لعبة الكبار!
لم يعد هنالك أي خيار أمام المعارضة السورية لإسقاط النظام، وكذلك النظام لا يملك الخيار في انهاء المعارضة وتصفيتها، رغم ان معارضة الخارج أصبحت أدوات للديكور في الأروقة والمؤتمرات الدولية، وسيبقى اللاعبون الدوليون الصين وروسيا وتركيا والولايات المتحدة الاميركية ومن يلف لفيفهم يحددون اللعبة وشروطها، في حين تقوم المعارضة الخارجية بدور التباكي على الدم السوري على الفضائيات، والشعب السوري يتعرض للقتل من كل الأطراف!
فليس
النظام وحده من يمارس القتل، المعارضة كذلك تقوم بهذا الفعل المرفوض، لكن
هل يستوعب الطرفان ان الضحية هي الشعب السوري؟ الأحداث تقول عكس ذلك؛ فشلال
الدم مستمر والقتل المجاني يحصد أرواح السوريين، والطرفان، المعارضة
والنظام، ينتظران لحظة الحسم الدولي لمستقبل النظام السياسي السوري، ولعبة
شد الحبل بين القوى الدولية تفرض شروطها بكل قوة على المشهد السوري بكل
تفاصيله، في حين يعجز الطرفان عن إيجاد حل وطني للعبة القتل تلك.
المشهد
السوري المنشطر عموديا ألقى بظلاله على العالم بأسره، ونحن في الأردن
أصبحنا جزءا من هذا الانشطار، الذي يشكل نقطة حاسمة في شكل الصراع الدائر
في سورية، وهذا يعني بالضرورة الانحياز لطرف على حساب طرف، وأقصد هنا
الموقف الشعبي الذي يغذيه الإعلام الدولي عن حالة الوضع في سورية ويبني
عليه أفكاره ورؤاه، لكن اللعبة لا تقتصر على تشكل الرأي العام وحده بما يخص
الحالة في سورية، بل تؤثر على شكل مستقبل الحالة السياسية عندنا وعلى
مستقبل الإصلاح تبعا لشكل التغيرات التي تطرأ على الوضع هناك.
التدخلات
الخارجية ولعبة الكبار هي السمة الرئيسية فيما يخص القضية السورية التي
باتت تشكل مصدر قلق للكثير من الدول خصوصا دول الجوار والتي تأثرت بشكل
كبير في مجريات تلك الاحداث، وقد أسهمت تلك التدخلات بتأجيج حدة الصراع
وسقوط آلاف الضحايا الأبرياء واتباع سياسة الوصاية وإملاء الشروط التي
تفرضها السياسة الدولية، ما خلق مناخا متأزما ساعد على اتساع رقعة المواجهة
خصوصا أن تلك الدول تسعى الى تحميل النظام وحده كامل المسؤولية.
فالشعب
السوري وحده، وبعيدا عن لعبة الكبار، من يملك القرار بأن يقود حلا سياسيا
يكون مقبولا على نطاق واسع لدى كل الأطراف المعنية في سورية، ولا يمكن
للعالم الخارجي أن يحل محل الشعب السوري في حل الأزمة السورية، وليس أمام
السوريين إلا أن يطلقوا حوارا وطنيا لا مكان فيه للآخرين، سواء كانوا في
الجوار ام وراء المحيطات، للخروج من حمام الدم الذي يعيشونه بعيدا عن
التدخلات الدولية التي لم تقدم لهم سوى المزيد من القتل ونشر الرعب. وعلى
النظام السوري أن يفهم كذلك أنه ليس من مصلحة سورية البقاء رهينة للمواقف
الدولية المتبدلة، وإن إرادة الشعب السوري وحقه في تقرير مستقبله السياسي
هي الضمانة الوحيدة للخروج من حالة الحرب التي تعيشها سورية الآن!