الأردن : فقير أم مُفقّر؟

في جلسة نخبوية بالمقربة من الدوار الرابع، جرى نقاش محتدم بين الحضور حول الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمملكة و ما وراءها من أسباب و ما أمامها من حلول.
الحضور مجموعة متنوعة من رجال الأعمال والموظفين والمتقاعدين وأصحاب المهن
.


اكثر ما ميز النقاش كان التقاء الحضور عند نقطة البداية في الطرح ممثلة بأن الأردن دولة فقيرة تعتمد بالدرجة الأولى على المساعدات والهبات الخارجية، ونقطة النهاية ممثلة بمحاربة الفساد الذي اختزل من خيرات البلاد وأفقر العباد.

لا يلام من يجزم بأن الأردن دولة فقيرة شحيحة الموارد. فهذا ما تم ترسيخه في أذهان الكثيرين عبر مختلف القنوات التعليمية والاعلامية والاجتماعية.
الا ان ذلك لا يمنع من سبر غور إحداثيات الاقتصاد الأردني بغية الوصول إلى الحقيقة بطريقة علمية مستندة إلى المنطق.

هل الأردن بلد فقير شحيح الموارد؟.

من حيث الموارد الطبيعية، لا بد من التنبيه إلى أن الأردن يحتوي على 40 مليار طن من الصخر الزيتي، و 60 ألف طن من اليورانيوم، اضافة الى توقعات بوجود كميات كبيرة من الذهب و النحاس في منطقة وادي عربة.

هذا طبعا بعد الأخذ بالحسبان بأن الأردن يسهم بحوالي 5 بالمئة من مجمل عرض الفوسفات والبوتاس عالميا، ومن دون الركون إلى ما ستفضي إليه جهود التنقيب عن الغاز في منطقة الريشة وبما قد يكفي لتوليد جزء رئيسي من حاجات المملكة من الطاقة الكهربائية
.

أما من حيث الموارد السياحية، فلا يمكن انكار ما للبتراء والبحر الميت خصوصا من أهمية عالمية تستقطب السياح من مختلف انحاء العالم، الأمر الذي دفع دخلنا السياحي ليتجاوز الـ 2 مليار دولار سنوياً رغم الانفاق الزهيد المخصص لتسويق المملكة خارجيا.

كيف يكون الأردن من الدول الفقيرة وهو يتلقى تحويلات من مغتربيه بمليارات الدنانير سنويا وبما يشكل احد النسب الاكثر ارتفاعا عربيا وعالميا اذا ما قيست الى الناتج المحلي الاجمالي؟.

و كيف يكون الاردن فقيرا عندما يقر وزراء ماليته بان هدر الموازنة وحده يتجاوز المليار دينار وبما يكفي لسداد العجز المالي للدولة في الظروف الاعتيادية؟.

وكيف ينظر الى الاردن بانه فقير مع العلم بان التهرب الضريبي من قبل مكلفيه يناهز المليار دينار سنويا وبما يكفي لاقامة مشروعات رأسمالية تحرك الاقتصاد و تنعش الأيدي العاملة؟.

و كيف يُنعت الاردن بالفقر والحكومة تملك ما يزيد على مليار دينار من الودائع لدى البنوك منذ اعوام من دون القيام بانفاقها في الأوجه المثلى وبما يسهم في محاربة الفقر والبطالة؟.

وكيف يعتبر الاردن فقيرا و فاتورة الدعم التي تذهب بمعظمها الى جيوب أغنيائه قادرة وحدها على انهاء مشكلة الفقر في المملكة و لو نظريا؟.

بالنتيجة، وخلافا لوجهة النظر التقليدية، لا يمكن اعتبار الاردن ذي الـ 6 ملايين نسمة بانه فقير، بل مُفقر افقرته حكومات متعاقبة لم تفلح في التقاط الرسالة لا من رأس الهرم ولا من الشارع.