الأمن يضرب والنقابة تدين..وبعدين؟

ارتفع في الايام الماضية حجم الاعتداءات على الصحافيين من قبل رجال الامن العام، مثلما ارتفع الحديث عن الاعتداءات على المواطنين والمشاركين في نشاطات احتجاجية، كما زاد عدد المعتقلين والموقوفين.

حق لمدير الامن العام أن يخرج الى الاعلام ويقول ما يريد عن تلفيقات تتم من مواطنين ومواقع الكترونية عن ممارسات لم يفعلها الامن العام، وحقه ايضا ان ينفي اتهامات توجه الى ممارسات بعض رجال الامن العام، لكن الاعتداء على الصحافيين وضربهم ومنعهم ممارسة واجبهم المهني اصبحت ظاهرة في الايام الاخيرة مما دفع منظات حقوقية ونقابية رفع الصوت عاليا.

في حوار طويل وشيق مع مدير الامن العام واسرة "العرب اليوم" قبل اسبوعين، تحدث الفريق حسين المجالي باعتزاز عن المستوى الذي وصلت اليه مراكز الاصلاح والتأهيل، كما يحب ان يسميها، ونسميها نحن السجون، لكنه رفض الحديث (متنهدا) عندما سألناه عن مراكز الحجز (النظارات) الموجودة في المراكز الامنية، وهذا الرفض جواب واضح عما يجري فيها.

لهذا لم يعد الاعتذار المباشر على الهواء، للصحافيين وغيرهم من المواطنين كافيا، ولم تعد الادانة الرسمية لهذه الحوادث تمنع تكرارها، ولم تعد هذه الافعال كافية لحفظ كرامة الصحافي، وكرامة مهنته السامية.

في غمرة الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت ربوع الوطن العربي بألقها وعنفوان شبابها، تشن الحكومات واجهزتها الامنية حربا مخجلة، حيث يتم اقصاء الشهود لضمان المزيد من حجب وتغييب المعلومة والصورة للجرائم التي ترتكب بحق المواطنين العزل الذين انتفضوا من صمتهم يطالبون بحياة كريمة وآمنة تضمن لهم العيش الرغيد كغيرهم من شعوب العالم.

لقد شهدت الاعتداءات التي تستهدف الصحافيين تطورا واضحا، حيث يعمد بلطجية إلى ضرب الصحافيين والمراسلين، كما يعمدون إلى اتلاف كاميرات المصورين ومنعهم القيام بعملهم، وهذه الاعتداءات جرائم خطيرة، يجب تقديم مرتكبيها ومن وقف وراءهم إلى المحاكمة، لان الزملاء الصحافيين والاعلاميين، مثلهم مثل افراد الدرك يقومون بواجباتهم ويجب ألا يعتدى عليهم.

لم يعد بيان الامن العام، الذي اصبح معروفا نصه "ان ما يحدث تصرف فردي، لا يمثل سياسة الجهاز"، يكفي أو يقنع احدا، بعدما زادت الاعتداءات. ولم تعد لجان التحقيق سوى ذر للرماد في العيون.

كما لم تعد بيانات الاستنكار والادانة التي تطلقها نقابة الصحفيين، وكان اخر الادانات امس ضد حادثة الاعتداء على الصحافيين في اربد تكفي، ولم تعد تفي بالغرض تعبئة استمارات رصد الاعتداءات على الصحافيين التي تقوم بها مراكز حقوقية، لان هذه الاعتداءات التي يتعرض لها الزميلات والزملاء الصحافيين المشاركين في تغطية الاحداث أثناء تأديتهم واجبهم المهني، تعد انتقاصاً للحريات التي نتباهى بها.

لنذهب الى القانون ونترك سياسة الطبطبة وبوس اللحى جانبا، فمثلما نرفض بشدة ان يتعرض اي رجل أمن الى اعتداء او طعن او الى محاولة خطف مثلما قال مدير الامن العام عن احداث السلط، فاننا نرفض أن يتم الاعتداء على المواطنين المشاركين في وقفات الاحتجاج، كما لا نقبل ان يستسهل رجل الامن الاعتداء على الصحافيين.