اخبار البلد_فهد الخيطان- يدور نقاش صريح في مراكز صناعة القرار السياسي حول ضرورة
زيادة تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني في مجلس النواب، إذ يرى مسؤولون
كبار أن حصة هذه الشريحة من الأردنيين لا تتناسب مع كثافتهم السكانية،
خصوصا في المدن الكبرى.
ويؤكد ساسة، على صلة وثيقة بمراكز صناعة القرار، أن الهدف الرئيس لا
بل الوحيد لتعديل قانون الانتخاب وزيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة
الوطنية المغلقة من 17 مقعدا إلى 27 هو تحسين نسبة تمثيل مدن الكثافة
السكانية، (عمان والزرقاء).
رغبة أصحاب القرار بهذا الشأن التقت مع نصائح سفراء غربيين في عمان،
قالت المصادر إنهم وجهوا انتقادات لاذعة لقانون الانتخاب كونه يهضم حق
الأردنيين من أصل فلسطيني في التمثيل.
عدد الأردنيين من أصل فلسطيني في البرلمان الحالي وفق أرقام الرسميين
يبلغ 19 نائبا، فيما يأمل المسؤولون في الحكومة أن يرتفع عددهم في البرلمان
المقبل إلى ما يزيد على 35 نائبا.
يقر سياسيون وخبراء في الأنظمة الانتخابية بإشكالية تمثيل الأردنيين
من أصل فلسطيني في البرلمان، لكنهم يشككون بجدوى "المقاعد العشرة" في تحسين
مستوى التمثيل.
جوهر المشكلة من وجهة نظر خبير في قوانين الانتخاب واستطلاعات الرأي
تحدث إلى "الغد"، مفضلا عدم ذكر اسمه، هي في عدم إقبال الناخبين في مدن
الكثافة السكانية على المشاركة في الانتخابات، والتي لم تزد حسب تقديره على
20% في جميع الدورات الانتخابية السابقة. بهذا المعنى فإن "نسبة تمثيلهم
تفوق حجم اقتراعهم" يقول الخبير.
لكن، ماذا عن زيادة حصة القائمة الوطنية، هل تكون عاملا جاذبا لناخبي
المدن الكبرى، وهل يساعد ذلك في نيل مرشحي تلك المناطق الحصة الأكبر من
مقاعد
القائمة؟.
وزير التنمية السياسية السابق موسى المعايطة يجيب على سؤال "الغد" هذا
بالقول "الفرضية ليست مضمونة، الأمر في المحصلة يعتمد على مشاركة
الأردنيين من أصل فلسطيني في القوائم".
وبتفصيل أكثر يشرح المعايطة وجهة نظره قائلاً "هناك أربع إلى خمس
قوائم رئيسية ستتشكل لخوض الانتخابات، وحصة الأردنيين من أصل فلسطيني في
الفوز تعتمد على نسبة حضورهم في القوائم وترتيبهم أيضا".
لكن أفضل تمثيل يمكن أن تحصل عليه هذه الشريحة يكون عن طريق قائمة
الحركة الإسلامية إذا ما شاركت في الانتخابات، حسب المعايطة الذي يذكر بأن
الانتخابات السابقة التي جرت وفق نظامين انتخابيين مختلفين وشارك فيها
الإسلاميون أعطت على الدوام حصة الأسد لفائزين من أصول فلسطينية.
يستبعد المعايطة أن يلجأ مرشحون من أصول فلسطينية إلى تشكيل قوائم "خالصة" بدون إشراك مكونات المجتمع الأخرى.
ويعتقد أن عددا لا يستهان به من مرشحي عمان أو الزرقاء يفضلون خوض
الانتخابات على المقاعد الفردية لأن فرصهم في النجاح مضمونة أكثر منها في
القوائم.
الناشط اليساري خالد رمضان، الذي سبق أن خاض الانتخابات النيابية
الأخيرة وأسس تيارا سياسيا للشباب التقدميين، لا يكتفي بالتشكيك بجدوى
الفكرة لجهة تحسين تمثيل المكون الفلسطيني، بل يذهب إلى وصفها "بمحاولة
للعب وإثارة الفتنة".
ويضيف إلى "الغد" أنه وبالأرقام، القائمة الوطنية المغلقة لن تكون متوازنة،
وبالتالي العدالة النسبية المنشودة لن تتحقق.
وفيما يعتقد رمضان أن عدالة التمثيل لن تتحقق بغير قانون انتخاب عادل
يلحظ أولوية الإصلاح السياسي على سواه، يجزم بأن "نتائج القائمة المغلقة
ستعكس من الناحية الانتخابية نتائج الصوت الواحد".
خبير الأنظمة الانتخابية واستطلاعات الرأي يعتقد أن نجاح الرهان على
تحسين نسبة تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني عن طريق زيادة مقاعد القائمة
الوطنية،
يعتمد على أمرين رئيسيين: تركيبة القوائم، وعدد القوائم أو ما يسميها "فوضى القوائم".
ويعني في قوله هذا، أنه كلما زاد عدد القوائم قلت فرص هؤلاء المرشحين في الحصول على نسبة وافرة من المقاعد، والعكس صحيح.
وجود قوائم كثيرة يرفع نسبة الأصوات المهدورة ويزيد الوزن الصوتي للمقعد الفائز، حسب تقدير الخبير.
بلغة الأرقام، فإن إشكالية تمثيل الأردنيين من أصل فلسطيني، وفق الخبير، يمكن
اختصارها بنسبة 15% سالب، أي أن هذه الشريحة تستحق 13 مقعدا إضافيا من
اصل 78 مقعدا مخصصة للتنافس الفردي، وذلك بعد استثناء مقاعد الكوتات من
العدد الكلي للبرلمان الحالي والمكون من 120 نائبا.
لكن الموقف من فرضية المقاعد العشرة الإضافية، يتعدى رهانات الأرقام
وحسابات التصويت إلى المفهوم نفسه الذي يؤسس في نظر الكثيرين لمبدأ
المحاصصة السياسية بدلا من الإصلاح السياسي.
لم يسقط دعاة الإصلاح السياسي، وهم يطالبون بقانون عصري للانتخاب، من
اعتبارهم عدالة التمثيل للشرائح الاجتماعية كافة، ولهذا شهدنا سيلا من
الاقتراحات لعل أبرزها ما قدمته لجنة الحوار الوطني، تضمن تحسين مخرجات
العملية الانتخابية ومستوى التمثيل في نفس الوقت، وتجنب الحياة السياسية
نهج المحاصصة بكل أشكاله.
لكن كل هذه الجهود تحطمت على صخرة تيار سياسي تشبث بالصوت الواحد بزعم
الحفاظ على هوية الدولة، ودرء خطر الإسلام السياسي، فوقع في فخ المحاصصة
بما تنطوي عليه من مخاطر على الوحدة الوطنية وقيم التعايش.