"رايتس ووتش" تتهم الأردن بالتمييز في معاملة فلسطينيين فارّين من سوريا

أخبار البلد

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات الأردنية تميّز في المعاملة بين السوريين والفلسطينيين الفارين إلى المملكة هربا من العنف في سوريا .

وقالت المنظمة الدولية في بيان صدر في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء إن "الأردن أعاد بعض الفلسطينيين إلى سوريا بعد أن فروا منها مؤخراً، وهدد آخرين بالترحيل، بعد معاملة اتسمت بالتمييز بناء على أصلهم القومي".

وأشار البيان إلى أن "الأردن اعتقل منذ نيسان الماضي فلسطينيين هاربين من سوريا بشكل تعسفي في مركز للاجئين دون أن يوفر لهم أي خيارات لإطلاق سراحهم سوى العودة من حيث جاؤوا " .

وطالبت المنظمة الأردن بـ "معاملة جميع الفلسطينيين الفارين من سوريا بحثا عن اللجوء في الأردن بمثل معاملة طالبي اللجوء السوريين الذين يُسمح لهم بالبقاء والتنقل بكل حرية داخل الأردن بعد أن يخضعوا لاختبار أمني وبعد عثورهم على ضامن " .

وقال بيان المنظمة إنها "التقت في منتصف حزيران (يونيو) بـ 12 فلسطينيا، ومنهم نساء وأطفال. ومثلما هو الحال بالنسبة للسوريين، دخل هؤلاء الفلسطينيون الأردن دون المرور بمركز حدودي رسمي، ولكن، وخلافًا للسوريين، خضع الفلسطينيون للاعتقال لشهور دون أن تتوفر لهم فرصة لإطلاق سراحهم".

وقال ثلاثة رجال من هؤلاء إنهم "أرغموا وإخوتهم على العودة إلى سوريا"، بينما قال ستة آخرون، وكان لثلاثة منهم عائلات وأطفال صغار، إنه "تم اقتيادهم إلى الحدود مع سوريا وهناك هُددوا بالترحيل، رغم أنهم تمكنوا في نهاية المطاف من البقاء في الأردن " .

وقال جيري سمسون، الباحث الأول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش "يُحسب للأردن أنه سمح لعشرات الآلاف من السوريين بعبور الحدود بشكل غير قانوني والتنقل بحرية، ولكنه عامل الفلسطينيين الفارين لنفس الأسباب بطريقة مختلفة تمامًا" .

وأشار إلى إن "جميع الفارين من سوريا، سوريين كانوا أو فلسطينيين، لهم الحق في طلب اللجوء إلى الأردن، والتنقل داخله بحرية، ويجب أن لا يُجبروا على العودة إلى منطقة الحرب " .
وقامت السلطات الأردنية منذ نيسان (إبريل) الماضي باعتقال الفلسطينيين الذين دخلوا الأردن من دون المرور بنقطة حدودية رسمية، ولم تطلق سراحهم. ولكن هذه السياسة لم تُطبق على آلاف السوريين الذين قدموا إلى هناك بنفس الكيفية، بحسب ما جاء في بيان المنظمة .
وقالت هيومن رايتس ووتش إن "الفلسطينيين الوافدين على الأردن جاؤوا إلى هناك في نفس الظروف التي فرّ منها السوريون، ولذلك يجب أن لا يتعرضوا إلى التهديد بالترحيل إلى المكان الذي جاءوا منه. كما يجب ألا يتعرض أي شخص للاعتقال إلا لأسباب قانونية واضحة، ولمدة زمنية محددة، بعد القيام بالمراجعة القضائية اللازمة. وكما هو الحال بالنسبة للاجئين السوريين " .
وقال فلسطينيون فارون من سوريا التقت بهم هيومن رايتس ووتش في الأردن إنهم "فروا بسبب العنف وانعدام الأمن بشكل عام في المناطق التي كانوا يسكنونها " .

وفي رده على أسئلة حول إعادة ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا أو تهديدهم بالقيام بذلك، قال الأمين العام لوزارة الداخلية الأردنية سعد الوادي المناصير، لـهيومن رايتس ووتش إن الأردن لم "يقم بإعادة أي فلسطيني إلى سوريا" وأنه "لا توجد تهديدات بإعادتهم إلى هناك ".

وقال المناصير "لم يتم اعتماد أي "سياسة دخول" حتى يتم الحديث عن إعادتهم إلى حيث جاؤوا"، وأن الأردن "كان فقط يمنع الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق من الدخول"، وهو ما يعني أن جميع الفلسطينيين دون وثائق ثبوتية مُنعوا من دخول الأردن .

وقدم فلسطينيون رواية مناقضة لهذه التصريحات، وقالوا لهيومن رايتس ووتش إنه "تم ترحيلهم من داخل الأراضي الأردنية " .

وقال تسعة معتقلين فلسطينيين كانوا قد تعرضوا للترحيل، إنهم "يعرفون أشخاصا من أقاربهم تعرضوا للترحيل أيضا، أو تم اقتيادهم وعائلاتهم من طرف قوات الأمن العسكري الأردني إلى الحدود مع سوريا، وهناك طلبت منهم القوات تحت تهديد السلاح عبور الحدود، ولكنها بعد ذلك تراجعت عن ذلك بعد أن توسلت العائلات الفلسطينية ألا تعود إلى سوريا " .

وقال آخرون، وفق ما نقلت شبكت "يو بي اي"، إنهم "تحدثوا عبر الهاتف مع أقارب وأصدقاء لهم في سوريا قالوا لهم إنهم يعرفون فلسطينيين قام الأمن الأردني بإرجاعهم على الحدود مع سوريا دون أن يقدم أسبابا لذلك " .

ورغم أن الأردن لم يوقع على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، إلا أنه مُلزم بموجب القانون العرفي الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يمنع الدول من إعادة أي شخص إلى دولة تكون فيها حياته وحريته مهددتان، أو يواجه فيها تهديدًا جديًا بالتعرض إلى التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه "يتعين على الأردن أن يُوسع سياسته الحالية التي تمنح "الضيوف" السوريين حماية مؤقتة بحكم الأمر الواقع لتشمل الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين هربوا من النزاع الدائر هناك " .

واضافت إن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةيحظر أي تمييز بسبب الأصل القومي، وهو ما يعني أن التمييز في معاملة السوريين والفلسطينيين يجب أن يكون مبررًا بشكل واضح، وذلك ما فشلت السلطات الأردنية في إثباته" .

وتابعت إنه "إذا كانت لدى السلطات الأردنية مخاوف من أن الفلسطينيين الفارين من سوريا يُشكلون تهديدًا لأمنها الوطني، فيتعين عليها العمل بالقانون الدولي وتقديم تبريرات فردية تثبت ضرورة كل عملية احتجاز على حدة، بما يتفق مع القانون الأردني وبما يسمح لخضوعها للمراجعة القضائية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على مجموعة كاملة من الأشخاص على أنهم يشكلون تهديدًا ما " .

وقال جيري سمسون "يتعين على الأردن السماح لجميع طالبي اللجوء الفارين من العنف في سوريا بدخول أراضيه والبقاء فيها ولو بشكل مؤقت. كما يجب استقبال هؤلاء الأشخاص دون تمييز بينهم بناءً على أصلهم القومي، ودون تهديدهم بالاعتقال التعسفي والإعادة القسرية " .