهديد والضرب، عقب حرمانهم طلبة من الدورة الحالية بسبب الغش، لا بل ويصل الامر الى احراق مدرسة في عيرا، وبسبب التوجيهي ايضا.

سكان في الكرك يقطعون الشوارع ويحرقون الاطارات نتيجة عدم وجود مياه للشرب، وكذلك الامر في الزرقاء واربد وعديد المدن والقرى.
متقاعدو الفوسفات يفترشون الارض بحثا عن حقوقهم، وعمال الخدمات في مستشفيات وزارة الصحة يهددون بالاضراب عن العمل، وموظفون في امانة عمان يحاولون اقتحام مكتب رئيس لجنة الامانة، والأيتام، حتى الايتام اعتصموا لأيام امام رئاسة الوزراء على الدوار الرابع، يطالبون بتأمين سكن كريم لهم وتأمين صحي بعد خروجهم من دور الرعاية.

ضمير الامة ونورها، الفنانون الاردنيون مضى على اعتصامهم شهرا، وهم يرحلون بهمومهم من مكان الى آخر، ومن اعتصام الى خيمة الى مسيرة الى وقفة احتجاجية، ولا يلتفت لهم احدا، وكأنهم نبات برّي لا تستحق مطالبهم زيارة من مسئول او وفد يستمع لهم.

هذه الاحتقانات التي تمنع التنفس الطبيعي عن البلاد، اخطر بكثير من قرار الاحزاب السياسية والاخوان المسلمين المشاركة في الانتخابات او مقاطعتها، لانه على الاقل باب الحوار مفتوح على هذه القضية، وقد نصل في يوم من الايام الى توافق ما، أما ما قد ينتج عن مشاجرة عنيفة، او قطع شارع، او قذف مسئول بالحجارة والطماطم، او تعذيب حدث، او عنف خشن من رجال الدرك، فقد لا تحمد عقبى النتائج.
بصراحة اكثر، صحيح اننا نعاني من ازمات متشعبة، واختناقات في الاوضاع المعيشية، لكن ما يلفت النظر اكثر أن هناك جهات ما تصب البنزين على النار، ولا تقدر عواقب ما قد يحصل_ لا سمح الله_، وهناك حكومة تضع في أذن طينا والاخرى عجينا .