انقلاب وإلا فهي الثورة

اخبار البلد
في الوضع الراهن، ما الذي يمكن لمجلس نيابي وعدنا به أن يولد قبل نهاية العام أن يفعله، مهما كانت قوته وسلطته، بعد ضياع كل مقدرات البلد، وإغلاق ملفات الفساد، وخصخصة ما بقي من مؤسسات الدولة، والمصادقة على اتفاقيات التنقيب والتعدين، لما هو مكتشف ولما هو مأمول أن يكتشف، بفضل همة المجلس النيابي الحالي, الذي اقفل صفحات الماضي، وسيسلم المجلس القادم الوطن بصفحة جديدة بيضاء.
فنحن في الأردن بحاجة إلى ثورة، تسقط حكم المخابرات، والمتنفذين، وأصحاب المصالح، وجماعة الزند، والبطانة، وتُسقط كل الاتفاقيات المشبوهة، وتعيد فتح كل الملفات التي أغلقت برسم التستر وغض النظر عنها، بحجة عدم اغتيال الشخصية، نحن بحاجة إلى ثورة لا يقودها لبراليين، ولا ماسونيين، ولا حتى خريجين الجامعات الأمريكية والبريطانية، ولا أبناء الذوات، فقد سئمنا من سماع الوعود والحديث عن جدية المسعى إلى الإصلاح، بكلام أشبه ما يقال عنه انه وعود ساذجة، سينفذها أب لابنه الصغير عندما يكبر.
نعم نريدها ثورة يقودها أبناء الأردن الشرفاء، الذين يتحلون مع العلم بتدين يكون لهم ضابط سلوكي وأخلاقي، و تكون مصالح الشعب أولا أولوياتهم، وليس مصالحهم الشخصية، وبدون حزبية ولا عنصرية.
ولأننا نريدها ثورة بيضاء لا تنزف فيها الدماء، ولا تضيع فيها مقدرات البلاد التي كان ثمن توفيرها باهظا، بعد أن دفع الشعب ثمنها مرتين، مرة ثمنا من المنتج، ومرة ثمنا ممن اشتراها، نعم نريدها ثورة على كل من تولى سابقا المسؤولية، ونعتبره من فلول النظام السابق، نريدها ثورة على كل الأحلام التي كنا نخدع بها سابقا، نريدها ثورة على الشفافية الكاذبة التي كنا نسمع أنها تلف كل أعمال الدولة في السابق، نريدها ثورة على كل من كان يعتقد انه باسم النظام يخدم الوطن وهو في الواقع يسرق الوطن ويخدم نفسه وعصابته، نريدها ثورة على كل من يملي على بلادنا قراره ورأيه، نريدها ثورة على كل من يرى فينا أننا نحن اضعف من أن نعمل شيء، نريدها ثورة على كل من كان سبب في ضعفنا وهواننا، نريدها ثورة على الهزيمة التي زرعت في خلجات نفوسنا.
والشعب ماضي إلى هذه الثورة ولا رجعة عنها، ولكن أرى أن يعلن هذه الثورة الملك، وان يتبناها ويمضي بها لسببين اثنين، هما أن الملك تدين له الأجهزة الأمنية، وكثير ممن يتحمل أعباء المسؤولية في أجهزة الدولة الرسمية بالولاء والطاعة، وهذا الأمر يساعد في أن لا تقع البلاد في صدامات كالتي شهدتها الدول التي ثارت على حكامها، أما السبب الثاني، فهو أن الملك يستطيع بكل سهولة تغيير البطانة التي تحيط به، ويستطيع تحجيم المتنفذين من حوله، الأمر الذي يجعل من الدخول في عملية إصلاح حقيقية أمرا ممكنا وميسورا.
فأدعو الملك إلى تبني انقلاب على كل ما مضت عليه ليلة البارحة، بشكل سريع ومن غير تأني، فنحن في الأردن بحاجة إلى ثورة على كل ما هو مستهلك، من أفكار وتصريحات، وحتى أحلام لا سبيل إلى تحقيقها في ضوء إمكانياتنا الوطنية، لنصل إلى شاطئ النجاة.

kayedrkibat@gmail.com