تجنيد المتدينين اليهود.. إلى أين يقود إسرائيل؟!

بحسب الصحافة الإسرائيلية، «في العام 2010 لوحده، حصل 63 ألفاً من طلبة المدارس الدينية على إعفاء من الخدمة العسكرية». وتعهد رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) ومعه زعيم حزب «كاديما» (شاؤول موفاز) بتمرير قانون ينهي الإعفاءات العسكرية، التي تحولت مع الوقت إلى معضلة سياسية أدت إلى تأجيج المشاعر فيما بات يشبه الحرب الثقافية داخل إسرائيل. وفي هذا تقول (كارين برويارد) في مقال بعنوان «العسكرية في إسرائيل.. أزمة خدمة (المتدينين)»: «يرى المحللون أن الوقت لاحتواء الصراع قد فات، ولاسيما في ظل الاستياء الكبير لدى الغالبية العلمانية في إسرائيل من اليهود المتدينين المعروفين باسم «حريديم». ويقول )أوري ريجيف)، رجل الدين الإصلاحي المنتقد لمواقف المتدينين المتشددين: «هناك اضطرابات تمتد إلى الجانب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتؤثر على روح إسرائيل.

 نمط حياة المتدينين المتشددين يشكل خطراً على استقرارنا». وفي الآونة الاخيرة، قال رئيس اللجنة النيابية المختصة بتشجيع الشباب اليهودي المتدين على الانخراط في صفوف الجيش، النائب (يونتان فلسنير): «إن تملص الشباب اليهودي المتدين من الخدمة ينذر بحدوث أزمة ستعصف بالمجتمع الإسرائيلي».


على صعيد أكثر خطورة، فإن تبوء المتدينين المواقع القيادية في الجيش الإسرائيلي ينذر بتهديد جدي وخطير للنظام السياسي الإسرائيلي، حيث تحظى التعاليم الصادرة عن الحاخامات باحترام أكبر لدى الضباط والجنود المتدينين من الأوامر التي تصدرها قيادة الجيش. ولعل الذي يدلل على حجم قلق العلمانيين من تغلغل المتدينين في الجيش، هو ما قاله الجنرال (شلومو غازيت) الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية بأن «الجنود المتدينين يذكرونني بالولاء المزدوج للضباط في الجيش النازي».


كذلك، هناك علاقة واضحة بين تعاظم تأثير المتدينين على الجيش وبين ميله لاستخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين. فزيادة ثقل المتدينين الكبير في المواقع القيادية في الجيش يفتح أبواب الجيش أمام غلاة المتطرفين من الحاخامات، الذين اشتهروا بإصدار الفتاوى التي تدعو إلى قتل المدنيين الفلسطينيين، للتنظير لأفكارهم. وفي العامين الماضيين، شهد الجيش الإسرائيلي تحركا من قبل الجنود المتدينين بحيث أخذوا يعلنون على الملأ التزامهم بتطبيق قرارات الحاخامات والتوراة في حال تناقضت مع الأوامر العسكرية. وفي الإطار نفسه، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن ضابطات في الجيش الإسرائيلي وجهن إلى نتنياهو رسالة شديدة اللهجة طالبن فيها بعدم تجنيد الشبان الحريديين بشكل يؤثر على طابع جيش الاحتلال، مثلما أكدن على: «إننا نراقب بقلق، عملية التطرف الديني التي تجتاح الجيش».


لقد كشفت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن المجتمع الإسرائيلي يعيش انقساما كبيرا طرفاه هما: اليهود العلمانيون واليهود المتشددون «الحريديم»، مشيرة إلى أن «قضية الإكراه الديني الذي يمارسه الحريديم في إسرائيل تزايدت خلال الفترة الأخيرة». فهل تنجح خطة (نتنياهو)/ (موفاز) بخصوص تجنيد اليهود المتدينين إلى إعادة دمج هؤلاء في المجتمع الإسرائيلي؟! وفي حال فشل هذه الخطة (وهو الأمر الذي لاح في الأفق الأسبوع المنصرم) يصبح التساؤل الأكبر: إلى أين يقود كل هذا إسرائيل سياسيا واجتماعيا؟!!