عن أرقام الفساد

الآن، يتحدّثون عن ثمانين مليار دولار هي حصيلة فساد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وهرّبها خارج البلاد، وهو الرقم نفسه الذي سُرّب من صحافة غربية وكان قبل أكثر من سنة من نصيب فساد الرئيس المصري السابق المسجون حسني مبارك، واتّهم الرئيس التونسي الهارب قبل الاثنين بفساد قُدّر بعشرات المليارات.

الصحافة الغربية هي التي كانت تلقي بالارقام في سوق الاعلام، فتسري كالنار في الهشيم، وتبني توقّعات وتصنع تعجبات، ولكنّ ما ثبت حقيقة حتى الان أنّ الأرقام مضخّمة لا تصل إلى العُشر في أفضل الحالات، وبدا وكأنّ إطلاق الأرقام جزء من تأجيج حملة علاقات عامة تروّج للربيع العربي.

الحكام الثلاثة، بالضرورة، فاسدون بشكلّ مؤكد، ولكنّنا نتحدث هنا عن مصداقية الإعلام، وخصوصاً الغربي الذي لا يترك فُرصة إلاّ ويتكبّر علينا ويعطينا دروساً في المهنية والحرية والاستقلالية والمصدقية، وغيرها من شعارات لا يحترمها مطلقوها أبداً.

محلياً، بدا وكأنّ هناك مباراة ممنهجة ومنظمة بين وسائل إعلامية في تضخيم أرقام الفساد، مع ذكر أسماء الفاسدين، وحين كانت الأمور تصل إلى التحقيقات، والمحاكم، كنّا وما زلنا نسمع عن أرقام متواضعة مقارنة بالأولى، وفي قناعتنا أنّ الحرب على الفساد تتضرّر من الأمر، لأنّ الناس لن تصدّق بعد الان، وستواجه الأرقام الحقيقية للفساد بالسخرية، وهذا من الخطورة بمكان كبير.