الركائز والبرامكة

اخبار البلد 
الحراك الأردني والذي هو إحدى حلقات الإنفجارات العربية في وجه الظلم والفساد والفقر وغياب العدالة الاجتماعية ، نعلم بأن من قام به هم أبناء العشائر الأردنية التي انتفضت في وجه من حاولوا استغلال صمتها الطويل ليقوضوا أركان الوطن والدولة برأسها الذي هو الدافع لذلك الصمت الطويل أملا وقناعة منهم بأن رأس نظامنا هو الأصلح لقيادة الأردن بتركيبته الديمغرافية التي فرضتها ظروف بعضها قهري وبعضها طوعي تلعب دورا هاما ورئيسا في تشكيل ماهية النهج العام للدولة داخليا وخارجيا .
وكما هو معروف وموثق والتاريخ يشهد بأن العشائر الأردنية هي التي استقبلت واحتضنت الهاشميين وساندت وأيدت ودعمت تأسيس الأردن كدولة رأس نظامها الهاشميون وارتضت بهم إيمانا منها بأن بنو هاشم أهل للحكم حيث جدهم الأعظم محمد (ص) ولحق بهم ما لحق من جور وظلم وخديعة من الإنجليز الذين خدعوا جدهم الشريف الحسين بن علي رحمه الله حيث لم يجدوا ضالتهم بالرجل لكي يعينهم على تنفيذ ما كانوا يحيكونه ويخططون له فبحثوا عن بديل تم تلميعه ودعمه ودخلنا مرحلة الإستعمار الأوروبي بدل الإستعمار العثماني التركي . وما قامت به العشائر الأردنية كان عرفانا وإقرارا بأن بنو هاشم هم أخيار الأمة والأجدر والأكثر أهلية لحكمها.
فالعشائر الأردنية بمنتهى القناعة والإقتناع والمحبة رضيت بالهاشمين مؤسسين وحكاما لدولتهم الأردنية . فيا ترى لو قامت هذه العشائر بعكس ما قامت به ، فكيف كان يمكن أن يكون الحال؟؟ وهذا تذكير بالتاريخ والشيء بالشيء يُذكر ليس إلا.
حيث لم يكن يسكن الأردن آنذاك إلا العشائر العربية الأردنية وغالبيتها قبيلة بني حسن بالإضافة للشركس والشيشان والقليل جدا من هنا وهناك. لم يكن الأردن بالتركيبة السكانية الفسيفسائية الحالية ذات الهجرات الثلاث كم أسماها الباني المرحوم الملك حسين ولم يكن يتواجد السوريون بأكرادهم ودروزهم وبدوهم وغيرهم ولا أرمن بل العشائر الأردنية بغالبيتها البدوية بالأحرى. وسؤالنا السابق نترك الإجابة عليه لأركان النظام مرورا بالمخابرات وانتهاءا بالديوان الملكي, الجهتان اللتان يظن أركانهما والقائمون على إدارتهما أنهم وحدهم من يحمون النظام ويحافظون عليه وما عداهم مشكوك به حتى يثبت العكس . والحقيقة أن العشائر الأردنية هي التي حمت وحافظت على النظام وما زالت لكونه صار جزءا منها وانصهر معها وأصبح من دعائم وثوابت الأردن كما العشائر.
فكلما استعرضنا التاريخ وجدنا أن العشائر هي الركائز واللبنات والنواة التي ارتكزعليها نظام الحكم منذ تأسيسه . رُبّ قائل أن الناس طابعهم البداوة آنذاك, نقول نعم حالهم حال غالبية العرب من المغرب حتى الخليج ينقصهم التعليم والتنظيم لكن الأهم الإرادة العشائرية التي توحدت لتشكل نواة دولة وتختار حاكمها وكلنا يعلم صعوبة قولبة البدوي وتحديثه وهو قد اعتاد الحرية والحركة دون موانع طبيعية أو بشرية.
فعندما تقوى هذه الركائز يقوى بها النظام وإن ضعفت ضعف بها . ونذكر ونستذكر الحقائق والبديهيات أن أي بنيان نظام حكم كان أو عمارة أو دين أو حركة أو حزب بدون قوه تسنده فهو قابل للإنهيار . فالإسلام,مثلا, بدأ سرا لعدم وجود قوة بشرية تحميه وبعد أن توفرت له بعد الله القوة البشرية الداعمة والمؤمنة به ظهر للعلن وانتشر وتمدد. والقوة عندما تتوفر فهي بحاجة لرفدها بالدعم لتبقى والصيانة لتستمر والمتابعة لتدوم وبديمومتها يدوم البنيان وبعكس ذلك ستضعف وتتصدع هذه الركائز وتنهار وينهار معها البنيان كاملا .
إن المكابرة بالمحسوس لن تجدي نفعا ولا يمكن تغطية الشمس بغربال ومن لا يرى من خلال المنخل فهو أعمى.هناك للأسف في الأردن من يحاولون إضعاف هذه الركائز الداعمة للنظام وقولبتها لتبدو أنها لم تعد مؤهلة لتسند البنيان بل هناك البديل الجاهز والصامت والذي ينتظر لفتة عطف وإشارة من الملك ليقوم هذا البديل بالمهمة ويحل محل العشائر الركائز والأعمدة الداعمة لديمومة البناء التي تمأسست سبل تهميشها وضربها ببعضها من خلال فبركة صورتها لتبدو ضعيفة ولا تصلح للمرحلة .
محاولات التهميش والتفكيك والإضعاف للعشائرالركائز نراها قائمة لتخدم شرذمة (تبرمكت) وتحاول فرض (برمكيتها) على الدولة لتضمن بقاءها كي تستمر بالبيع والشراء لتهلك الوطن والشعب لدفعه لقبول ما تريد فرضه عليه. وما ذلك إلا إضعاف للوطن والنظام والدولة حتى يتم تسهيل الصعب وتذليل العقبات التي تقف في طريق إحكام القبضة على الأردن وتسييره نحو ما لا تريده العشائر من ضياع للوطن ومكتسباته ومقدراته وأمواله التي نهبها هؤلاء المرتزقه والدخلاء والسماسره الذين لم يدخروا جهدا لإفقار أبناء العشائر الركائز التي تماسكها وقوتها هي تماسك وقوة للوطن وسند للنظام لأن إيمانها بوطنها الذي هو مرتكز إنتمائها لن يتغير وإن تغيرت الظروف . أما من يدّعون ويتظاهرون بولائهم للنظام وانتمائهم للأردن والولاء والإنتماء براء منهم, ما هم إلا حفنة مسترزقة متسلقة ما أن ينضب مصدر استرزاقها سيكونوا أول الهاربين للبحث عن مصدرآخر يستجدون ويركعون ويقبلون الأيادي والأرجل كي يبدأوا تسلقهم ويعلون ثانية وهكذا دواليك لأنهم اعتادوا الخراب وسيلة للبيع والتملق سبيلا للوصول والخدعة طريقا للغنى والنفاق أداة للثقة والكذب منجاة من الحقيقة .
فللساعين لتهميش العشائر وتفكيكها ممن يسمون بأصحاب الشد العكسي ، والمقاومين للإصلاح ، والمحتمين بجنسياتهم الأجنبية ، والبرامكة والكوهينيين ، نقول مهما علوتم ومهما اكتسبتم من مكانة ومهما اقتربتم بتحايلكم الخبيث من النظام ما أنتم بنظر العشائر الركائز إلا طفيليات القضاء عليها فرض عين والتخلص منها واجب وهدف ولن تنجحوا بمسعاكم المكشوف ولن تسمح لكم العشائر الركائز بالتمادي بنهجكم (البرمكي) المفضوح الذي أودى بنا لنكون عقبة كأداء تصطدمون بها أينما توجهتم وكيفما فكرتم .
وهذه دعوة ومناشدة بأعلى الصوت للمؤتمنين الغيارى على الأردن الراصدين لنبض الشارع والقائمين على رسم الصورة ونقلها للملك, نناشدكم بالله وبالوطن أن ترسموا وتنقلوا الصورة بحقيقتها وواقعها بل لتكن صورة (فيديوية) بصوتها وكافة مكوناتها . لا تلجأوا لأنصاف الحلول التي تريحكم وتهلك الشعب والتي تعليكم على حساب الشعب وتغنيكم وتفقر الشعب والتي تظنون أنها تنجيكم بعد إغراق الشعب .
إعلموا أن الشعب باق والوطن باق أما الحلقة الضيقة التي ( تبرمك ) النهج والسياسة فإلى زوال إنشاء الله مهما طال بها الزمان .
فلتقرأوا التاريخ لتستوعبوه وهو مليء بالعبر والدروس التي يمكن أن تكون منارا لنا ننشد وصولها لننعم بضوءها وفيئها وتكون محطة تريحنا .
منذ متى كانت العشائز الركائز أيها المقررون عبئا على الدولة وعلى النظام؟؟ منذ متى لم تكن بجانب النظام وعونا له في وجه من اعتبروه وما زالوا حجرعثرة في طريق تقدمهم ؟؟ منذ متى لم تكن المدافع والحامي للنظام ؟؟ إن كانت قناعتكم بأنها عبئ على النظام ، فهنا يجب التوقف لتعمل الحكمة عملها لتوضيح الصورة . وذلك يعني أن هناك ما لا تتفق عليه العشائر مع النظام ولا تراه بصالحها وصالح وطنها . وما دمتم تزعمون بالشفافية والديمقراطية اللتان لم تصلا الحد الأدنى المطلوب ، فلماذا لا يؤخذ برأي العشائرالركائز والتي هي الغالبية والغالبية في كل الدنيا هي قوام الديمقراطية وراسم ملامحها ؟؟
الأردن قائم على العشائر الركائز ، مهما حاول المشككون اللعب على وترالحداثة ومواكبة الزمن ، والعشائرهي دعائم النظام والإستقرار. وأستذكر في هذا المقام عندما حاولت السيدة ليلى شرف وعنما كانت وزيرة ثقافة وإعلام على ما أذكر واطلقت العنان للصحافة الحكومية بصحفها الثلاثة أو الأربعة التي لم يكن لدينا غيرها وسمحت لها بالخوض في موضوع مقاومة العشائرية وطمسها ومعاليها والمرحوم عبدالحميد شرف كانا صاحبي خلفية قومية ، واستمرت الصحافه بتصوير العشائرية أنها صورة من صور التخلف التي يجب إعادة النظر بشأنها وتهميشها وتمييع دورها ومكانتها .
ظل الحال كذلك إلى أن طل علينا طيب الله ثراه الحسين بخطاب حسم به أمر ذلك الإجتهاد البائس والتوجه اللامقبول مؤكدا على عشائريته الهاشميه وأنه من بني هاشم مصدر فخاره وهو الأساس الذي ارتضته العشائر الأردنية وقامت الدولة عليه . وأسكت بعدها كل الأفواه التي كانت تعرف الحقيقة ولكنها انحرفت عنها . فهذا دليل آخر على مدى ترسخ العشائرية الركائزية في الأردن وفي فكر الحسين وقد انتصر لها وناصرها فهل لنا أن نتوقع مناصرتها من شبل الحسين ؟؟
فإن أردتم اضعاف الوطن ، أضعفوا العشائر .
وإن أردتم تفكيك الوطن ، فككوا العشائر .
وإن أردتم تهميش الأردنيين ، فهمشوا العشائر .
وإن أردتم إهلاك الأردن ، فأهلكوا العشائر .
وإن أردتم اللعب على وتر الوحدة الوطنية ، ووتر الأردنيين من شتى المنابت والأصول ، فالحراك مكوناته العشائر فعليكم بها .
وإن أردتم العمل بما يرضي الله ، فهاكم العشائر .
وإن أردتم إرضاء الشعب ، فعليكم بالعشائر .
وإن أردتم الإستقرار والطمأنينة ، فلكم العشائر .
وإن أردتم العدل ، فاعدلوا بحق العشائر .
وإن أردتم حراثة الأرض ، فلا حارث لها إلا (عجولها) العشائر .
والذين يفترض أن يكونوا حلقة وصل بين الناس والقصر وأعني المخابرات والديوان الملكي والذين هم يصدرون صكوك الوطنية والإنتماء ، نقول لا بد لكم من المراجعة والحسابات الدقيقة قبل فوات الأوان وأنتم مؤتمنون على الكثير من الأمور التي تحدد معالم المسيرة والملك لا يستطيع بمفرده أن يراقب ويتابع ويقرأ كل شاردة وواردة فلا تعطوا الفرصة لتكونوا وجبة عشاء دسمة بل اجعلوا منهم وجبة غداء دافعين بها ثمن نعومتهم الخادعة وخبثهم اللذان يؤديا بالأردن إلى طريق نهايته لا يعلمها إلا الله . فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) سورة الأعلى.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن . والله من وراء القصد .
ababneh1958@yahoo.com