الابـن

اخبار البلد
فوز محمد مرسي بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية بوصفه أول رئيس مدني منتخب من الشعب مباشرة وبفارق بسيط عن منافسه، وهو كرئيس إسلامي يقع تحت الأنظار وتحت التجربة فأي حركة منه يسارا او يمينا محسوبة ومراقبة أولا بأول، وإن مبادءه وخلفيته هي الأخرى مسلطة عليها الأضواء رضي أو غضب، علم أو لم يعلم، أراد أو رفض، وذلك لأن أي فعل يقوم به سيفسر بالطريقة التي يريدها المفسرون المحبون والمبغضون.
أول رد فعل على النجاح كان من ابنه أحمد الذي يعمل طبيباً في محافظة الإحساء منذ عامين عندما قال: «نطيعك ما أطعت الله فينا»، فهذا الكلام صادر من ابن الرئيس وليس ابن المدير أو الوزير أو رئيس الوزراء بل من ابن رئيس أكبر دولة عربية، مضيفا أنه لن يغادر الإحساء التي يعمل فيها وأنه مستمر بممارسة مهنته على رغم فوز والده بكرسي الرئاسة.
الطبيب أحمد لم يملأ الدنيا صخبا ولم يقم حفلة مجون ولم يركب اول طائرة مغادرة الى مصر ليكون الى جانب والده ليؤلف «لوبي» نصب واحتيال وانتفاع من موقع والده ولم يحرك فيه هذا النجاح إلا تعقيبا واحدا عندما وصف الفوز بقوله «إنه طبيعي ومن فضل الله وحب الجميع لوالدي».
الطبيب احمد محمد مرسي ابن رئيس مصر لم تأخذه العزة بالأثم ولم يتخل عن واجبه الإنساني كطبيب فهو لديه مرضى والتزامات عقد عمل مع المستشفى الذي يعمل به ولم يغير النجاح والفوز من أمره شيئا بل بقي في مقر عمله في قسم المسالك البولية والجراحة العامة في مستشفى المانع الأهلي في الإحساء ليضيف: «إنني أمارس حياتي بشكل طبيعي ولن يؤثر فوز والدي في حياتي».
ولم يتبادر الى ذهنه انه سينهي وضعه في المستشفى في اقرب فرصة كي يعود ويكون بجانب «الريس» الذي هو بحاجة الآن لعيون مخلصة وآذان تسمع عنه النقد قبل الحمد ليساعده هذا كله بتوجيه البوصلة التي يجب ان تكون في اتجاهها بل انه ضرب مثلا أعلى بكيفية استقبال أهم خبر في حياة ابن بفوز ابيه برئاسة الجمهورية ولكنه قال: «أنا مستمر بممارسة مهنة الطب» وهو المتزوج حديثاً إلى أنه فور إعلان النتائج اتصل بوالده وهنأه بالفوز»، وهنا انتهى الكلام المباح والمتاح والذي لا يحتمل زيادة في الوضوح.
وعندما يتدخل الزملاء لتقييم الرجل ووضعه وإمكانياته يجمعوا على أنه يتحلى بأخلاق عالية وأن تعامله مع زملاء العمل بمنتهى الرقي ولا يزيد على ابتسامة لمن يقابلهم، بل إنه يرفض التقاط صور مع المراجعين والمرضى باعتباره ابن الرئيس، وعزا ذلك إلى أمور خاصة جداً وطلب مرسى أن يمد الله والده بالعون وأن يكون خير ممثل للشعب المصري وأن يوفقه لما فيه خير الوطن والشعب المصري.
هذه أخلاق ابن عاش في أسرة متواضعة ما تزال عائلته تستأجر بيتا لتسكن فيه كغيرها من ملايين الشعب المصري، ولم يقفز في الهواء زهوا بما صنع وحقق أبوه بل انه ابن بار ملتزم يريد ان يكمل عمله في السعودية ولا يريد ان تغيره الأيام بل انه يأتي على نفسه فيكلمها ألا تفرحي أكثر من اللازم فمصر تحتاج لمعجزات لتحويلها لمنتجة ولتعود لاستقبال أبنائها الذين هجّرهم قسرا الهالك المحتجز في المكان الذي يليق به.
والمصريون الآن فرحون بما تم انجازه على الرغم من الإحساس الكبير بالخوف على التجربة والتخوف من مقارفة سلوك خاطئ من الرئيس الذي قد «يشده» العرق العقدي فتغرق مصر في طوفان الظلمات الذي لا يجوز العودة اليه من جديد بعد الإنجاز الضخم الذي تحقق.